خيري بوزاني
كاتب من كوردستان العراق
قصيدة “طعنات من وراء المحيطات” للشاعر الرحالة بدل رفو المزوري تمثل قصيدة نقدية أدبية فنية تعبّر عن حالة الاغتراب والحنين للوطن، وتسلط الضوء على التجارب الشخصية والمشاعر الجماعية للمغتربين والمهاجرين.
تبدأ القصيدة بصرخة لعبث الحياة واستغاثات مكبوتة تصدر من وراء المحيطات، مشيرة إلى عدم اهتمام العالم بمعاناة هؤلاء المغتربين وعدم وجود بلدان تستقبلهم بأذرع مفتوحة. تعبّر الأبيات عن الألم واليأس الذي ينتاب الشاعر وزملائه في الاغتراب، حيث يتحدث عن الأمل المنكسر والصعوبات التي يواجهونها في بلادهم المضطربة بسبب الحروب.
الأبيات تشير أيضًا إلى الواقع المرير الذي يعيشه هؤلاء المغتربين، حيث يستخدم الشاعر تعابير مثل “عسل مزيف” و”جري صوب المجهول” لوصف تجاربهم الصعبة والمريرة. يشير إلى الأحزان والمشاكل التي يعاني منها الكورد، ويصف الوطن بأنه مكانًا للأمل والتاريخ المدمّر بسبب الحروب والصراعات.
القصيدة تستخدم اللغة الشاعرية للتعبير عن المشاعر والصور البصرية التي تعكس حالة الاغتراب والحنين للوطن. يصف الشاعر الحنين بأنه “طائر حزين ينهش نهايات الليل بوجع”، ويستخدم صورًا مثل “مدارات الغربة” و”سجن انفرادي” لتوصيل تجربته المريرة كمغترب.
يعكس الشاعر أيضًا تأثير الاغتراب على الشخصية والهوية، حيث يصف الشاعر نفسه بأنه شاعر من دون دنيا، ويصف وطنه بأنه قلم وقرطاس وجبال وسلام، يعبّر عن رغبته في أن يكون صوتًا للمساكين واليتامى، وأن يكون وطنًا للمغتربين.
القصيدة تستخدم أيضًا مجموعة متنوعة من الصور الشعرية والتشبيهات للتعبير عن المشاعر والأفكار، وتستخدم اللغة الشعرية بشكل عام لخلق تأثير عاطفي عميق. تعبّر القصيدة عن الأمل المتقد في نفوس المغتربين والرغبة في العثور على الحرية والسلام الذين فقدوهما في وطنهم.
إذن، ، تعتبر قصيدة “طعنات من وراء المحيطات” قصيدة نقدية أدبية فنية تعبر عن تجربة الاغتراب والحنين للوطن. تستخدم القصيدة لغة شعرية معبّرة وصورًا قوية لتحمل القارئ إلى عوالم الشاعر ومشاعره.
———————-
نص قصيدة طعنات من وراء المحيطات
للشاعر: بدل رفو المزوري
يا لعبث الحياة بنا..
يا لأحتضارات القناديل في دروبنا..
يا مرافئ الصباحات المتكسرة
على عتبات بيبان دورنا العتيقة..
لا أحد يسمع استغاثاتنا من وراء المحيطات،
ولا أوطان تُلملم أشلاءنا المشتّتة..
لا بلدان تفرش أساطيرها لتقدح شرارة أملٍ
كي نداوي تاريخا أهلكتهُ الحروب،
لنسقي أرواحاً متعطشة لصبر ايوب ..!!
* *
عسلٌ مزيف..
جريٌ صوب المجهول..
أمسكنا الحلم بأيادٍ عارية
أعادت لنا عشق الحياة لنصرع الزيف
وأحزان الكورد ،
صراخات الفقراء ، ورثاءات البؤساء..
لكن هَوسُنا للحرية غدا أحلاماً جاثية
تطاردها الكلاب والغربان ،
حقدٌ يُعشعشُ في مرابع النرجس
وطعنات تلو الطعنات ،
ولم تُفزعنا الفصول في لجّة زيف الانسان
وحزن الغيوم على رواسب العمر وخريفه الحجري.. !!
* *
طائر حزين ينهش نهايات الليل بوجعٍ..
وفي مدارات الغربة ،
عاودنا الحنين للوطن..
يا ويحهُ.. يمطر في دم المغترب
درباً معزولاً..
أثقالاً واحتضاراً وجروحاً
إعتصرت مدن الشاعر.. !!
حنينٌ أطفأ نكهة الليل والريح بمرارةٍ
ليُحرقهُ الحزنُ بهزائم وغرق
في ثلوج جبال القوقاز ..!!
* *
في حانات الغربة ..
رقصت الحقيقة بحثاً عن تاريخ ثمل
وضبابُ الرقصات غطى التاريخ
داخل سجن انفرادي.. !
أيا أيها الشاعر..
قاسية دروبك..
فأنثر السلام ،لملم أشلاء قصائدك
اطلقها طائراً حراً
لتطفئ رثاءات المساكين واليتامى
لتغدوا حنجرتك أبجدية للانسان
ووطنا للمغتربين،
فإياك ان تنطقها (لا وطن لي)
وطنك..قرطاس وقلم
أوطانٌ وجبالٌ ، سلامٌ وطيبة فقراء..
ظهرُ الموجِ سرجُكَ
ونجومُ السماء أعيُنُكَ
السلام وطنك.. !!
* *
إمضِ على لآلئ قصائد الحرية ،
لتكن بلسماً على جروح الانسان .
أنت دُنيا من لا دُنيا له..
مصيرك..ملحمةٌ ، اسطورةٌ
على خرائط استوطنت قدر الانسان.
ما أحلاك ..
وأنت تغسلُ أوجاعنا وكآبتنا
من غدرِ الانسان والطغاة
ومن طعناتٍ في تخوم الذاكرة
وبعدها سيُغرقكَ الحلم
حتى النسيان.. !