لاريسا معصراني
يعرّف الطفل الكسول بأنه الذي يفتقر للحماس لأداء أي نشاط ذهني أو بدني، حتى اللعب، ويفتقد الرغبة في بذل أي مجهود. ولا يتعلق الأمر بمقدار الحماس فقط، بل قد تظهر على الطفل علامات التعب والإجهاد جراء أي مجهود بدني أو ذهني حتى وإن كان بسيطا.
وعادة ما يكون الطفل الكسول غير منظم، وبلا أهداف، ولا يولي أهمية لأي شيء. أما في المدرسة، فغالبا ما ينسى أدواته، ولا يؤدي بواجبه المنزلي، ويختلق أي عذر لتبرير سلوكه.
تشدد اختصاصية الطب النفسي للأطفال والمراهقين شانتال أبو خليل، على ضرورة متابعة سلوك الكسل غير المرضي لدى الصغار، أي الذي لا يرتبط بمشاكل عضوية، مشيرة إلى أن علاجه لا يتطلب تدخلا دوائيا، “وكل ما يتوجب على الوالدين فعله هو الوقوف على أسبابه الحقيقية، ثم وضع خطة عملية لمساعدة الطفل”.
تقول أبو خليل إن بعض الآباء يعمدون إلى توفير كل احتياجات الطفل حرصا على سعادته، “وربما تعويضا عن النقص الذي عاشه بعضهم في طفولتهم، وهم غير مدركين لعواقب هذه الأفعال” التي تتسبب في تنشئة أطفال كسالى.
وتوضح في حديثها لـ”الجزيرة نت” أن الأطفال الكسالى يميلون عادة للاستيقاظ في وقت متأخر، ويشعرون بالحاجة إلى المزيد من النوم والاسترخاء ومشاهدة التلفزيون، “فإذا كان الطفل يمر بهذه المراحل، فمن المهم عدم تأجيل المساعدة لكسر هذه العادات الخاطئة”.
وتستدرك أبو خليل “يوجد طرق تجعل من الطفل الكسول يطّور موقفا إيجابيا تجاه العمل، وذلك من خلال إثارة فضوله عمّا يجري حوله في العالم، وتعليمه تحمل المسؤولية، ليصبح في النهاية إنسانا منجزا”.
ما أسباب كسل الطفل؟
تلخص أبو خليل أسباب كسل الطفل فيما يلي:
غياب الحافز: عادة ما يدفع الحافز الداخلي الطفل للقيام بأي نشاط، فهو يلعب بدافع البحث عن المرح، ويدرس بدافع التفوق والتميز. ومن ثم، فإن غياب الحافز الداخلي أو خفوته، أو عدم ارتباط رغباته بأعمال تتطلب جهدا بدنيا أو ذهنيا، سيؤدي بالطفل إلى الكسل، خصوصا في حال كانت كل رغباته مجابة.
قلة النوم: يمكن أن تجعل الطفل كسولا أيضا، فالطفل الذي لا يحصل على قسط كافٍ من النوم والراحة في الليل، يكون متعبا أثناء النهار، وليس لديه دافع لأداء أي نشاط. وعلى الوالدين في كلتا الحالتين مراقبة الطفل، واتخاذ خطوات عملية لمساعدته، والبحث عن طرق التعامل معه.
سمنة الأطفال: سمنة الأطفال ترتبط بشكل كبير بالكسل، إذ يشعر الطفل بثقل الهمة والتعب الشديد عند القيام بمجهود جسدي، فيفضل الجلوس وعدم أداء الأنشطة مقابل تناوله لوجباته المفضلة.
طرق تخلص الطفل من الكسل
وتستعرض الاخصاصية شانتال أبو خليل بعض الطرق لتخليص طفلك من حالة الكسل والخمول:
تحمل المسؤولية: يجب أن يتحمل الطفل مسؤولية القيام بالواجبات المنزلية، ويجب على الأهل أن يكونوا قدوة له. ومن المهم تكليفه بمهام بسيطة وحتى في المطبخ، مما يجعله يشارك بدلا من الجلوس في وضع الخمول ومتابعة الأجهزة الإلكترونية. وعلى الآباء الحرص على اتباع نمط حياتي يعتمد على الحركة والنشاط لتحفيز الأطفال.
