الفرار دون الاعتذار…هناوي وأصل العداوة لمحور المقاومة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

ذ.إدريس عدار

 

 

 

ما أبسط التخلص من الماضي بكلمة واحدة في جغرافية لا تعتني بالتاريخ. الانقلاب في المواقف حسب الظرف وحسب التحولات حالة بسيطة. تنتقل من النقيض إلى النقيض دون مراجعات. لكن عندما تكلف نفس أن تحصي على الناس أنفاسها ينبغي تبرير تحولاتك. ليس مقبولا أن تنقلب على موقفك دون اعتذار مما سلف منك.
عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع وابن التوحيد والإصلاح، حاضر في كثير من التنظيمات التي تهتم بـ”المقاومة”، معروف بعدائه لمحور المقاومة، لكن على حين غرة استمتعت إليه في كلام لا علاقة له بما سبق. في حوار مع إلياس الخريسي على قناته في اليوتوب، تحدث عزيز هناوي قضية “الوعد الصادق”، أي الضربة الإيرانية التي وجهتها للكاين المؤقت، ورفض أن ينساق الشباب مع ادعاءات أنها مسرحية، كما قال إن المخطط كان واضحا هو ضرب ليبيا وسوريا واليمن والعراق حتى يخلو الجو لإسرائيل لتفعل ما تشاء، مشددا على أن الوقت ليس هو مناقشة موضوع “الشيعة والسنة” ولكن الوقت هو وقت دعم المقاومة.
كي نصدق هناوي، ينبغي أن تكون لدينا ذاكرة مثقوبة، والحمد لله، كنا ولا زلنا نرصد هؤلاء الخلطاء ونراقب تحولاتهم، بل نسبقهم في معرفة المرحلة التي سيقدمون عليها، بدليل أنني كتبت أكثر من مرة أنهم بعد اتضاح الأمور سينقلبون.

كيف أصبحت سوريا اليوم من الدول التي جرت مؤامرة، بينما كانت بالأمس عند هناوي أرضا تجري فوقها ثورة شعبية؟ لا تلتقي المؤامرة التي تخدم إسرائيل ب”ثورة الشعب السوري”.
هناوي، نظم وقفة احتجاجية يوم 29 ماي 2012، للتضامن مع الثورة السورية، وأخذ الكلمة طويلا كال فيها الاتهامات للدولة السورية بشكل كبير، ومما قاله “إن النظام السوري فقد شرعيته وعليه أن يرحل” رافعا شعار: أسقطوا النظام السوري الغاشم .
كان أحمد ويحمان، رئيس المرصد، حاول تبرير مواقف رفيقه بأنها قديمة، وقد استنقذه من ذلك، بينما ويحمان نفسه لم يوضح لحد الآن تصريحاته حول دعم حق الشعب السوري في تقرير مصيره، الواردة في حواره مع صحيفة الأسبوع الصحفي الأسبوعية، لكن القصة التي لم يتمكن ويحمان من الهروب منها، هو أن هناوي بقي على مقاوفه طوال هذه الفترة التي عرفت المؤامرة ضد سوريا.
لقد كرر هذا الكلام يوم 18 أكتوبر 2018 بصيغة أخرى، حيث أكد بصفته نائب منسق المبادرة المغربية للدعم والنصرة (تنظيم مواز تابع للتوحيد والإصلاح) في تصريح لــ”هسبريس”، عقب وقفة تضامنية، “أن الوقفة الاحتجاجية رمزية يراد من خلالها إبلاغ وزراء الخارجية العرب برسالة مفادها أن الشعب السوري الشقيق يقتل أمام أنظار العالم وآن الأوان أن تفعل هذه الجامعة شيئا لصالح شعب سوريا، مع ضرورة تفعيل قرار الجامعة القاضي بتجميد عضوية سوريا في الجامعة ثم تفعيل حماية المدنيين والاعتراف بالمجلس الوطني السوري كمخاطب وممثل رسمي للشعب السوري ” .

