مستقبل 3000 طالب مغربي في قبرص: بين أروقة البيروقراطية ووعود الحكومة المهملة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

 

 

أكثر من 3000 طالب مغربي في قبرص الشمالية، هؤلاء الذين غادروا بلادهم على أمل تحقيق حلمهم في التحصيل العلمي، يجدون أنفسهم اليوم في وضع لا يُحسدون عليه. كان الهدف واضحًا: العلم والمعرفة، ولكنهم فوجئوا بأنهم أصبحوا ضحايا لقرارات بيروقراطية تتقاذفها وزارات مختلفة، تقرر مصيرهم بين الحين والآخر بلا أي اعتبار لحقوقهم أو لتضحياتهم.

كان هؤلاء الطلاب بالأمس يفاخرون أمام أهلهم وأصدقائهم بأنهم سافروا إلى قبرص للحصول على تعليم معترف به، بناءً على إجابة رسمية من وزارة التعليم العالي المغربية التي أكدت أن الجامعة التي التحقوا بها معترف بها من قبل الدولة. في لحظة، كانوا على يقين من أن المستقبل سيكون مشرقًا، لكن سرعان ما تبخرت تلك الآمال مع أول هزة مفاجئة: المغرب لم يعد يعترف بشهادات قبرص، ولا أحد يعلم السبب الحقيقي وراء هذا التغيير المفاجئ.

الأبناء الذين سافروا وتركوا عائلاتهم، باع بعض الآباء ما يملكون ليمنحوا أبناءهم فرصة أفضل في الحياة، أصبحوا اليوم يشعرون بأنهم ضحية لمعادلة معقدة بين وزارات لا تتفق على شيء. الوزارة المعنية تتنصل من المسؤولية، فيما الوزارة الأخرى تكتفي بتوضيحات غامضة وغير مفهومة، بينما يبقى المستقبل الأكاديمي لهذه الفئة العريضة من الشباب المغربي في مهب الريح.

الحكومة المغربية لم تُصدر بيانًا رسميًا يوضح الموقف، ولا حتى تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي لإيقاف التردد والارتباك الذي وقع فيه هؤلاء الطلبة وأسرهم. ما يزيد الطين بلة هو أن الوزارة المعنية عندما تمت مقابلتها من قبل الآباء، اكتفوا بوعد متكرر “المشكل سيحل قريبًا”. ومع مرور الوقت، بقيت الوعود حبرًا على ورق، والطلاب يواجهون مصيرهم بمفردهم.

إن ما يحدث للطلاب المغاربة في قبرص ليس مجرد أزمة تعليمية أو إدارية، بل هو إهانة حقيقية لمستقبلهم. هؤلاء الشباب الذين اجتهدوا في دراستهم، وحصلوا على درجات أكاديمية مرموقة، ليسوا بحاجة إلى وعود فارغة، بل إلى حلول عملية وواقعية. هؤلاء الطلاب، الذين تم إقناعهم رسميًا بأن شهاداتهم معترف بها، يجب أن يُعترف بهم الآن وبمؤهلاتهم الأكاديمية دون أي استثناءات سياسية أو بيروقراطية.

يجب على وزارة التعليم العالي المغربية أن تكون أكثر وضوحًا، وأن تتحمل مسؤولياتها تجاه هؤلاء الطلبة الذين ضحوا بالكثير من أجل تحقيق أحلامهم. من غير المقبول أن يظل مصيرهم معلقًا بين وزارات تتبادل اللوم بدلًا من العمل الجاد لحل المشكلة.

من حق هؤلاء الطلبة الذين درسوا في قبرص أن يعودوا إلى وطنهم وهم يحملون شهادات معترفًا بها، ولهم الحق في معرفة السبب الحقيقي وراء هذا التغيير المفاجئ في موقف الحكومة. لا يمكن لأي دولة تحترم مواطنيها أن تجعل من تعليم أبنائها مادة للسياسة أو ضحية للبيروقراطية.

الوقت لا ينتظر، والأحلام لا تنتظر، ولا يمكن للمسؤولين في الحكومة المغربية أن يظلوا في صمت أمام هذا الوضع المتدهور. يجب عليهم أن يتحركوا بشكل عاجل لحل هذه المعضلة وأن يضمنوا لكل طالب مغربي حَقَّه في شهادة تفتح له أبواب المستقبل.

إذا كانت الدولة تعتقد أن الاعتراف بالتعليم يجب أن يعتمد على العلاقات السياسية، فهذا أمر يجب أن يُراجع. العلم لا علاقة له بتصفية الحسابات، ومن غير المقبول أن يُستغل مستقبل الشباب في لعبة مصالح بعيدة عن مصلحة الوطن والشعب.

 حان وقت التحرك، وآن الأوان أن تتحمل الوزارة مسؤوليتها بشكل جاد وفعّال. هؤلاء الطلاب هم مستقبل المغرب، ومن واجب الحكومة المغربية توفير بيئة تعليمية تحترمهم وتقدر تضحياتهم.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...