مدح الطفل: يجب الحرص على مدح الطفل باستمرار عند قيامه بعمل أي نشاط مفيد لتحفيزه على القيام به بشكل متكرر حتى وإن كان نشاطا بسيطا. فالتحفيز باستمرار والإطراء باستخدام الكلمات التشجيعية يساعد إلى حد بعيد على علاج الخمول. تشجيع الطفل والثناء عليه عندما يقوم بعمل جيد هو دافع عظيم يجعله يفعل المزيد دائما.
أنشطة في الهواء الطلق: تشجيع الطفل على القيام بنزهة في الحديقة أو المشي مع ممارسة بعض التمارين، والتفاعل معه مشاركته في كل الأنشطة الاجتماعية.
التعزيز الإيجابي: تشجيع الطفل والثناء عليه هو العلاج الأمثل، لتقوية دافعه وتحفيزه من جديد، مثلا القيام بترتيب بغرفته أو مساعدة إخوته أو المساعدة في الأعمال المنزلية وجعله يحصل على المكافأة، بعد إنجاز المهمة، ومن المهم جدا معرفة شخصية الطفل وميوله وما يتطلع إليه.
التحدث مع الطفل: التوضيح للطفل أهمية أن يكون نشيطا، وأن يعمل بجد واتباع أسلوب حياة نشط وصحي. ومع ذلك، لا تتوقع أن يتغير بين عشية وضحاها. فهذا يتطلب الكثير من الصبر والمثابرة والوقت.
روتين محدد: تعويد الطفل الكسول على روتين معين لتفادي الكثير من المشاكل، وحتى ينجز ما يطلب منه.
إستراتيجيات فعالة
من جانبها، شددت دكتورة علم النفس التربوي سانيا بيليني لموقع “ريزينغ انديبيندت كيدز”، على أهمية اعتماد إستراتيجيات فعالة لتحفيز النشاط، مثل:
استخدام لهجة محفزة ومشجعة عند الطلب من طفلك القيام بمهام، فهذا أكثر فائدة من استخدام لهجة صارمة وعنيفة.
عندما تطلب من طفلك أن يفعل شيئا، استخدم تعليمات قصيرة ومباشرة وواضحة ومحددة بدلا من منحهم قائمة من التعليمات والأوامر. على سبيل المثال، إن قول “أتمنى ترتيب ألعابك” أكثر فعالية من القول “رتب ألعابك، أطفئ التلفاز، واذهب إلى النوم”.
إعطاء التعليمات بواقعية وبحزم مع الاهتمام بتحديد مدة معينة لإتمام أي مهمة، مثل: عليك إنجاز واجباتك المدرسية خلال ساعة، أو ستلعب لمدة نصف ساعة، وتشاهد التلفاز لمدة نصف ساعة، وهكذا.
من أفضل الأساليب المستخدمة لعلاج الكسل عند الطفل منحه مكافأة كلما فعل شيئا يدل على النشاط والحركة، وعندما ينجز المهمة في الوقت الذي حددته له. وتكون هدية بسيطة مثل: قطعة شكولاتة، أو لعبة بسيطة. فالمكافآت السريعة والبسيطة هي الأكثر فعالية في تغيير السلوك.
من الضروري التوقف عن وصف الطفل بأنه “كسول”، فهذا سيورثه شعورا بالفشل واللامسؤولية، مما يزيد الأمر سوءا، لأن أسلوب الاستهزاء به وبعيوبه لن يؤدي إلا إلى ترسيخ الفكرة وجعله يعتمد عليها، ويصدقها ويتعامل معها من هذا المنطلق.
محاولة المحافظة على أجواء إيجابية في المنزل، والحرص على عدم التصادم أو حدوث خلاف مع الطفل. فهذا النوع من التصرفات لن يساعد في شيء بل سيزيد الطين بلةّ!.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية