السيسي في قطر.. وفي العمق هي حرب طاقة لإضعاف روسيا…

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

*الدكتور حسن مرهج

 

 

 

ليس مستغرباً في هذا التوقيت أن يقوم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بزيارة إلى قطر، خاصة أن توقيت الزيارة يوحي يأتي ضمن مناخ دولي ضاغط على روسيا وسياساتها، والأهم أن زيارة السيسي الى قطر ما كانت لتتم لولا الضوء الأخضر الأمريكي، والموافقة الإسرائيلية، لا سيما أن روسيا قد استخدمت سلاح النفط لارهاق أوروبا، وبالتالي تسعى كل من تل أبيب وواشنطن، لاستثمار هذا التوقيت، والاستفادة من الغاز القطري كبديل عن الغاز الروسي، وذلك ضمن حرب اقتصادية غير معلنة ضد روسيا.

في جانب آخر، فإن تعثر التوصل إلى اتفاق نووي جديد، يجعل العامل الإسرائيلي واضحاً في هذا السياق، حيث أن إسرائيل تمكنت من إقناع الأوروبيين بالتخلي عن مصادر الطاقة الإيرانية، وتسعى لتأمين أوروبا بالغاز القطري، من هنا صدرت الأوامر للسيسي بالتوجه الى قطر للبدء بذلك على اعتبار أن اتفاقا سابقا جرى توقيعه بين ( اوروبا و مصر و اسرائيل ) لتوريد الغاز بعد تسييله في مصر الى أوروبا.

الأهم من ذلك، أن الغاز القطري والغاز الإسرائيلي سيتم تسييلهم في مصر ونقله إلى أوروبا، وعليه فإن روسيا وإيران سيكونون ضمن معادلة اقتصادية بأبعاد سياسية، ولننتظر رد الفعل الروسي والإيراني.

ضمن ما سبق، يبدو واضحاً أن إسرائيل باتت طرفاً في الحرب الاقتصادية المُعلنة ضد روسيا، وهي بذات التوقيت، تُعلن عن موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية وبكل وضوح، وبالتالي، ثمة ملفات إقليمية ودولية سيتم استخدامها من قبل روسيا ضد إسرائيل، وعلى رأس تلك الملفات، الملف السوري، وفي جانب آخر، فإن جُل التحركات التي تؤطر المشهد الإقليمي بعموم جزئياته، باتت واضحة لجهة الحرب على روسيا بالمستويات السياسية والاقتصادية.

قد يبدو مشهد زيارة السيسي إلى قطر، هو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتكريس نهج المصالحة بين القاهرة والدوحة، لكن في العمق، فإن توقيت الزيارة سيكون عاملاً ضاغطاً على روسيا وإيران، لا سيما أن أحد أهم المصادر الاقتصادية لكل من موسكو وطهران، تأتي من الطاقة، وبالتالي فإن الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، يبحثون عن تعزيز معطيات الحرب الاقتصادية ضد موسكو وطهران، والبحث أيضاً عن مصادر الطاقة، والتي من الممكن أن تكون بديلاً للغاز الروسي.

في المجمل، فإن الايعاز الأمريكي جاء هذه المرة باتجاه السيسي، لتعزيز علاقاته مع قطر ظاهرياً، لكن السيسي كان يحمل رسالة إسرائيلية إلى قطر، مفادها ضرورة التعاون بين الدوحة وتل أبيب، في مجال مصادر الطاقة، لكن هل ستتمكن قطر من الدخول في هذا الميدان ضد روسيا وإيران؟، وهل ستتمكن اسرائيل من الإفصاح عن توجهاتها الحقيقية حيال الحرب الروسية الأوكرانية؟، هي تساؤلات سيتم الكشف عنها خلال الفترة القادمة، والتي لن تكون معطياتها مكشوفة لأحد، لكن ثمة أسلحة اقتصادية روسية وايرانية لم يتم الكشف عنها إلا ضمن توقيت جيواستراتيجي.

*كاتب واعلامي وخبير في شؤون الشرق الاوسط من سوريا

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...