ياسر العظمة….دموعٌ فوقَ أوتار الوطن!

إيطاليا تلغراف

 

 

 

زيد عيسى العتوم

 

 

لذلك الرجل تاريخٌ أبعاده بحجم قصة وطنه, لكنه لم يأنس الرحيل فاحتضن كلَ ذكرياته ولم يتعب من لملمتها في قلبه, لذلك الرجل ضحكات وأحزان وعيون تأبى الغرق في مستودع العمر, لكنها لا تقاوِم بغير شذراتٍ من الشيب ونظراتٍ تتقمّص القوة وتدّعى الأمل, لا أظنه سيُصغي للمبدع شكسبير عندما أخبره عن فترة الصمت التي قد تحدث, حيث لا مزيد من الكلام, ولا مزيد من الشعور, وحتى لا مزيد من الأشخاص, فقد اختار سرديته التي تبقيه حياً دون سواها, لتقف روحُه قرب تدمر منشدة ” أتدمر صورتاك هما لقلبي….غرامٌ ليس يشبهه غرامُ”.

من أين سيبدأ ياسر العظمة حكايته ومن أين سينتهي بها وتنتهي به, لا بدّ أن في الحكاية ظلام كبير وأنفاس قربها بضع شموع, وبين أسطرها قبور وكلمات تنوينها مكسور ومرسوم بالدموع, لم تعد مراياه عاكسة كما كانت تُخبر حالاً, فقد كستها السنون قهراً وألزمتها مساكنة الضلوع, في الحكاية حربٌ ودماءٌ ونزوحٌ وفقرٌ وجوع, وغربان سوداء غير مقنّعة تنهش الثمرات وتجتثّ الفروع, ثم زلزال ماحق زاد الطينَ طيناً واقفل الينبوع.

لم تعد الشام ترحّب بذلك المسافر كما كانت عادتها من قبل, ربما اعتادت الغياب وموت الأحباب, ذلك الشعور لا يمكن أن يكون مزيفاً كونه يتأرجح بين قلوب تلامس بعضها بعضاً, لقد أصبح وجه الشام عابساً كئيباً طارداً للطفولة والكهولة, حقولها محروقة بفعل فاعل وأصرار وترصّد, معاملها وحدائقها يغشاها البؤس والخراب, بيوتها القديمة أسيرة للبلاء, يلزمها أطنان وأطنان من الطلاء, الشام تبكي على ياسمينها الذابل ولا تجد من يكفكف تلك الدموع الحارقة, ربما تبكي على أطلالٍ وأشلاءٍ مزّقتها الخيول المارقة, أسوارها انخفضت الى ما دون أشواكها المجنونة, وأبوابها انتهكت تحت مسميات التديّن والتحرّر والرعونة.
لا تفقد الأمل يا ياسر العظمة, فشام البداية والربيع, لن تضيع!

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...