في زمن تتسابق فيه العواصم العالمية على تجويد بنياتها التحتية وجعل مطاراتها واجهات مشرقة تعكس صورتها لدى الزائرين، تقف العاصمة المغربية الرباط في موقع لا يليق بمكانتها. فالمدينة التي تحتضن القصر الملكي، البرلمان، والمقار الكبرى للوزارات والسفارات، ما زالت تعاني من مطار محدود الإمكانيات، لا يواكب تطور العصر ولا يعكس وزن المدينة كعاصمة سياسية وثقافية للمملكة.
مطار الرباط-سلا، بمساحته المحدودة وخدماته المتواضعة، يبدو أقرب إلى محطة إقليمية منه إلى بوابة جوية لعاصمة بلد يطمح إلى لعب أدوار محورية في إفريقيا والمتوسط. ضعف الطاقة الاستيعابية، غياب التجهيزات الحديثة، والارتباك الذي يظهر مع أي تدفق بسيط للمسافرين، كلها مؤشرات تطرح أكثر من علامة استفهام حول جدية التعاطي مع هذا الملف الاستراتيجي.
المفارقة أن مشروع توسعة المطار انطلق رسمياً سنة 2018 بتمويل عمومي، وكان من المفترض أن يشكّل نقلة نوعية برفع الطاقة الاستيعابية إلى أربعة ملايين مسافر سنوياً. لكننا اليوم، وبعد مرور سبع سنوات، لا نجد أثراً ملموساً لهذا الطموح سوى بعض التصريحات القديمة، فيما يغيب التتبع المؤسساتي والتواصل مع الرأي العام.
ما الذي يُعيق التنفيذ؟ هل هو بطء في الإجراءات الإدارية؟ عوائق مالية؟ أم غياب التنسيق بين المتدخلين؟ مهما تكن الأسباب، فإن غياب الوضوح يفتح الباب أمام التأويل ويضعف ثقة المواطن في فعالية البرامج الحكومية.
الرباط، بما تمثله من رمزية وطنية، لا يمكن أن تظل مرتبطة بشبكة جوية متواضعة تضعها في مرتبة دونية مقارنة بمدن مغربية أخرى مثل الدار البيضاء أو مراكش. والواقع أن الأمر لا يرتبط فقط بالسفر والراحة، بل هو جزء من منطق التنمية الترابية والعدالة المجالية. إذ كيف يمكن جذب الاستثمارات وتنشيط السياحة وتيسير عمل البعثات الدبلوماسية إذا كانت البنية المطارية لا تواكب هذه الرهانات؟
إن مطاراً حديثاً ليس ترفاً عمرانياً، بل ضرورة استراتيجية. وهو اختبار حقيقي لإرادة التغيير والتحديث. فهل تتحرك الجهات المسؤولة لتسريع الأشغال، وتقديم توضيحات للرأي العام حول التأخر؟ أم سيبقى الملف رهين النسيان الإداري والصمت المؤسسي؟
في انتظار ذلك، تظل العاصمة في حالة ترقب، ويظل المطار رمزاً لصراع المغرب بين الطموح المشروع… والواقع المؤجل.





