الولايات المتحدة الأمريكية: إعترافنا بسيادة المغرب على الصحراء أمر مهم

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

سعيد المرابط

 مساعد وزير الخارجية الأمريكية المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شنكر زار أمس الأحد، رفقة وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، المقر المؤقت لتمثيلية بلاده الدبلوماسية في مدينة الداخلة، جنوب الصحراء الغربية، دعمًا لسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية.

وعكس ما كان متوقعًا، لم يفتتح شنكر وبوريطة بشكل رسمي المبنى الذي أعد ليكون مقر قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية في الداخلة، العاصمة الاقتصادية للصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وعبّر شنكر في مستهل كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير خارجية المغرب، عبّر عن سعادته لوجوده في المغرب مرة أخرى اليوم.

وقال المسؤول في خارجية واشنطن لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «التقيت للتو بوزير الخارجية بوريطة لمناقشة أهداف سياستنا الخارجية المشتركة ومراجعة التطورات الأخيرة».
وأضاف قائلاً: «يمكنني أن أعلن بحماس شديد أن العلاقة بين الولايات المتحدة والمغرب دائمة القوة وتستمر في الازدهار، وأن أفضل سنواتنا معاً ما زالت آتية».

وأشار إلى أن عام 2021 يمثل «مرور 200 عام منذ أن فتحت الولايات المتحدة الأمريكية أول بعثة دبلوماسية لها في المغرب – أقدم منشأة دبلوماسية لنا في أي مكان في العالم».
وشدد شنكر على أن «المغرب شريك محوري للاستقرار الإقليمي، حيث يحظى بلدانا بشراكة عسكرية واسعة» مضيفًا أن «المغرب هو البلد الوحيد في إفريقيا الذي أبرمنا معه اتفاقية التبادل الحر، والتي ضاعفت الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2006».

إشادة بتطور العلاقات

وأكد المسؤول الأمريكي على ازدهار العلاقة الاقتصادية بين الرباط وواشنطن «نمت قيمة تجارتنا الثنائية خمسة أضعاف في الإطار الزمني نفسه».
وعرج في معرض حديثه على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشهر الماضي أن الولايات المتحدة «تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية وأن إسرائيل والمغرب، وهما من أقرب حلفائنا، يعززان علاقاتهما الدبلوماسية».
وأشار إلى أن هذه الأخيرة «كانت بعضًا من أهم التطورات على مدى قرنين من الصداقة بين الولايات المتحدة والمغرب».
وخلص إلى أن بلاده «ملتزمة بتعميق وتعزيز علاقاتنا مع الشعب المغربي من خلال علاقتنا التجارية، من خلال التبادل الثقافي، ومن خلال العلاقات بين الحكومتين».

وأشاد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بالعلاقات بين واشنطن والرباط، وقال: «العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب تسير بإيقاع غير مسبوق، وشهدت تطورًا مهمًا جدًا، سواء من خلال تعدد الزيارات أو التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات لتطوير التجارة». وأكد أن مواقف البلدين «متقاربة جدًا في العديد من القضايا الدولية والإقليمية».وأضاف أن الدولتين لهما على المستوى السياسي والدبلوماسي مواقف متقاربة جدًا مع واشنطن بشأن إيران وفنزويلا والعديد من القضايا الأخرى.
وأشار إلى أنه ناقش مع شنكر «العديد من القضايا الإقليمية حول ليبيا والساحل والشرق الأوسط» مؤكدًا أن «العمل سيستمر مستقبلًا مع الولايات المتحدة بروح الشراكة والأصدقاء والحلفاء، وأن قنصلية الداخلة تمثل توجهًا اقتصاديًا نحو العمق الإفريقي».

ترحيب مغربي

وصرح محمد طالب، عضو «المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية» إن «زيارة شنكر للأقاليم الجنوبية تكتسي أهمية قصوى في مسار قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية».

وأوضح أن زيارة مسؤول أمريكي كبير من حجم شنكر تمثل مضي الولايات المتحدة في التزاماتها تجاه المغرب، خصوصاً بعد القرار الكبير الذي اتخذه الرئيس المنتهية ولايته والقاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.واستطرد قائلاً إن زيارة شنكر للصحراء كمسؤول كبير رغم ما يحدث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية من تقاطبات ومشاكل سياسية كبيرة يدل على أن قرار الولايات المتحدة القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، قرار استراتيجي لن يتغير تحت أي ظرف، حسب تعبيره.ومن جهة أخرى، يقول محمد طالب: «تأتي هذه الزيارة بعد عودة شنكر من زيارة الجزائر، التي حاول مسؤولوها بكل جهد التأثير على مجريات الأحداث، أو على الأقل القيام باختراق ولو كان محدوداً في هذه الظرفية».
ويرى طالب أن شنكر بعد أن «أكد على مواقف بلاده أمام الملأ وفوق التراب الجزائري، توج بهذه الزيارة تأكيد المواقف الأمريكية المعبر عنها بخصوص الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على الأقاليم الصحراوية».

كما أكد أن هذه الزيارة تكتسي أهمية قصوى، بالنظر لحجم المصالح المشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية في الجوانب الاقتصادية والعسكرية والأمنية.
وتعدّ زيارة شنكر إلى الداخلة جزءاً من الاتفاق ثلاثي الأطراف الموقع في 22 ديسمبر بين الأمريكيين والإسرائيليين والمغاربة، للتطبيع الدبلوماسي بين المغرب وإسرائيل، مقابل اعتراف واشنطن بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.
ويحدث ذلك في ضوء توقف المفاوضات السياسية بين المغرب والبوليساريو برعاية الأمم المتحدة حول هذه المنطقة الصحراوية، المتنازع عليها منذ عقود.

ويريد المغرب، الذي يسيطر على نحو ثلثي هذه المنطقة «الحكم الذاتي تحت سيادته» بينما جبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر المجاورة، تطالب بالاستقلال وتدعو إلى إجراء استفتاء على تقرير المصير، ترعاه الأمم المتحدة.
ومع اقتراب ترامب من مغادرة البيت الأبيض، سارع فريقه ببنود الاتفاق، مما جعل المغرب رابع دولة تصعد قطار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعد الإمارات والبحرين والسودان، مقابل إضفاء الشرعية على وجودها في الصحراء الغربية.
وقال مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنير، خلال أول رحلة تجارية بين تل أبيب والرباط: «اعترافًا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، رفض الرئيس ترامب الوضع الراهن الفاشل الذي لم يستفد منه أحد، وبدلاً من ذلك وضع حلاً دائمًا ومقبولاً للطرفين على المسار الصحيح».ونصت الاتفاقية حينئذ على فتح قنصلية أمريكية في الداخلة، كما تضمنت استثمارًا بقيمة 3 مليارات دولار، أطلقه بنك التنمية الأمريكي من أجل «الدعم المالي والفني لمشاريع الاستثمار الخاصة» في المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء.

وبالإضافة إلى الشق المالي، تعتبر الرباط أن اعتراف الولايات المتحدة بـ«مغربية الصحراء» هو «تقدم دبلوماسي تاريخي».
وخرقت جبهة البوليساريو وقف إطلاق النار الموقع في عام 1991 برعاية الأمم المتحدة منتصف نوفمبر بعد أن نشر المغرب قواته في منطقة منزوعة السلاح على الحدود مع موريتانيا، بهدف ضمان «الأمن» في البلاد، والطريق الوحيد المؤدي إلى غرب إفريقيا.
فيما ما يزال موقف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ضبابيًا، إذ لم يعلق بعد على قضية الصحراء.

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...