من جهود المرأة العربية في الدراسات اللغوية والنقدية والأدبية (عرض كتاب )

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

الدكتور مصطفى العادل
(جامعة محمد الأول-وجدة/ طالب بديبلوم العلوم الإسلامية-معمقة)

 

 

 

على سبيل التقديم
لقد بذلت باحثات عربيات جهودا كبيرة في الدراسات اللسانية والنقدية والأدبية قديما وحديثا، لكن بسبب الإنتاج الكبير للرجل في هذه المجالات العلمية لا تكاد تُعرف تلك الجهود النسائية، لذا وجب أن تنصبّ الأعمال العلمية على التعريف بجهود المرأة في المجالات العلمية المختلفة، وإبراز جهودها وتقريبها للباحثين من جهة، وتحفيز الباحثات على العلم والمعرفة إنتاجا واقتراحا ومشاركة من جهة أخرى.
واليوم قد اختلفت الظروف وأصبح للمرأة دور بارز في المجتمع العربي، وأتيحت أمامها فرص التضلع من العلوم، والولوج إلى المؤسسات، والمعاهد العلمية المختلفة، والاستفادة من مختلف الوسائل والأدوات العلمية، والاندماج في سوق الشغل بتعدد مجالاته وتخصصاته، لذا يظل دورها مهما في اقتراح البدائل المعرفية من وجهة نظرها وتصورها للعالم، وشقها لطريق العلم في ما يعود بالنفع على الإنسان والكون عامة.
اللوح الأول: صدور الكتاب
تعريفا بجهود المرأة في الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية، استكتبنا عددا من الباحثين في الموضوع أواخر عام 2022، وعنوناه بـ (الكتابة بصيغة تاء التأنيث: مِنْ جُهُودِ اَلْمَرْأَةِ الْعَرَبِيَّةِ المعاصرة في الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية: نَمَاذِج وَتَجَارِب)، شارك في الكتاب عشرون باحثا بأبحاث علمية، أشرفت على تحكيمها ومراجعتها ثلة من أساتذة التعليم العالي بمختلف الجامعات المغربية، ثم راجعه أستاذنا محمد أزهري مراجعة كاملة وقدم له تقديما مفيدا.
صدر الكتاب عن دار ركاز للنشر والتوزيع بالأردن فيما يقرب من 500 صفحة من الحجم المتوسط 17/24، في طبعته الأولى سنة 2023م.
اللوح الثاني؛ ظروف التأليف
راودتني فكرة استكتاب الباحثين في الموضوع قبل عامين، رغبة في الاحتفاء بجهود المرأة في الدراسات اللسانية والأدبية والنقدية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من شهر مارس من كل عام.
أعددت الأرضية منذ ذلك الوقت، وتواصلت مع مركز باحثات من أجل تبني المشروع منذ البداية لمساعدتنا في طباعة العمل وتوزيعه، وانتظرت طويلا دون أن أتوصل بالرد، ثم توالت الأيام، فطوى الدهر والانشغالات باستكتابات أخرى موضوع المرأة إلى أن شاء الله تعالى؛ حيث أعدت صياغة الأرضية من جديد، واستكتبت في الموضوع ثلة من الباحثين الشباب، ممن اختاروا شق طريق الكتابة والبحث العلمي.
اللوح الثالث؛ غرض التأليف
لم يكن هدفنا من إبراز جهود المرأة في الدراسات اللغوية، الانخراط في حركة التمذهب حسب الجنس، إذ لا فرق بين المرأة والرجل، كما لا فرق بين الأسود والأبيض والعربي والأعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح وحظ المرء من إسعاد الناس وإراحة الخلق، رجلا كان أو امرأة.
ولم يكن همنا الانخراط في الحركة التي تحاول أن تميز جهود المرأة في إطارات من قبيل الأدب النسوي، والترجمة النسائية-أو اللسانيات النسوية-كما تقترح الباحثة ربيعة العربي . فالأدب يبقى أدبا واللسانيات تبقى لسانيات، والنقد يبقى نقدا، سواء أنتجه الرجل أو المرأة، والتميز يُحتكم فيه إلى المعايير المنهجية والتصورية التي يفرضها العلم والمعرفة، وكم من امرأة أنتجت ما لم ينتجه عشرات الرجال في مختلف العلوم والتخصصات.

