ذ.عبد القادر الفرساوي
تحت ظل القيادة الملكية الرشيدة، ينطلق المغرب في رحلة جديدة لاستعادة أدمغة أبنائه المبدعين المقيمين في أصقاع الأرض. في مسعى لتوظيف تجاربهم الغنية ومهاراتهم الفريدة، يخطو الوطن نحو تعزيز نهضته وتسريع عجلة تقدمه. وتبرز رؤية الملك محمد السادس كمنارة في هذا المسعى، حيث دعا في أغسطس 2022 إلى إقامة علاقات هيكلية مع النابغين المغاربة في الشتات، مشدداً على أهمية استثمار خبراتهم في تطوير الوطن.
تتجسد استراتيجية المغرب في هذا المجال عبر آلية متكاملة تهدف إلى جذب هؤلاء الكفاءات من خلال فتح أبواب الاستثمار وتوفير بيئة محفزة للعودة والمساهمة
في المشاريع الوطنية. هذا البرنامج الطموح لا يكتفي بالاستقطاب بل يسعى إلى دمج المبدعين في تصميم وتنفيذ مشاريع تنموية، مما يتيح لهم تبادل الأفكار والخبرات ويسهم في تعزيز اقتصاد الوطن.
وفي هذا السياق، يضاعف المغرب من جاذبيته بتقديم حوافز مغرية للمستثمرين وضمانات قوية عبر الميثاق الاستثماري الجديد، مما يفتح المجال أمام الشباب ورجال الأعمال المغاربة في الشتات للاستفادة من الفرص المتاحة.
يأتي في هذا الإطار ذكر المفكر المغربي الراحل مهدي المنجرة، الذي كان من المبادرين بالتحذير من هجرة العقول، وناشد باستمرار استقطاب الكفاءات المغربية المهاجرة في أوروبا وأمريكا. فقد رأى المنجرة في هذه العقول اللامعة مفتاحاً لتحول حقيقي في الوطن، مؤكدًا على أهمية عودتها لتعزيز مسيرة التطور في المغرب.
وبحسب التقرير الأخير للبنك الدولي، فقد اتخذ المغرب خطوات جادة في تنفيذ إصلاحات حيوية تدعم نموذج نمو يعتمد على القطاع الخاص ويشجع على خلق فرص عمل جديدة. كما شرع المغرب في تبني سياسات متقدمة لتعزيز البحث العلمي وفتح آفاق أوسع للتكنولوجيا.
ويبرز من تصريحات عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن الهدف الأسمى من هذه الاستراتيجية هو دمج الكفاءات المهاجرة بفعالية في العملية التنموية الوطنية، بما يضمن نجاح مشاريع التنمية. يشدد بوصوف على ضرورة تحسين إدارة هذا المسعى من خلال تشريعات متكاملة وتعزيز التواصل بين جميع الأطراف، بما يتطلب خطوات تشريعية في مجالات التعليم والإسكان والرعاية الاجتماعية والاعتراف بالمؤهلات.
في هذا السياق، نظمت الدورة الثانية عشرة لجائزة ديوان، التي سلطت الضوء على كفاءات المجتمع المغربي في بلجيكا، وشهدت حضور شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء البلجيكي والسفير المغربي في بلجيكا ولوكسمبورغ. هذه الفعاليات تعكس التزام المغرب بتقدير إنجازات أبنائه في المهجر وتعزيز تميزهم.
من خلال هذه المبادرات، يبني المغرب أسس نهضة وطنية تتماشى مع متطلبات العصر، مستفيدًا من كل طاقات أبنائه سواء كانوا في الداخل أو الخارج، ليؤسس لمستقبل مزدهر يرتكز على المعرفة والابتكار والتنمية المستدامة.