اعداد: د. نادين الكحيل (كاتبة وباحثة لبنانية)
شكلت عمليات الاغتيال السياسي والتصفية الجسدية، إحدى أبرز المهام للأجهزة الاستخباراتية على مدار العصور، شهدنا على تصفيات بهدف السلطة، الانتقام…،بإستخدام عدة وسائل كإستخدام السم، حادث سير، فالاغتيالات في العصر الحديث ازدادت دقة وتنظيماً.
لا يخفى عل أحد أن إيران تمتلك جهاز إستخباراتي من الطراز الرفيع،وتأتي حادثة سقوط وتحطم طائرة الرئيس الايراني رئيسي ضمن سلسة الاغتيالات المتقنة والمدروسة والمخطط لها سلفاً، لتظهر كما لو انها قضاء وقدر نتيجة سوء الاحوال الجوية ، إلا أن ما يدعي للتساؤل كيف استطاعت طائرتين الاخريين الوصول بسلام؟ وكيف لم تبلغ عن مكان وقوع الحادثة واختفاء الطائرة؟ ولماذا التأخير بالاستنجاد بتركيا، للبحث عن الطائرة؟ كما ان الحريق الذي حدث طبعاً سيبعث إشارات معينة. كل ذلك ولم تتمكن ايران من ايجاد الرئيس ورفقاه وكأنه اختفى في مثلث برمودا!، إلا بعد تدخل طائرة “اكينجي” التركية التي لم تستغرق النصف ساعة لاكتشاف ذلك وإرسال الاحداثيات الدقيقة عن موقع مروحية رئيسي، وايضاً مسارعة الخامنئني لاعلام الشعب بأن لا تقلقوا لن يكون هناك فراغ برحيل رئيسي، هناك العديد من التساؤلات التي تدعو للشك ، على الرغم من وجود عدة سيناريوهات ضعيفة منها:
أولاً _ تورط اسرائيل واميركا في عملية اسقاط الطائرة وذلك في منطقة اذربيجان خاصة مع التاريخ العدائي الطويل بين البلدين وتحالف الاخيرة مع اسرائيل مما يوحي بأن اذربيجان متورطة مع اسرائيل في عملية الاغتيال، هذه الفرضية لا يمكن ان تتحقق خاصة في ظل سعي اذربيجان للمصالحة مع ايران، اذا ارادت ان تقوم بذلك العمل طبعا ليس بالسذاجة لتقوم به على أرضها، فهي تعلم جيداً ان اصابع الاتهام ستوجه لها.
ثانياً_ سوء الاحوال الجوية ووقوع الحادثة قضاء وقدر، وهو ضعيفا جداً بالنسبة للطائرتين اللتين اقلعتا معاً في نفس الظروف وفي نفس المسار ووصلتا بسلام، بالرغم من اعلان الرئيس الروسي بوتين ان الطائرتين اللتان وصلتا بسلام هما صناعة روسية , ففرضية الظروف قد ساهمت بطريقة غير مباشرة بطمس معالم الجريمة المدبرة بإتقان وإحكام.
ثالثاً_ اغتيال داخلي من قبل النظام الايراني، وهو المرجح خاصة بأن رئيسي كان من بين أبرز الشخصيات المرشحة لاستلام أعلى منصب في الجمهورية الايرانية بعد رحيل خامنئي، وبالتالي النظام الايراني يريد تسليم ابن خامنئي السلطة وعملية الاغتيال تأتي في سياق قطع فرص وصول رئيسي لهذا المنصب الحساس.
إن عمليات إغتيال الداخل للداخل موضوع في غاية الخطورة والاهمية، ويجب التنبه له، وعدم ربط الامور دوماً بالعدو الخارجي، فالعدو الداخلي قد يكون أكثر شراسة وخطورة.