إن الاحتفاء بجهود المرأة هو جزء من الاعتراف بجهودها العلمية إلى جانب الرجل، وهو اعتراف فرضته طبيعة المنتج الذي أبدعه الرجل وحجمه وحظه في الساحة العلمية، إذ تبقى جهود المرأة ضئيلة إذا رمنا المقارنة، مما يجعلها لا تكاد تعرف في الساحة العلمية والفكرية.
أضاف محمد أزهري: ” وكان الهدف من ذلك التعريف بجهود مجموعة من النساء العربيات المعاصرات في مجالات فكرية ولغوية ولسانية ونقدية وأدبية. ولم يكن القصد منه الانخراط في خندق من خندقين سلبيين موجودين في الساحة العلمية والأدبية، عالميا وعربيا، يكرسان معا التمييز المزعوم بين الجنسين: الرجل والمرأة:
– أولهما: الخندق المتعصب للذكورة، ويرى أن ما تكتبه المرأة ما هو إلا رجع صدى لما يكتبه الرجال. ومن ثم اعتبر أصحابه أن “التاء المربوطة” ستبقى كذلك مربوطة بالرجل ومرتبطة به، ولن تتمكن في يوم ما من أن تصبح “مبسوطة” تبسط فيها المرأة خصوصية تجربتها الشخصية، اعتمادا على إمكاناتها الذاتية.
– وثانيهما: الخندق المتعصب للمرأة، ويذهب إلى أن المرأة المبدعة أو الباحثة لها خصوصية ما في كتابتها، ويذهب المغالون فيه إلى القول بأن ما أنتجته المرأة وتنتجه، إنما جاء ردة فعل على هيمنة المجتمع الذكوري، وأن ما كتبته هو رغبتها في تحقيق طموحاتها الإبداعية والعلمية” .
اللوح الرابع؛ مضامين الكتاب
يضم الكتاب تسعة عشر بحثا، أنجزها عشرون باحثا وباحثة، منهم ثلاثة عشر باحثا ذكرا، وست باحثات من الإناث. وقد ارتأينا -كما وضح د. أزهري في تقديمه- أن نوزّعها على ستة محاور أساسية، يتفاوت عدد البحوث في كل محور منها، بحسب ما أسفر عنه واقع المنجَز، بحيث جاءت على هذا الشكل:
– المحور الأول: الكتابة النسائية: السياق والآفاق: يضم بحثين اثنين.
– المحور الثاني: من جهود المرأة في الدراسات اللغوية القديمة: يضم أربعة بحوث.
– المحور الثالث: من جهود المرأة في الدراسات اللغوية الحديثة: يضم ستة بحوث.
– المحور الرابع: من جهود المرأة في الدراسات المصطلحية: يضم بحثين.
– المحور الخامس: من جهود المرأة في الدراسات الأدبية والنقدية القديمة: يضم بحثين.
– المحور السادس: من جهود المرأة في الدراسات الأدبية والنقدية المعاصرة: يضم ثلاثة بحوث.

وقد ركزت البحوث على دراسة قضايا فكرية، أو لغوية، أو نقدية، أو أدبية، انطلاقا من عمل واحد، أو مجموعة من الأعمال التي أنجزتها نخبة من النساء العالمات والمبدعات في الوطن العربي، ينتمين إلى أقطار عدة، هي: المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والعراق، وسوريا، و…بلغ عددهن خمسة عشر، منهن رائدات حملن المشعل في البدايات، وهن: عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، وخديجة الحديثي، ومليكة العاصمي، وفاطمة المرنيسي، ومنهن المنتميات إلى الجيل الذي جاء بعدهن، ومنهن: هناء محمد إسماعيل، ورشيدة العلوي، وفاطمة السلامي، وفاطمة الطبال بركة، وخولة طالب الإبراهيمي، وفاطمة أخدجو، وسمية المكي، وفريدة زمرد، وسعاد الناصر، وضياء الكعبي، وماجدة حمود.
والقاسم المشترك بينهن أنهن أستاذات باحثات معاصرات، اشتغلن ويشتغلن في الجامعات، مؤطرات وباحثات، كل واحدة منهن في مجالات اختصاصها .
اللوح الخامس؛ مزايا تجربة التأليف
تتميز تجربة هذا الكتاب باعتبارها تجربة شبابية بامتياز، فقد كتب أبحاثها مجموعن من الباحثين الشباب في سلك الدكتوراه اعترافا بجهود تلك النساء، وفي هذا إشارة إلى أهمية الشباب في إحياء المشاريع العلمية للسادة العلماء والباحثين الكبار، “ونأمل من هذه التجربة أن تحقق الأهداف المرجوة منها؛ وفي مقدمتها:
– الهدف الأول: إبراز جهود هذه الثلة الخيرة النيرة من النساء العربيات المعاصرات اللواتي أخذن على عاتقهن أمر الكتابة الإبداعية أو العلمية، واعتبرنه همّا قررن الخوض فيه بكل ما أوتين من قوة، في مجال اختصاص كل واحدة منهن.
– والهدف الثاني: هو تشجيع هذه النخبة من الباحثين الشباب على ضرورة اقتحام عقبة البحث العلمي الجاد والهادف، بغية التمرس به، في أفق إيجاد جيل جديد من الباحثين الذين سيحملون مشعل البحث العلمي الذي سيضيء الطريق لغيرهم من الباحثين، حاضرا ومستقبلا، بحول الله تعالى وتوفيقه” .
اللوح السادس؛ كلمة شكر
اكتملت -بحمد الله تعالى- أبحاث الكتاب وأتيح في طبعة ورقية أنيقة أمام القراء، ليسد ثغرة في المكتبة العربية، وبخاصة ما يتعلق بجهود المرأة في الدراسات اللغوية القديمة، واللسانية الحديثة والترجمة، والدراسات المصطلحية، والأدبية، والنقدية، القديمة والحديثة.
وإذ نقدم مضامين هذا الكتاب للقارئ الكريم، آملين أن يجد فيها ما يحتاجه، فإننا نذكر بأنها أبحاث لباحثين شباب في بداية طريقهم العلمي والتأليفي، اختاروا أن يسهموا في إغناء المكتبة العربية بدراسات في موضوعات اهتماماتهم من ناحية، والسعي لتطوير مهاراتهم في البحث والكتابة والتأليف، استعدادا لتحمل الهم المعرفي والمسؤولية العلمية في العقود القادمة، من ناحية ثانية.

