حوار في حلقات حول عدة قضايا معاصرة مع المفكرالمغربي الدكتور محمد خمسي.. الحلقة الرابعة:إمارة المومنين وإصلاح مدونة الأسرة
*حاوره ذ.عبد الله مشنون
تتشرف جريدة إيطاليا تلغراف أن تستضيف مفكرًا خلقه الله ليفكر؛ وذلك على خمس حلقات.
الدكتور محمد الخمسي؛ لا يمكن اختزاله في هذه الفقرة من الكلمات؛ الدكتور محمد خمسي؛ وأنت تحاوره وتجالسه؛ قد تخاله داعية إسلامي؛ لكنه ليس كذلك؛ وقد تحسبه أستاذ متخصص في الجغرافيا والتاريخ وعلم الاجتماع؛ والصحفي المتمكن؛ لكنه غير ذلك. وقد تصنفه أستاذًا للقانون والاقتصاد؛ لكن يخيب ظنك.
الدكتور محمد الخمسي؛ البروفسور؛ المتخصص في الرياضيات؛ هو كل ذلك..! أستاذ جامعي بجامعة سيدي محمد ابن عبدالله بفاس كلية العلوم والتقنيات؛ هو مفكر استراتيجي وراصد اجتماعي ومحلل سياسي واقتصادي مغربي كبير.
ونحن نعلم؛ أنه لا يحب أن نتكلم عنه وعن إنجازاته؛ لكن مع ذلك؛ وتجاوزًا؛ نقول: أنه إنسان متواضع وخلوق؛ له بعد النظر؛ وله إسهامات فكرية وعملية وفعلية؛ في صناعة القرار ببلده؛ دون خلق الضجيج والثرثرة أو صناعة البوز كما يفعل الكثيرون.
محمد الخمسي:
– محصل على دكتورة في الرياضيات من معهد البوليتكنيك بنانسي بفرنسا العام 1994 في مجال الرياضيات والطاقة.
– محصل على دكتوراة الدولة في الرياضيات بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس المغرب.
– أستاذ التعاليم العالي.
– ساهم في مجال التكوين والاستشارات وتقديم الخبرات لمؤسسات وطنية و دولية.
– ساهم في تأسيس عدة جمعيات ومراكز لفائدة المجتمع المدني.
– أنتج وقدم عدة برامج إعلامية.
نعتذر منه؛ ومن جمهوره الكبير ومتتبعيه؛ إذا لم نقدمه كما يجب.
سؤال: يقول جلالة الملك: «أنا لا أحل حرامًا؛ ولا أحرم حلالًا.»
ما رأيكم دكتور خمسي في السجال الحالي حول إلحاق الولد في مجال النسب؟
جواب: هناك قضايا تناقش بمرجعيات وخلفيات ثقافية. وأخطر ما فيها هو الهدم المستبطن بشعارات غامضة. فعملية هدم الأسرة لا يقول بها عاقل في المجتمع المغربي لما يعرف ويعلم مسبقًا كلفة ذلك؛ وثمن ذلك. بل كثير من المجتمعات التي سافرت في هذا الاتجاه تعاني الآن من شرور متعددة وأزمات أسرية اجتماعية قاسية.
هناك خلط بين ضمان كرامة وحقوق كل مكونات المجتمع؛ وبين تفكيك عناصر قوته وإدخاله في ظلمات لا تنتهي. ومن هنا؛ وهي أحد عناصر قوة النظام السياسي المغربي؛ اعتماده على أرض صلبة ثابتة عبر التاريخ: إمارة المؤمنين وخصوصية الفتوي وما يتعلق بمفهوم الحلال والحرام؛ بمعنى أوضح تذكير جلالة الملك لكل المساهمين في النقاش وتطوير ما يتعلق بمدونة الأسرة على أن هناك سقف؛ وهذا السقف يذكر جلالة الملك بالالتزام به، وإنه تشريع من الله لا يمكن لإمارة المومنين إلا حمايته والدفاع عنه؛ بلغة الشرع والقانون.
رسم حدود الممكن والمعقول. لا ننسى أن المدونة قسمت المغاربة سابقًا بين مظاهرتين: واحدة في الرباط؛ والآخرى في الدار البيضاء؛ فتدخل جلالة الملك، وعين المرحوم السي امحمد بوستة -رحمه الله- لترأس لجنة تحكيم التي انتهت إلى تطوير المدونة وصيانة ثوابت بخصوصيات الأمة المغربية.
إني اعتبر قضية الأسرة ليست صراعًا بين الحداثيين والمحافظين، أو بين التقدمين والتقليدين؛ هو صراع بين البناء والهدم..!
نعم لكل ما يقوي من ضمانات حقوقية وكرامة لكل مكونات الأسرة المغربية. نعم لكل ما يحمي الطفلة والطفل المغربي. ولكن لا داعي إلى الهدم. أحيانًا إرضاءً لأجندات معروفة، كما أنه لا يمكن اعتماد فقه متكلس جامد.
* والخلاصة:
علمًا أنه كلما اتسعت دائرة النقاش بدون قواعد وبدون خبراء ومتخصصين؛ كلما كثرت الشعبوية في الموضوع وظهر من يحرمون أو يحلون بغير سلطان ولا علم ولا هدى منير.
ترقبوا الحلقة الخامسة والأخيرة من الحوار في العدد القادم.
*إعلامي وكاتب صحفي مقيم بايطاليا