الزواج بين أحلام الشباب ووحل الواقع

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

أحمد إسلام

 

 

لانُنكر أَنَّ الزواج هو أحد السُنن التي سنَّها الإسلام إن لم تكن أعظمها، وهو فطرة وغريزة غرسها الله في جميع مخلوقاته فلا يمكن أن نُنكر هذه السُنَّة أو هذه الفطرة التي إذا لم تُشبَع سببت خللًا في حياة الإنسان وإن اختلفت طبيعتها من شخص لآخر .

أحلام شابة

إنَّ ما أنكره في الزواج هي تلك الخدع والأوهام (الأحلام الوردية) التي يرسمها كل شاب وفتاة؛ فالشاب يرى أنَّهُ وأخيرًا سيجد شريكته التي ستجمع له ملذات الدنيا (شعرها الحريري الذي يتدلى على وجهها وهي نائمة – ابتسامتها الساحرة – خجلها عندما تضحك – عطفها ورقتها ) فهي الأم والأخت والصديقة ،وحبيبةٌ سنلهو ونلعب ونضحك معًا، ستُعِدُّ لي فطوري لتيقظني وأنا نائم وهي بكامل أناقتها بصوتها النديّ ((قوم يابيبي الفطار جاهز)) بالرواية المصرية أو بالرواية السورية ((لك تئبرني هالعيون دخيلك حبيبي هيدا فطور أحلى زوج ))

كما ترى الفتاة ذاك الشخص الذي سيأتي يومًا ما على حصانه الأبيض ويقوم بخطفها كسندريلا ، أو ملكة تُتَوجُ على عرش زوجها- سيكون رومانسيًا كثيرًا، ربما يأتي تحت شُرفتي ليسمعني بعض كلمات الحب والغزل، أو قد يُفاجئني بخاتم الخطوبة أمام أعين الناس وهو جَاثٍ على ركبتيه ثم ستكون حياتنا مليئة بالتفاصيل سيفاجئني بالكثير من الهدايا حتى بدون مناسبة؛ لأنه يحبني كثيرًا ويعرف أنني أحب الهدايا والمفاجآت . سيكون هناك عشاءً رومانسيًا على أضواء الشموع ، سيبهرني بكلماته الرقراقة والتي تُشعرني كل يوم كأني أسمعها لأول مرة ، حتى عندما يذهب إلى العمل سيرسل لي برسالة يخبرني أنه يفتقدني كثيرًا على الرُّغمِ من أنه لم يبعد عني إلا ساعتين فقط لكنه يتعجلُ أن ينتهي دوامه حتى يرجع ويطفي لهيب شوقه.

حقائق زوجية
إن مايعيشه الشباب والبنات من ( أحلام وردية ) وتأثرًا بدراما وأفلام غزت بيوتنا وأصبحت تسوق الكذب والخداع هو السبب الحقيقي لفشل الزواج وزيادة نسب الطلاق والانفصال .

كلٌّ من الشاب والفتاة لديه خيالات عن الزواج ، وعندما يجتمعا يحدث التصادم بالحقيقة ( المُّرَّه) كما يظنون ، وفي الواقع هي ليست حقيقةً مُرَّةً إنما هم من عاشوا وهمًا خادعًا لحياة رسموها في مخيلاتهم ومن مصادر لاتمُت للواقع بصلة.

دور الأهل والمؤسسات المجتمعية

كم أُمٍّ الآن تربي ابنتها لتصبح زوجة ؟ ولا أعني بالتربية هنا الحصول على شهادة أو أن تكون الفتاة ذات أخلاقٍ حميدةٍ ، إنما تربيها كيف تصبح زوجة ، هل توصيها بالوصايا العشرالتي أوصة بها ( أمامة بنت الحارث ) ابنتها قبل زواجها لتكون على علم بأسس الحياة الزوجية السعيدة . هل توصيها مثلًا بأن لاتعصي له أمرًا ولا تُفشي له سِرًّا! أم كيف تتسلط وتضع له حدود!!

لقد صار هَمُنَا كم سيكون المقدم؟ وكم سيكون المؤخر؟ أين وكيف سيكون العرس؟ وهذه التفاصيل لاتُغني ولا تُسمنُ من جوع.

هل هناك برامج أو دورات تأهيلية برعاية الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني تؤهل الشباب والبنات للزواج؟

نعم جميعنا نحتاج إلى هذه الشهادة شبابًا وبناتًا حتى نخرج من عالم الوهم وندرك حقيقة الزواج قبل أن نصطدم بواقع يدفع ثمنه أطفالنا أولًا وأبائنا وحتى نحن أنفسنا …

(استقيموا يرحمكم الله )

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...