أقدم شكري الكبير لكل الباحثين المشاركين على صبرهم، وتحملهم عناء البحث والتصحيح والتدقيق والمراجعة، كما أقدم أسمى عبارات التقدير والاحترام لأعضاء اللجنة العلمية على سعة صدورهم، وسهرهم الدائم في مراجعة أبحاث الباحثين وتدقيقها، وإفادتنا بالتوجيهات الضرورية إلى أن طبع العمل، فأنا ممتن لكل عضو باسمه الكريم على تعاونه المستمر، وتشجيعه الدائم على الاستمرار ومواصلة العمل إشراكا للباحثين الشباب في العلم والمعرفة واقتحام عقبة الكتابة والتأليف.
ولا يفوتني في الختام أن أقدم عبارات الشكر المليئة بمعاني المحبة والتقدير لأستاذنا الدكتور محمد أزهري الذي لم يتردد يوما في الترحيب بفكرة مراجعة كل الأبحاث وتدقيقها وتصحيحها سطرا سطرا ، والتقديم لها بصفحات تقدّر الباحثين الشباب، وتنظر إليهم بالكثير من المحبة والرأفة، وتحفزهم على مواصلة الطريق دون الالتفات إلى العراقيل التي تواجه الكتّاب وتصدّهم عن هذه الغاية السامية، إسهاما منه في إعداد الباحثين لمعركة العلم والبحث التي تحتاجها أمتنا العربية الإسلامية في سعيها للبناء الحضاري واستعادة ازدهارها وبريقها.

1-مجموعة من الباحثين، الكتابة بصيغة تاء التأنيث: مِنْ جُهُودِ اَلْمَرْأَةِ الْعَرَبِيَّةِ المعاصرة في الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية: نَمَاذِج وَتَجَارِب، إعداد وتنسيق مصطفى العادل، مراجعة وتدقيق محمد أزهري، دار ركاز للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2013.
2-مركز باحثات من المراكز والمؤسسات العلمية المتخصصة في شؤون المرأة، يوجد مقره الرسمي بالمملكة العربية السعودية، وقد أسهم المركز بعدد كبير من الدراسات العلمية في قضايا المرأة وجهودها في مختلف المجالات، وكذا تطلعاتها وأدوارها المهمة في التنمية والتقدم.
3-ينظر ربيعة العربي، (2 أبريل 2022م)، هل الكتابة النسائية موجودة، الموقع الفرعي في الحوار المتمدن، تم الاطلاع في 28 يناير 2023م، على الساعة 21:32، الرابط:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751803
4-مجموعة من الباحثين، الكتابة بصيغة تاء التأنيث: مِنْ جُهُودِ اَلْمَرْأَةِ الْعَرَبِيَّةِ المعاصرة في الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية: نَمَاذِج وَتَجَارِب، ص 14-15
5-اعتمدنا في هذا اللوح على ما أورده محمد أزهري في تقديمه؛ إذ أشار إلى محتويات الكتاب بنوع من التفصيل والدقة لا حاجة لإعادة سرده، ينظر الكتاب نفسه، ص 15-16
6-مجموعة من الباحثين، الكتابة بصيغة تاء التأنيث: مِنْ جُهُودِ اَلْمَرْأَةِ الْعَرَبِيَّةِ المعاصرة في الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية: نَمَاذِج وَتَجَارِب، ص 17
7-سبق له أن راجع بعض المؤلفات الجماعية ودققها وقدم لها، وبذل فيها جهدا جبارا من أجل أن تصل إلى القارئ في حلة جيدة وخالية من الأخطاء والعيوب، وهي (الأسس العلمية والخلفيات الفلسفية للعلوم اللغوية العربية)، و(العلوم اللغوية العربية: أسس ومقاربات معرفية)، ستصدر عن دار الكلمة والدار المغربية، وكتاب (فَلْسَفَةُ تَأْهِيلِ الْمُدَرِّسِينَ عِنْدَ مُحَمَّد بَازِّي: أَبْحَاثٌ مُحَكَّمَةٌ وَقِرَاءَاتٌ تَحْلِيلِيَّةٌ مُعَمَّقَةٌ فِي أَعْمَالِهِ التَّرْبَوَّية)، في طور النشر بحول الله تعالى.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...