وكانت ما يسمى المبادرة المغربية للدعم والنصرة نظمت “بمشاركة عدد من الفعاليات الحقوقية والمدنية وقفة تضامنية مع انتفاضة الشعب السوري وتنديدية بالمجازر التي يرتكبها النظام السوري بقيادة بشار الأسد، وذلك يوم الثلاثاء 9 غشت 2013 أمام ساحة البريد بالرباط ” .
المعادلة صعبة للغاية: هل ما جرى في سوريا مؤامرة كما قال في حواره الأخيرة أم هي ثورة الشعب السوري كما دأب على الترديد طوال السنوات الماضية؟
أما دعوة ترك النقاش السني الشيعي لأنه ليس وقته فهي مجرد فرار من تاريخ مليء بالتشنيع ضد محور كامل. وقفنا يوم 19 دجنبر 2019، على لقاء بمقر حركة التوحيد والإصلاح، لاستقبال أحمد ويحمان، والاحتفاء به، وكان في استقباله عزيز هناوي ومحمد بولوز. وصفق هناوي كثيرا للعناق بين ويحمان وبولوز. هذا الأخير من أشد نشطاء الحركة حقدا على محور المقاومة ويصف حزب الله بحزب اللات ويكفر الشيعة في كثير من الأنشطة التي تنظمها الحركة. وهو لا يخفي ذلك وقد كتب مقالات كثيرة يمكن ذكر واحد منها تحت عنوان ” معظم الشيعة منافقون إذا تمسكنوا و”دواعش” إذا تمكنوا ، قال فيه ” إن ما جرى في التاريخ وما يجري أمام أعيننا الآن في العراق وسوريا واليمن وغيرها يجعلنا فعلا مع الشيعة أمام أخطر من الدواعش في التكفير والقتل والتهجير ومخلتف أشكال إقصاء الآخر وتنحيته من الوجود والحياة. فمعظمهم مما تأكد لي أنهم منافقون متمسحون بالإسلام ، الذي يريدون والذي يريده لهم دهاقنتهم الكبار، ويتمسحون بكل مقولة تمكن لهم من: حق الاختلاف والتعددية المذهبية وحقوق الإنسان وكونهم من الفرق الأصولية وليسوا من الإخباريين وأنهم أوفياء لآل البيت وللدولة العلوية متناسين أنهم من قاتل الدولة الإدريسية من قبل وساهم في إسقاطها وهم من لب آل البيت، وأما إذا تقوى الشيعة وتمكنوا فالخبر منهم ما كان في التاريخ وما نراه منهم اليوم، ولله في خلقه شؤون، والعاقل من يعتبر، والمومن لا يلدغ من جحر مرتين”.
وكتب بولوز صديق ويحمان ومُكرّمه مقالا ردا على بيان لوزارة الخارجية المغربية حول الدور السياسي لروسيا من أجل إيجاد حل سلمي بعد تصريحات عبد الإله بنكيران المسيئة لهذا البلد، مقالا تحت عنوان “وزارة خارجيتنا تحترم الجرائم الروسية في سوريا”.

وقال بولوز في المقال المذكور ” كما هو واضح جلي للعيان جاء الروس لإنقاذ أعتى مجرم عرفته البشرية، وأشرس عصابة سلطت على شعب مستضعف، اجتمع عليه الحقد الشيعي من إيران وعصابتها الاجرامية في لبنان، والوحشية الروسية، والجنون الداعشي والتخاذل العربي والاسلامي والمكر الأمريكي والنفاق الأوروبي وسوء إدارة الصراع من فصائل مقاومة الظلم والاستبداد” وأضاف ” وها هي العصابة الأسدية قد بغت وظلمت واعتدت بكل أصناف العدوان وجلبت على شعبها مختلف عصابات الحقد لتكمل ما عجزت عن فعله فيهم وضمنها العصابات الروسية التي تقتل وتدمر بلا شفقة ولا رحمة ولا وخزة ضمير، أمثل هؤلاء يقال في حقهم عبارات الاحترام؟ وإذ لم تكن فيها الرجولة الكاملة والقدرة على النصرة الحقيقية بالسلاح ورد العدوان، فلا أقل من الصمت والحياء من موقفنا المخجل، ومهما قيل في أمر المصالح الموهومة والتي يأخذون منها هم بالنصيب الأوفر قبل أن يعطونا بعض الفتات، فالمبادئ أولى عند الرجال من ذوي العراقة الحضارية والأصول التاريخية في نصرة المستضعفين والوقوف بجانب المظلومين بما يحفظ حياتهم وكرامتهم، وليس في تملق الطغاة وتزكية أفعال الظالمين” .
مما رصدناه سابقا أن هناوي يحسن استعمال القبعات الكثيرة التي يستعمل. لما يريد التعبير عن موقفه من سوريا ولما يخرج مطالبا بإسقاط الدولة هناك والدعوة للتدخل الأجنبي ودعم المسلحين وإرسالهم، ينزع هذه القبعات ويلبس صفة عضو المبادرة المغربية للدعم والنصرة التابعة للتوحيد والإصلاح، وهو أول من خرج مطالبا بطرد السفير السوري من الرباط، رفقة امحمد الهيلالي، المشهور بعبارة “نصر الله يا حقير عاقت بك الجماهير”. أكثر من ذلك هناوي ومن معه دعوا إلى إرسال الشباب للقتال هناك معبرين عن قدرتهم هم أيضا على ذلك، والمشهور أيضا بالتدوينة الغريبة حول قاسم سليماني الذي أسماه بالجنرال الدموي.

هناوي، الذي يدعو الشباب إلى عدم الاهتمام بالصراع السني الشيعي، تعمّد في أحضان أكبر حركة تكن عداء للشيعة، بل تعتبر أنها نجحت في صد الروافض، الذي هو مشروعها الأساسي، منذ أن قام زعيمها بتوزيع كتاب “عودة المجوس” لزين العابدين سرور و”الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف”.
هذا التاريخ وراءكم وهو مدون ومكتوب ومسجل وحاولت الحركة التخلص منه لكنها لم تستطع. بعض الفيديوهات تم مسحها وأخرى استحالت عليهم. فقبل أن تفر عليك أن تعتذر. أو على الأقل تقول بأنك كنت على موقف واليوم على آخر لاعتبارات محسوبة لديك.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...