د. أحمد المحمدي
جعل الله بعض الأيام مستودعا لمضاعفة الطاعات ومحلا للقربات، ومن تلك الأيام: عشر ذي الحجة الأول، التي أعلى الله شأنها، وعظم أمرها، فليس في الأيام ما يماثلها، ولا في أجور الأعمال ما يعدلها، أقسم الله بها، ولا يقسم الله إلا بمعظم فقال: (وَالفَجرِ وَلَيَالٍ عَشرٍ) وهي الأيام المعلومات التي أخبر الله عنه بقوله: (لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ) قال ابن عباس هي أيام العشر.
وجاءت السنة كاشفة أجرها، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِن هَذهِ الأيَّامِ العَشرِ. قَالوا: يا رَسُولَ اللهِ! ولا الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ: ولا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرجِع مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ».
وقد خصت تلك الأيام بهذه المزايا لعدة أمور:
1- اجتمعت فيها أمات العبادة: من صلاة وصيام وصدقة وحج وهذا لا يجتمع إلا في هذه الأيام.
2- فيها يوم (التروية) وهو مبتدأ أعمال الحج، ولا يكون إلا في العشر.
3- وفيها يوم عرفة قال عنه صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ يَومٍ أَكثَرُ مِن أَنْ يُعتِقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَبدًا مِن النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» وخير الدعاء فيه كما قال صلى الله عليه وسلم: «خَيرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، وَلَهُ الحَمدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ».
4- وفيها يوم النحر وهو أعظم أيام الدنيا قال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَومُ النَّحرِ».
هذه الأيام المباركة يجب على المسلم أن يستغل كل أوقاتها بفعل الطاعات ومنها:
1- الحج والعمرة لمن استطاع: وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة.
2- الصيام: وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وآكد الصيام: صوم يوم عرفة: فقد قال صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».
3- الصلاة: قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».
4- كثرة التكبير والتحميد والتهليل والذكر: قال البخاري: «كان ابن عمر وأبوهريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يُكبّران ويكبر الناس بتكبيرها.
5- الصدقة: قال صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَة مِنْ مال»
فهنيئا لمن استغلها في تلك الأعمال وغيرها كقراءة القرآن وتعلمه، والاستغفار، وبر الوالدين، وصلة الأرحام والأقارب، وإفشاء السلام وإطعام الطعام، والإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.