نقاط خلافية بين الأحزاب المغربية حول تعديل القوانين الانتخابية 2021 هل سترضي الجميع؟

إيطاليا تلغراف

 

 

 

ماجدة أيت لكتاوي

 على بعد شهور قليلة من الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والجماعية (البلدية) في المغرب، طفت على السطح نقاط خلافية بين الأحزاب المغربية حول تعديل القوانين الانتخابية، متمثلة في الأساس في «القاسم الانتخابي» و«العتبة الانتخابية» و»نظام التصويت الفردي» و«الجمع بين الاستحقاقات التشريعية والمحلية» أو ما يطلق عليه «حالة التنافي» وغيرها.
ومنذ يونيو 2020 عقدت وزارة الداخلية المغربية مشاورات جمعتها مع الأحزاب السياسية حول مشاريع القوانين الانتخابية المنتظر إحالتها على البرلمان للتصويت عليها وإقرارها، واعدة «بالحياد التام إزاء كافة الأطراف المتنافسة، سواء خلال مرحلة الإعداد لمختلف العمليات الانتخابية، أو بمناسبة إجرائها».

ومن أبرز النقاط الخلافية بين الأحزاب المغربية والتي خرجت للعلن، مسألة «القاسم الانتخابي» (أو الحاصل الانتخابي) والمقصود به المُعدَّل الذي يُحتَسب على أساسه توزيع المقاعد، إذ انقسمت الأحزاب إلى فريقين، فريق يدعو إلى احتساب أصوات الناخبين على أساس الأصوات المُعبَّر عنها خلال الانتخابات بشكل صحيح، وفريق ثانٍ يدعو إلى احتساب الأصوات على أساس المُسجَّلين في اللوائح الانتخابية.

كما احتدّ النقاش حول مسألة «العتبة الانتخابية» التي تعني الحد الأدنى من الأصوات الواجب على كل مترشح لعضوية مجلس النواب الحصول عليها في الانتخابات التشريعية من أجل الظفر بأحد المقاعد المتنافس عليها في الدوائر الانتخابية. وتباينت الآراء ما بين مُطالب برفع العتبة إلى 6 في المئة، وما بين داعٍ إلى الاحتفاظ بنسبة 3 في المئة كعتبة، وفق ما اعتُمد في انتخابات 2016 بينما هناك من يدعو إلى إلغاء العتبة نهائياً، حتى لا تُقصَى الأحزاب الصغيرة من حضورها في البرلمان.
وفيما يخص نظام التصويت، يبدو أن هناك اتجاهاً إلى الإبقاء على الاقتراع بنمط اللائحة في المناطق التي تتوفر على 50 ألف نسمة وما فوق، بينما يُطبّق التصويت الفردي في المناطق التي تتوفر على عدد السكان أقل من ذلك الرقم.

ويُطالب الكثيرون بالتشديد على «حالة التنافي» في تعديلات القوانين الانتخابية، للحيلولة دون أن يجمع مُرشَّح معين بين التسيير المحلي لشؤون البلديات والتمثيل في البرلمان. ومثل هذه الحالات الموجودة حالياً، حسب مُراقبين، تمنع من الأداء السياسي الفعّال، ولا تسمح بتجديد النخبة وإتاحة المجال للكفاءات من أجل مشاركة سياسية أنجع.وأوضحت ابتسام عزاوي، نائبة برلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، أنها تنتظر إحالة مشروع القانون على البرلمان حتى تستطيع التحدث عن التعديلات المنتظرة احتكاماً إلى مسودة واضحة المعالم.

وقالت في هذا الصدد: «كنائبة برلمانية، أنتظر إحالة مشروع القانون حتى أقوم بالتفاعل معه بشكل مؤسساتي، وفق الأدوات التي يكفُلُها لي الدستور، كمشرّعة ومساهمة فيه، لمناقشة مشروع القانون وتقديم اقتراحات وتعديلات».
ومن النقاط التي ينتظر تعديلها، ما جرى تسريبه مؤخراً بخصوص إلغاء «لائحة الشباب» وهو ما علّقت عليه البرلمانية الشابة قائلة لـ«القدس العربي»: «سيكون خطأً جسيماً وإجراماً في حق الشابات والشباب المغربي، وسيكون تراجعاً عن مكتسب ديمقراطي مهم يمكّن الفئة التي تمثل اليوم غالبية المجتمع المغربي من المشاركة ومن إيصال صوتها إلى البرلمان، كنت أتمنى لو كان النقاش مخالفاً، كيف ندعم التمثيلية السياسية للشباب؟».

