للمسؤولين فقط

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

ذ.محمد كندولة

 

 

 

المسؤول كل شخص يدير شأنا مجتمعيا ، او يدبر مرفقا اجتماعيا ، تجري عل يده منافع الناس من الاقوات، و الاموال، و الارزاق ، وكل ما يستتبع ذلك من أمن و امان .
المسؤول قد يكون معينا بعقد ، او منتخبا بقوانين داخلية في مؤسسات عامة او خاصة ، كبيرة او صغيرة .وسميت المسؤولية بهذا الاسم ، لان صاحبها سيسال عن نفسه، وعمن تحت رئاسته وامرته ، قال تعالى :” وقفوهم فانهم مسؤولون”
وتدخل المسؤولية ضمن الامانات العامة القائمة على فرضية إقامة الخلافة على منهج الله وشريعته ، قال تعالى ‘ واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة “وهذا الامر لا يستقيم الا على اصول وقواعد واسس ،والا فالعبث الذي يليه الخسران المبين.

فكل مسؤول وجب عليه السير في تحقيق مراد الله بمراعاة أصول المسؤولية التي تشكل معايير الفشل و النجاح ، فأول أصل هو ان يعلم المسؤول قدر المسؤولية وخطورتها ، فكما انها نعمة من نعم الله تورث السعادة لمن يقيمها على حقها هي كذلك قد تجعل الانسان يعيش في تعاسة إذا ما قصر فيها، فعمر المسؤول و زمنه مربوط بأعمار وأزمنة من هو مسؤول عنهم ، فمن اشتغل بالظلم و الهوى ، دخل في زمرة أعداء الله ، ومن اقامها على تحقيق مرضاته اعانه الله عليها وأوفاه في ذلك، فبالجملة المسؤولية خطرها عظيم، وخطبها جسيم ، فلا ينفع معها إلا مصاحبة الاصفياء من العلماء والخبراء و الاخيار من الناس ليعلموه طريق العدل و المساواة بأداء الحقوق و الواجبات.
وثاني الاصول و القواعد ، الاشتياق الى الجلوس مع العلماء ليسمع نصحهم وتوجيههم ، فيبتعد بهم عن علماء السوء الذين يحرصون على الدنيا والجاه والحظوة والمكانة والقرب ، يطلبون مرضاة المسؤول طمعا بما في يده من خبث الحطام ، ووبيل الحرام ، ليظفروا منه بشيء بالمكر و الحيل ، فالعالم الحق هو الذي لا يطمع فيما عند المسؤول من المال ، ينصحه بالوعظ و المقال.

فأما ثالثة القواعد ، ان لا يكتفي المسؤول برفع يده عن الظلم ، بل عليه ان يعمل على تهذيب الاصحاب و الاعوان وحتى من يقف له عند الباب ، لا يرضى لهم الظلم ، لأنه سيسأل عنهم كما سيسال عن نفسه، فالناس كما هو معروف يسعون في خدمة شهواتهم ،يستنبطون الحيل للوصول اليها بالمسؤولين ، يغرونهم ، يحسنون الظلم عندهم ، فمن العدل إذن اختيار المساعدين و الموظفين ، فينظر اليهم المسؤول كما ينظر إلى احوال أهله و اولاده ومنزله ، فقد ينال المسؤول أشد العذاب بظلم البواب.
أما القاعدة الرابعة ،: فعلى المسؤول ان يكون حليما ، فالمسؤولية استكبار ، يتبعه سخط ، يتبعه انتقام ، فالغضب غول العقل وعدوه و آفته ، فالمسؤول الواعي المؤمن بدوره عليه ان يميل بالأمور إلى العفو و الكرم و التجاوز ، لان في ذلك مماثلة بالأنبياء و الرسل لامماثلة بالسباع و الدواب .
ومن الاصول كذلك ، ان يعلم المسؤول المعين او المنتخب انه واحد من الجميع ، فرد من الامة ، عضو من الجماعة ، تلحقه النعمة وتشمله الازمة ، فكل ما لا ترضاه ايها المسؤول لنفسك لا ترضاه لغيرك ، فالغشاش في المسؤولية من يرضى لنفسه ما لا يرضاه لغيره.
والاصل السادس ، فالاهتمام ، الاهتمام بمن يقف بالباب من المحتاجين ، فلا تنشغل عنهم بالنوافل ، ولهم عندك حاجات ونوازل .
ويلحق بالآصل السابع ، أمر مهم ، فالحيطة منه شيء واجب وأكيد ، وهو ان يتبعد المسؤول عن الانشغال بالشهوات ، كلبس الفاخر من الثياب ، وأكل الطيب من المشتهيات ، فالقناعة ، القناعة ، فلا عدل بدون قناعة .

اما الاصل الثامن ، فالرفق و اللطف بالناس ، فما يمكن الوصول اليه بالرفق واللطف ، لا يستعمل فيه الشدة و العنف .
وتاسع الاساسات ، فسلوك سبيل ارضاء الناس لا ينبغي ان يكون الا بموافقة الشرع و القانون ، فلا ينتبه الى الاغترار بالوصل و الثناء ، فقد يكون وراء ذلك إما خوف أو طلب صفو.
وفي الاخير اي الاصل العاشر ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :” إني لأصبح ونصف الخلق ساخط علي ، ولابد لكل من يؤخذ منه الحق ان يسخط ، ولا يمكن ان يرضى الخصمان ، و اكثر الناس جهلا من ترك الحق لأجل رضا الخلق”
قال تعالى :” واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا” .

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...