جولة بايدن بين مطرقة الخيبة و سندان المكاسب ..

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

 

رنا جهاد العفيف

 

 

 

صحف امريكية وغربية أفردت مساحات واسعة الانتقادات للرئيس الامريكي ، وتساؤلات عدة محيطة بالنتائج ،فيما الغموض يخيم على زيادة الإنتاج النفطي ، المحطة اللافتة في جدة وما ألت إليها التحليلات والقراءات التي لم تهدأ لحظة وصول جو بايدن إلى المنطقة ، فهل خرج الرئيس الاميركي خالي الوفاق ؟ وما حقيقة الزخم الاعلامي الامريكي الذي يطبل بنتائج مزهلة أسعدت الامريكيين والاسرائيليين ؟ على خلفية التناقض والتفاوت وما تحملها الزيارة من أهداف سياسية وأمنية واقتصادية؟

منذ لحظة وصوله إلى المنطقة ومغادرته، عائدا إلى بلاده ، لم تهدأ التحليلات السياسية ، لأول جولة لبايدن إلى المنطقة ، إذ طالته انتقادات حادة ، تتحدث عن رفض السعودية لتوسيع دائرة التطبيع والانضمام إلى باقي الدول الرافضة للأنخراط في تحالفات عسكرية أمنية ، تشيد بالغموض الذي بقي محيطا بالامدادات الطاقة وما يتعلق بأزمة الغاز ، لتتعرى حقيقة هذة الجولة التي عنونت بتبييض سجل بايدن قبل خسارته الانتخابية ، فتوجت بذلك بكسر عزلته مع ولي العهد السعودي ، كانجاز يتباهى بها قبل إنتهاء صلاحيته ، وهذا يذكرنا بسلفه ترامب عندما قام بجولة شبيه بتلك ، كانت نتائجها سقوط مدوي ، أدى لخلعه مباشرة ، وهذا ما سيحصل مع بايدن قريبا ، الذي يحاول تسويق إنجازاته التي لم تعد توفي بالغرض حتى في هدنة اليمن ، فطموحات صنعاء أكدت تأكيدها أن الهدنة الحالية لم تستمر إلى لا نهاية ، وهددت بعودة الجبهات القتالية ،أي بمعنى أخر هو رفض لمحددات السياسة الامريكية المستفزة تجاه الحصار وعليه سنشهد مسرح ميداني يمثل الفصيل الحاسم للحساب الامريكي.

أما بخصوص نتائج الزيارة الاستباقية لعودة بايدن إلى بلاده ، ترك خلفه من الأسئلة والغموض ، ما يمثل القاسم المشترك بين أغلب المعلقين ، وأقلهم سقف ، أذ تحدث محللون على حصوله على مكاسب قد تتبلور نتائجها في العام الماضي ، وهذا التصور من وجهة نظري ربما مبالغ فيه ، إذ غادر بايدن السعودية دون حصوله على تعهد فوري من ولي العهد نفسه بنحو خاص في القمة بحسب ماقال وزير الخارجية السعودي بن فرحان ، وأن زيارة بايدن كانت بمثابة الجائزة الكبرى وفق المنظور الاسرائيلي المصابة بذهول الخيبة ، وما رشح من تطبيع مع السعودي والاسرائيلي لم يحصل وسيعلن عنه ، لا بل أن وزير الخارجية السعودي نفى وجود أي نوع من التعاون العربي والتقني مع اسرائيل ، كما نفي وجود ما سمي الناتو العربي الذي روج له قبل القمة ، على انه سيتحقق من خلالها ، وتزامنا لهذا حمل كلام ولي العهد ووزير خارجيته رسائل ودية ايجابية تجاه ايران تحت عنوان التعاون والاستقرار المنطقة وهذا له دلالات سياسية قد يفوق نتائجها إذ كانت من السر ومنها للعلن .

وفيما يخص ملف اليمن فكان واضح ماقاله بايدن قبل زيارته إنه سيطرح دور إنهاء الحرب وارساء السلام فشل ، واكتفى بالهدنة ، مع الاعلان عن ضرورة تمديدها ، وهو ما اعلنته أيضا صنعاء ورفضها له ، مؤكدة ان التحالف السعودي أمام خيارين إما فك الحصار وإما العودة إلى جبهات القتال وهذا ربما وارد أكثر . لطالما هناك تصفية بالحسابات السياسية الامريكية .

لهذا كانت جولة بايدن تحمل أهداف سياسية اقتصادية أمنية عسكرية ، لأسباب تتعلق بالحزمة السياسية الجديدة التي رفض وجودها ، وهي روسيا والصين وايران ، وقالها بالعلن ، إذ تلاطمت القراءة والتداخلات الحتمية ، نظرا للاستقبال بايدن المشؤوم ، ومقارنته باستقبال لبيد الذي كان حار في مطار بن غوريون ، والحديث هنا عن التناقض والتنافر والمقاربات التي بادرت بانطباع موقف للزعماء العرب ، كرسالة بأنها ما زالت تملك مواقف وليس بالضرورة الاعلان عنها مبدئيا ، وهذا جدير بأن يأخذ المواطن العربي ضفة التفاؤل بشأن القضية الفلسطينية ، بينما من وجهة نظر أخرى قد تكون هناك أسباب أخرى حافلة بتباين الموقف وذات الانطباع الذي تصوره البعض على أنه تخدير للشعوب واجتمعوا على ملئ الفراغ ، ولكي يطمئن القادة اتى بنفسه لتقديم الدعم المعنوي ، وهذا طبعا لا يكفي ، لطالما واشنطن لا تريد المحور الثلاثي ، يبقى هناك مطالب أخرى دون شروط ، يمكن تقييمها بالشكل والمضمون ، إذ لم تكن خالية تماما ، فسياسة المظاهر لا تمت للواقع بصلة الواقعية السياسية المفروضة حاليا على دول الخليج .

وانطلاقا من ازمة اوكرانيا وامتدادها في المنطقة ، بدأ زعماء العرب يعيدون حساباتهم العديدة ، من التخوفات القادمة ، وهي أن روسيا والصين وايران تتقدم بشكل خطى متسارعة، ولا يمكن لواشنطن إيقافها ، وهذا يسبب قلق كبير حتى ولو كان هناك تفاوض سري يخص تقدم التكنلوجيا العالمية بتحولات النظام العالمي الجديد ، ولا اعتقد أن زيارة بايدن حققت مكاسب وإنما بقيت بين سندان الخيبة والمكاسب حتى إشعار اخر لحفظ ماء وجه واشنطن ومن خلفها إسرائيل ، وما يقال في امريكا بعكس ما يقال في الصحف الغربية والعربية ، وكل الاعلان عن سعادة الامريكيين بنتائج لهذة الزيارة ، هو عكسه تماما ..نبقى وننتظر..

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...