عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا
في السنوات الأخيرة، برز شاي الماتشا كموضة صحية عالمية، يُروَّج له باعتباره مشروبًا طبيعيًا غنيًا بمضادات الأكسدة، ومصدرًا للطاقة، ومحسِّنًا للتركيز. استخدمت أوراقه في إعداد المشروبات، الحلويات، ومستحضرات التجميل، حتى أصبح رمزًا للعناية الذاتية والنمط الحياتي المثالي. ولكن، ما بين الحماس حول فوائده، بدأ الخبراء يلفتون الانتباه إلى أنه لا ينبغي تجاهل بعض المخاطر التي قد ترافق استهلاكه، خاصة إذا لم يكن المستخدم واعيًا بالمعايير والجودة.
يحتوي الماتشا على مضادات أكسدة قوية مثل الكاتيشينات (وبخاصة الإبيجالوكاتيشين جاليات ـ EGCG)، التي أثبتت دراسات عدة قدرتها على محاربة الجذور الحرة وتحسين وظائف الكبد.
يُساعد في تعزيز الطاقة والتركيز نظرًا لكونه يحتوي الكافيين لكن مصحوبًا بـ L-theanine، وهي مادة تُحسّن من التركيز وتقلل من التوتر.
مزيج من الماتشا الأخضر مع الحمية والنشاط البدني قد يدعم خسارة الوزن وتحسين التمثيل الغذائي، كما أظهرت بعض الأبحاث الأولية.
رغم ذلك، إليك بعض النقاط التي يستدعي الانتباه لها:
التلوث بالمعادن الثقيلة
– نباتات الشاي تمتص الألومنيوم من التربة، وقد لوحظ وجود مستويات متغيرة حسب جودة التربة ومكان الزراعة، وقد يؤدي التعرض المزمن إلى أضرار في الجهاز العصبي والعظام.
– الرصاص كذلك، مادة خطيرة تؤثر على الكبد، الكلى، والجهاز القلبي. حتى كميات صغيرة متكررة قد تُلمّ بالضرر على المدى الطويل.
اختلاف الجودة والرقابة
– الماتشا عالي الجودة يُنتج بطريقة دقيقة، من مزارع مُراقبة ونباتات تُظلَّل لفترات قبل الحصاد لزيادة تركيز النكهة والمركبات المفيدة. المنتجات الرخيصة قد تكون مجرد مسحوق ملوَّث خالٍ من الجودة.
– أيضا، عملية الطحن، التغليف، التخزين تؤثر على نقاوة المسحوق؛ الضوء، الحرارة، الرطوبة كلها عوامل تُقلّل من فعالية الماتشا الصحيحة.
الكافيين وتأثيراته المحتملة
– رغم أن الماتشا يُقدَّم غالبًا كمصدر معتدل للكافيين، إلا أن بعض المنتجات أو التحضيرات قد تحتوي مستويات تؤثر على النوم، ترفع معدل ضربات القلب، وتُثير القلق، خصوصًا عند الفئات الحساسة مثل الأطفال، الحوامل، المرضى بأمراض القلب أو الأعصاب.
الإفراط في الاستهلاك
– استخدامه يوميًا بكميات كبيرة، أو ضمن النظام الغذائي دون مراعاة التوازن الغذائي، قد يسبب أضرارًا بدلاً من الفوائد.
– شرب الماتشا مع بعض الأدوية أو في حالات طبية قد يستدعي استشارة طبية مسبقة.
توصيات للاستهلاك الآمن
لمن يرغب بالاستفادة من الماتشا دون تعريض صحته للخطر:
اختيار منتجات موثقة ذات جودة عالية، تُظهر بيانات الزراعة، نقاء المنتج، نسبة الكافيين.
تحديد الكمية: جرعة لا تتجاوز 1 جرام من مسحوق الماتشا لكل كوب، ولا يُستحب الاستهلاك المفرط (مثلاً أكثر من ثلاث مرات يوميًا) إلا إذا كانت طبيعية الاستخدام من جهة مختصة.
تقليل التعرض للتلوث عبر تبديل العلامات التجارية ومنتجاتها، واستعمال الماتشا من مصادر موثوقة.
مراعاة فترات الراحة: عدم الاستخدام المفرط في ظل إجهاد أو اضطرابات صحية، ومتابعة التفاعل مع الجسم خصوصًا للحامل، المرضى، والأطفال.
إن شاي الماتشا يحمل مجموعة من الفوائد التي لا يمكن تجاهلها، وقد يكون إضافة جيدة لأي نمط حياة صحي إذا استُخدم بحكمة. ولكن، من الضروري أن لا نستسلم للتسويق البراق وحده، بل نعتمد وعيًا معلوماتيًا، وننظر للمنتج بعين المدقق والمتخصص. في زمن تغمرنا فيه المعلومة بسهولة، تكمن الحكمة في اختيار الجودة، والاعتدال، والشفافية.