نايف زيداني
صحافي فلسطيني من الجليل
رغم التهديدات بالفصل من قبل قائد سلاح الجو الإسرائيلي تومر بار وقيادات أخرى، نشر نحو ألف عنصر من القوات الجوية الإسرائيلية، صباح اليوم الخميس، رسالة تدعو إلى إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، حتى لو أدى ذلك إلى إنهاء الحرب، مشيرين إلى أن استمرار الحرب لا يساهم في تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة وسيؤدي إلى مقتل المحتجزين.
وجاء في الرسالة، التي وقّعها جنود احتياط ومتقاعدون، أنه “في الوقت الحالي، تخدم الحرب بالأساس مصالح سياسية وشخصية، لا مصالح أمنية. استمرار الحرب لا يُساهم في تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى مقتل مختطفين (محتجزين) وجنود من الجيش الإسرائيلي ومدنيين أبرياء، واستنزاف جنود الاحتياط”.
وأضاف الموقعون على الرسالة، ومعظمهم وقّعوا بأسمائهم الكاملة وبعضهم بالأحرف الأولى التي ترمز إليها، أنه “كما ثبت في الماضي، فإن اتفاقاً فقط هو الذي يمكن أن يعيد المختطفين سالمين، في حين أن الضغط العسكري يؤدي في الغالب إلى قتل المختطفين وتعريض جنودنا للخطر”. ويدعو عناصر سلاح الجو في الرسالة “جميع الإسرائيليين إلى التجنّد للتحرك والمطالبة في كل مكان وبكل وسيلة”.
وحاولت قيادات سلاح الجو منع توزيع ونشر الرسالة في الأيام الأخيرة. وذكرت صحيفة هآرتس العبرية، أمس، أنه بناء على أوامر من قائد سلاح الجو اللواء تومر بار، أجرى قادة في سلاح الجو مكالمات هاتفية شخصية مع جنود احتياط في القوات الجوية وقّعوا على الرسالة، وأبلغوهم بأنهم إذا لم يسحبوا تواقيعهم فسوف يُفصَلون من الخدمة.
وحتى أمس، وبعد المحادثات، طلب 25 جندي احتياط فقط سحب تواقيعهم من الرسالة. وفي المقابل، طلب ثمانية آخرون إضافة تواقيعهم على العريضة نكاية بتهديد قائد سلاح الجو وموقفه. وكان المبادرون إلى الرسالة قد انتقدوا بشدة تهديدات بار خلال لقائهم به في وقت سابق من هذا الأسبوع، واعتبروا أن التهديد تجاوز خطاً أحمر قانونياً وأخلاقياً، ويعد انتهاكاً لحقوق جنود الاحتياط في التعبير عن موقفهم السياسي.
من جانبه، زعم بار أن هذا ليس عقاباً، قائلاً: “كل من يوقّع على نص يدعي أن استئناف الحرب سياسي بالدرجة الأولى ويمس بعودة المخطوفين لا يستطيع أن يقوم بواجبه في الاحتياط”. وأكد قائد سلاح الجو رأيه بأن توقيع رسالة من هذا النوع في وقت الحرب غير شرعي، وأضاف أن سلاح الجو مقتنع بأن عملياته لا تمس بالمحتجزين، وفي رأيه، فإن الضغط العسكري على حماس يساهم في إطلاق سراحهم.
إلى ذلك، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن مراجعة جيش الاحتلال لأسماء الموقعين، بيّنت أن 10% من الموقّعين على العريضة هم من جنود الاحتياط الفعليين ـ معظمهم من المتطوعين ـ أما الباقون فهم من العسكريين السابقين أو المتقاعدين. ومن بين الموقعين على الرسالة رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق دان حالوتس، واللواء احتياط نمرود شيفر، القائد الأسبق لسلاح الجو، واللواء احتياط، القائد الأسبق في سلاح الجو عساف أجمون، والجنرال احتياط جيل ريجيف، القائد الأسبق لسرب 201 في سلاح الجو، والجنرال احتياط، القائد الأسبق في سلاح الجو ريليك شافير، والجنرال احتياط أمير هسكيل.
ولا يستبعد سلاح الجو انضمام العشرات من عناصره الموجودين في الخدمة الفعلية إلى الرسالة، وينتظر لمعرفة كيف ستتطور الأمور. وفي هذه المرحلة، لا توجد نية لاتخاذ تدابير عقابية، وفقاً للصحيفة العبرية، ولكن بما أن الرسالة أشارت إلى عدم ثقة أفراد الخدمة بالمنظومة نفسها، فإن الجيش لا ينوي مطالبتهم بالمشاركة في مهمة لا يؤمنون بنقاء نيّاتها وأهدافها.
وفي المناقشات الداخلية بين كبار قادة جيش الاحتلال حول هذا الموضوع، وكذلك داخل القوات الجوية نفسها، لم يتم تعريف الرسالة بأنها رفض للامتثال للخدمة، والسبب في ذلك أن هؤلاء ليسوا من العسكريين الذين تلقّوا أمراً أو مهام ورفضوا تنفيذها، أو تلقّوا أمراً بالامتثال للخدمة وأعلنوا رفضهم الحضور. ويدور الحديث في المرحلة الراهنة عن عسكريين موجودين حالياً في منازلهم، ويمارسون حياتهم اليومية المدنية. ولذلك، من المرجح أن يواصل جيش الاحتلال سياسته في التحدث إليهم، ومن دون عقاب واسع النطاق، في محاولة لاحتواء الظاهرة بقدر الإمكان.
ونقل موقع واينت العبري عن أحد الطيارين المبادرين للرسالة إن “الوثيقة لا تتحدث عن رفض أو عدم امتثال (للخدمة)، وليست موجّهة للجيش إطلاقاً. إنها دعوة واضحة للحكومة: أعيدوا المختطفين، حتى لو كان ذلك على حساب وقف القتال”.