الرباط – كشفت إحصائيات حديثة يوم الثلاثاء أن مؤشر التضخم في السوق المغربية استمر في الانخفاض للشهر الخامس على التوالي، في دليل على خفوت الأسعار جراء السياسات الحكومية التي تستهدف السيطرة على منحاها الصعودي.
وذكرت المندوبية السامية للتخطيط، وهي الهيئة الحكومية المكلفة بالإحصاءات، في نشرتها الشهرية أن التضخم تباطأ في الشهر الماضي ليبلغ نسبة 4.9 في المئة.
وكان معدل التضخم وصل إلى 10.1 في المئة بنهاية فبراير الماضي، قبل أن يبدأ تراجعه التدريجي ليصل إلى 5.5 في المئة خلال يونيو، بعدما سجّل 6.6 في المئة كمعدل وسطي سنوي خلال العام الماضي، مقابل 1.5 في المئة كمتوسط في العقدين الماضيين.
وأفادت المندوبية بأن ارتفاع التضخم في يوليو نتج عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 11.7 في المئة وأسعار المواد غير الغذائية بنسبة 0.4 في المئة.
في المقابل تراوحت نسب التغير للمواد غير الغذائية بين انخفاض نسبته سبعة في المئة لكلفة النقل، وارتفاع نسبته 5.8 في المئة للمطاعم والفنادق.
ويبدو أن سياسة البنك المركزي نجحت إلى حد ما في كبح جماح التضخم الذي بدأ العام الماضي مع تداعيات الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا وما نتج عنها من ارتفاع في أسعار المواد الأولية والمحروقات.
ويجمع محللون على أن توقعات الفائدة في المغرب تتأرجح بين سيناريو التخفيف ووقف دورة التشديد على وقع تباطؤ وتيرة التضخم في الأسواق التجارية خلال الفترة الأخيرة، ما يمنح الناس والأعمال فرصة لالتقاط الأنفاس ويسمح للاقتصاد بالنمو.
◙ ارتفاع التضخم في يوليو نتج عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 11.7 في المئة وأسعار المواد غير الغذائية بنسبة 0.4 في المئة
وشدد بنك المغرب المركزي سياسته النقدية منذ سبتمبر من العام الماضي برفع سعر الفائدة الرئيسي ثلاث مرات ليصل حالياً إلى 3 في المئة.
وقرر التوقف مؤقتاً عن رفعه في يونيو الماضي على أن يتخذ قراراً جديداً في اجتماعه المرتقب الشهر المقبل.
وتبقى الآفاق الاقتصادية محليا ودوليا عنصرا يُؤخذ في الاعتبار من قِبل صناع القرار النقدي في المغرب قبل اتخاذ قرار بشأن الفائدة.
والرهان الأساسي بالنسبة إليهم هو الموازنة بين ضبط مساعي كبح التضخم، وفي الوقت ذاته دعم الانتعاش الاقتصادي، وهي مسؤولية صعبة تُلقى مجدداً على عاتق محافظ المركزي المخضرم عبداللطيف الجواهري.
وتشير التوقعات الحكومية إلى أن معدل التضخم السنوي في العام الجاري سيصل إلى 5.6 في المئة على أن ينخفض إلى 3.4 في المئة خلال العام المقبل، ثم إلى اثنين في المئة خلال عامي 2025 و2026.
وشكلت المحروقات العام الماضي أكبر عوامل ارتفاع الأسعار، ومنذ بداية هذا العام صارت أسعار المواد الغذائية وراء التضخم نتيجة الجفاف المستمر للموسم الثاني على التوالي بشكل دفع الحكومة إلى إقرار حزمة من الإجراءات لمواجهة ارتفاع الأسعار.
ويسود التخوف من أن تعود أرقام التضخم إلى الارتفاع مع تسجيل أسعار المحروقات أربع زيادات متتالية منذ بداية أغسطس لتصل حالياً إلى 13.36 درهم (1.34 دولار) للتر الواحد من الغازوال وأكثر من 15 درهماً للبنزين.
وجاءت هذه الارتفاعات المتتالية فيما يجري مجلس المنافسة تحقيقاً حول شبهة وجود اتفاق بين شركات توزيع المحروقات لإبقاء الأسعار متقاربة ضد ما تقتضيه المنافسة.
وأسعار الوقود في السوق المغربية محررة منذ عام 2015، بعدما كانت تُدعم عبر صندوق المقاصة الذي يدعم حالياً السكر والدقيق وغاز البوتان.
وسجّلت الحكومة عجزا في الميزانية بنحو 29.2 مليار درهم (2.93 مليار دولار) منذ بداية العام حتى نهاية شهر يوليو الماضي، مع تزايد النفقات بصورة تتجاوز نمو الإيرادات.
وتفاقم عجز الميزانية بنحو 14.51 في المئة خلال سبعة أشهر على أساس سنوي، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والمالية التي نشرتها الأسبوع الماضي.
وتتوقع الحكومة بلوغ عجز الميزانية 65.6 مليار درهم (6.44 مليار دولار) في نهاية العام، وهو ما يمثل 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 5.1 في المئة العام الماضي