الدعوة إلى المفاوضات.. تسجيل المواقف.

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

محمد سالم عبد الفتاح

 

 

ليس صدفة أن يدعو كل من البشير مصطفى السيد من نواكشوط، ومحمد سالم ولد السالك من الجزائر، يدعوان الى العودة الى المفاوضات في نفس الآونة.

وفي نفس الوقت يطالب أيضا وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بدخول طرفا النزاع الرئيسيان المغرب والبوليساريو في مفاوضات مباشرة، بالموازاة مع الأنباء الرائجة حول محاولة وزير الخارجية الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد تدشين مساعي وساطة في ما بين الطرفين الرئيسين، بعد اسقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد غزواني لوفد رسمي عن الجبهة.

أما المغرب فيعرب وزير خارجيته ناصر بوريطة بمناسبة افتتاح قنصلية السينغال بالداخلة، عن رفضه للتفاوض مع البوليساريو، مؤكدا على أن الطرف المعني هو الجزائر بالدرجة الأولى، كما يؤجل استقبال وزير الخارجية الموريتاني، بداعي الاجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة كورنا، وينظم في ذات الأثناء مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الأمريكي تشمل – وللمرة الأولى – مناطق داخل الإقليم المتنازع عليه، بالتزامن مع استكماله لمسلسل افتتاح قنصليات الدول الداعمة لسيادته على الصحراء الغربية في مدن الإقليم.

من جهتها الجزائر، فرغم تأكيد رئيسها عبد المجيد تبون على الموقف الجزائري التقليدي، والمتمثل في المطالبة في تنظيم استفتاء تقرير المصير، إلى أنه حصر في مقابلة تلفزيونية جهود حل النزاع على هيئة الأمم المتحدة، لكنه وفي إشارة اعتبرها بعض المتابعون تغيرا في الموقف الجزائري الرسمي، على أن “كل المقترحات قابلة للتداول في إطار البحث عن حل لقضية الصحراء الغربية”، ما يفهم منه أنه قبول ضمني بالتعاطي مع المقترح المغربي القاضي بمنح الإقليم حكما ذاتيا.

أما موريتانيا التي لا تزال تتمسك بما تصفه رسميا بـ”الحياد الإيجابي”، فتحاول أن تأخذ بزمام المبادرة بخصوص التوسط لدى بقية إطراف نزاع الصحراء الغربية، خاصة بعد مضي فترة كافية لاستكمال بلورة مواقف تلك الأطراف إزاء التطورات الميدانية المسجلة في المنطقة مؤخرا، حيث يدشن وزير خارجيتها زيارات مكوكية الى كل من الجزائر، تونس، والمغرب، بالموزاة مع استقبال رئيسها محمد ولد غزواني لوفد رسمي عن جبهة البوليساريو.

لكن موريتانيا تبدو أقرب الى المغرب، باعتبار المواقف الضمنية التي عبرت عنها مؤخرا، في ما يتعلق التنسيق مع الجانب المغربي حول تأمين الأخير لمعبر الكركرات، رغم اعتراض البوليساريو على الخطوة الأمنية المغربية، الى جانب إثارة الحديث إعلاميا في دوائر محسوبة على الجهات الرسمية في كلا البلدين حول قرب تنزيل اتفاقيات سبق توقيعها بينهما بخصوص تدشين معبر حدودي بري جديد يربط البلدين شرق إقليم الصحراء الغربية.

في المجمل، يبدو أن الأطراف قد دخلت في مرحلة تقييم فترة التصعيد العسكري والإعلامي الأخير في المنطقة، ففي حين يظهر اطمئنان المغرب لحصيلته الميدانية والسياسية، عبر تريثه في التعاطي مع الدعوات الرامية الى العودة للمفاوضات، تؤجل البوليساريو ساعة الحسم عبر الركوب على الخطاب الشعبوي الحماسي إعلاميا، بالموازاة مع تهدئة الأوضاع الميدانية، رغم انكشاف هول خساراتها الاستراتيجية.

عموما تبدو الأطراف جميعا غير جاهزة للدخول في مفاوضات مباشرة في الوقت الحالي، فرغم اختلال ميزان القوة لصالح أحد الطرفين، وتراجع أداء الطرف الآخر، الى جانب الحديث عن تعيين وزير الخارجية البرتغالي الأسبق لويس أمادو كمبعوث أممي جديد خاص بملف الصحراء الغربية، إلا أن تباين وجهات النظر المعبر عنها من طرف الجهات المعنية بالنزاع، سيفرض مراحل تحضيرية مطولة لتقريب الأطراف، ودعم بناء الثقة، قبل الحديث عن أي إمكانية لأنجاح مفاوضات مباشرة فيما بينهم.

أما المستفيد من بقاء الحال على ماهو عليه هو المغرب، الذي لا يزال يراهن على عامل الزمن، ويكرس وضع الستاتيكو، من خلال توظيف المكتسبات الميدانية لتحقيق المزيد من الانجازات العسكرية والتنموية، وجلب الاعتراف الدولي بسيادته على الاقليم سواء بشكل صريح من خلال القرارات المؤيدة له، أو عبر افتتاح التمثيليات الدبلوماسية، أو بشكل ضمني من خلال التفاهمات الاقتصادية والأمنية التي تشمل الإقليم.

ففي حين تخسر البوليساريو أهم الأوراق الاستراتيجية التي في حوزتها تباعا، وفي مقدمتها ورقة إعلان الحرب التي ظهر للعيان انعدام فعاليتها، إلى جانب ورقة التهديد بغلق معبر الكركرات، التي استحالت إلى معبر مؤمن من طرف المغرب، وحديث عن اعتزام كل من المغرب وموريتانيا افتتاح معبر بري جديد بمنطقة آمكالا شرق الإقليم.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...