ذ.محمد كندولة.
يقول الله سبحانه و تعالى في محكم كتابه الكريم: وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلࣰا مِّمَّن دَعَاۤ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا وَقَالَ إِنَّنِی مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ﴾ [فصلت ٣٣]
الدعوة أحسن الأقوال وأحسن ما يقوم به المرء المسلم في دنياه ، لكسب آخرته ، الدعوة هي العرض الحسن للقيم الإسلامية على أساس الأخوة الإنسانية ، لأننا سنسأل عن الأحسن من الأعمال ،قال تعالى: ” ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك ٢] .
والدعوة بلاغ ورسالة ، تبشير وانذار ، ترغيب و ترهيب ، وكل وسيلة تحقق هذا المقصود تنال شرفا بشرف المقصد.
والدعاة قديماً هم القراء، والقراء هم العلماء الذين أخذوا العلم شيخا عن شيخ. و المغاربة كانوا يمارسون هذا الفعل بغير هذا الإسم ، فهم يعرفون العالم و الفقيه والإمام ، ولم يعرفوا هذا الإسم إلا في السنوات الأخيرة ، ومؤسساتهم التربوية هي المسجد أو الجامع و الزاوية والرباط و الخونق ، فلم تعرف مؤسسة مختصة بالدعوة إلا ضمن المؤسسات العلمية الشرعية.
لقد كنت أظن أن الدعوة إلى الله عند المغاربة فيها تأثير المشرق وشرق المشرق ، حتى قرأت كتاب الشيخ العلامة المغربي محمد المنوني ” التيارات الفكرية في المغرب المريني” والذي بين فيه جهود المغاربة، علماء وأمراء ، خاصة و عامة ، في ترسيخ الإسلام ، عقيدة وشريعة وأخلاق، في التربة المغربية ، بأساليب متنوعة تتسم أحيانا بالرقي والسمو، وبالانفتاح والانتشار تارة أخرى. لقد ساد في المغرب المذهب الأشعري في المعتقدات ، والمذهب المالكي في الفقهيات ، والتصوف السني على طريقة أبي مدين ، وأبي الحسن الشاذلي ، والإمام الجنيد بعد ذلك ، وكل هذا بجهود المغاربة ، الذين لم يروا عن الدين الاسلامي بديلا ، و ذلك ضدا على الممارسة التبشيرية اليهودية والمسيحية بالمغرب ، وضدا على البدع التي ظهرت في البلاد ، ومعارضة للانحرافات السياسية التدبيرية ، بإقامة السنة وتغيير المنكر ، بل وحتى بمقاومة المد المسيحي بالأندلس. ولهذا لا نعجب إذا وجدنا أن نصف القارة الأفريقية مالكية سنية، كما أن المذهب المالكي حكم الأندلس لمدة طويلة، ولا نستغرب إذا عرفنا أن الإمام الحجة العلامة المناضل العز بن عبدالسلام شيخه ومعلمه في التربية الروحية هو الشيخ أبو الحسن الشاذلي الصوفي المغربي.
إن ظهور الأفكار الجديدة في الاجتماع المغربي، والتعليم النظامي في كل فترة وكل حين، كان المغاربة، علماء وامراء ، والعامة و الخاصة، يتصدون لها بأساليب جديدة ومتنوعة من مثل المناظرات وحلقات المراجعات،و خطط مقاومة البدع ، بالاجتهاد المتواصل، وبدعم الاتجاهات الصوفية السنية، وجماعات الدفاع عن الأندلس
و المغرب وسائر البلاد الإسلامية، ضدا على جماعات المتطرفة الضالة و التي سيأتي بيانها في المواضيع المقبلة ودمتم دعاة سالمين غانمين.