وتساءلت عزاوي: «إن كانت اللائحة ستُلغى، فهل هناك بدائل، أم سيُحرم الشباب من ولوج المؤسسة البرلمانية؟» وأشارت إلى أن الجدل لطالما رافق «الكوتا» بشقَّيها المتعلق بالشباب وكذا النساء، معتبرين إياها ريعاً، موضحة أن المشكل ليس في الآلية في حد ذاتها بل الكارثة كان في طريقة استخدامها، حين عمد بعض القيادات السياسية إلى إدراج أسماء أبنائهم وبناتهم وزوجاتهم في ضرب سافر لمبادئ الاستحقاق والكفاءة والنضال والتراكم.
من بين التسريبات الأخرى أن عدد المقاعد المخصصة للشباب سيجري تفويتها للنساء، النقطة التي علقت عليها البرلمانية قائلة «هذه الطريقة سوف تخلق نوعاً من التصادم داخل الأحزاب بين منظمات الشباب وهيئات النساء، وهذا لا يخدم أحداً، من اللازم دعم تمثيلية النساء، لكن ليس على حساب الشباب».

وحول صناعة المعايير الانتخابية خلال مرحلة مهمة وحساسة، وصف عبد المنعم لزعر، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدستوري، الخطوة بمثابة «عملية تنافس وصراع معياري» موضحاً أن كل طرف حزبي يحاول الدفاع عن الصيغ الانتخابية التي تخدم مصالحه الانتخابية، على اعتبار أن الصيغ الانتخابية ليست فقط صيغاً تقنية، فأحياناً تكون لها تأثير على نتائج الانتخابات خلال يوم التصويت، وهو تأثير قد يكون حتمياً، وأحياناً أخرى يكون احتمالياً وأحياناً يكون عكسياً. ولفت «القدس العربي» إلى أن الصراع والخلاف يكونان عادة تحت ضغط التأثيرات الحتمية، فالمدافعون عن احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين يدافعون على مخرجات حتمية، حيث تساعد هذه الصيغة اندماج الأحزاب السياسية الصغرى والمتوسطة في دائرة التمثيلية مقابل الحد من احتمال حصول الأحزاب السياسية الكبرى على أكثر من مقعد على مستوى الدائرة الانتخابية الواحدة. وأضاف المتحدث أن هذا مجرد مثال للتَّدليل على أن «الخلاف القائم حول عدد من الصيغ الانتخابية هو خلاف تحركه رهانات الصراع حول المقاعد، ومن ثم تصدر المشهد الانتخابي في الانتخابات التشريعية المقبلة». النقاش حول المعايير الانتخابية والخلاف حول صيغة «القاسم الانتخابي» وصيغة «اللائحة الوطنية» وغيرها، هو نقاش وخلاف طبيعي، يقول الباحث في العلوم السياسية، متابعاً أنه مرتبط أولاً بتعددية حزبية وبتحيزات معيارية متنافسة، وبطموحات حزبية متباينة ورهانات حزبية غير موحدة.

«في جميع الأحوال، فإن هذا الخلاف والصراع سينتهي بتسوية معيارية، قد تكون تعاونية عبر التوافق، أو غير تعاونية، من خلال تصويت الأغلبية على التصورات المعيارية التي تلائمها، وهي مسطرة عادية ومسار عادٍ مندمج في إطار المسارات التي تعمل وفقها المنظومة الديمقراطية. وحتى عندما تظهر مسارات غير مألوفة، فإن الممارسة تبتدع آليات للخروج من المآزق التي تولدها هذه المسارات» يختم الأكاديمي المغربي كلامه.

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...