السلطات المغربية تطوّر قطاع الصناعات الغذائية لتحصين المخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

 

*محمد ماموني العلوي

 

 

دفعت أزمة اضطرابات الإمدادات العالمية الحكومة المغربية باتجاه إعادة النظر في نشاط الصناعات الغذائية عبر دعمها بمجموعة من الاستثمارات الجديدة والتي يرجح خبراء أن تسهم في ضمان أمن الغذاء على أسس مستدامة، وتساعد في زيادة زخم صادرات القطاع، وتزيد زخم سوق العمل.

الرباط – يعتزم المغرب تطوير الصناعات الغذائية لضمان الأمن الغذائي والمساهمة في دعم سوق العمل عبر تركيز منظومة متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والمشتقات النفطية في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات في سلاسل التوريد إلى جانب الجفاف.

ونظرا لمكانة الصناعات الغذائية في الصناعة عموما من حيث تنوع أنشطتها ومساهمتها في تأمين المخزون الغذائي، فقد كشف وزير الصناعة والتجارة رياض مزور مؤخرا عن خطط لتوفر 900 مشروع استثماري في إطار سياسة استبدال الواردات بالاستثمارات.


رياض مزور: المشاريع الجديدة سوف توفّر نحو مئتي ألف فرصة عمل

وتعد الصناعات الغذائية الأكثر توفيرا لفرص العمل ما يجعل هذا القطاع ذا بعد استراتيجي بالنسبة إلى الاقتصاد المغربي. وتؤكد الحكومة أن القطاع في صلب اهتمام كل من وزارتي الزراعة والصناعة.

ومن المتوقع أن توفر هذه المشاريع مئتي ألف فرصة عمل. وقال مزور خلال جلسة استماع في البرلمان في وقت سابق هذا الأسبوع إن “هذه المشاريع ستمكن من توفير 80 ألف فرصة عمل مباشرة و120 ألف فرصة عمل غير مباشرة”.

وتعتقد الحكومة أنه لتنمية الصناعات الغذائية، تم اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير المصاحبة، منها منح مساعدات لتأهيل وحدات التصنيع في شكل تحفيزات تتراوح بين 10 و30 في المئة من قيمة الاستثمارات كما تقدم السلطات دعما مهما للمصدرين.

وبالإضافة إلى ذلك الشروع في تقديم تمويلات لعمليات استكشاف أسواق دولية جديدة مع تطوير قنوات التسويق، إضافة إلى الاهتمام بعمليات التدريب والابتكار والتقييس المنتجات الغذائية والتصديق وغيرها.

وبحسب معطيات رسمية تعمل حوالي 2100 شركة في قطاع الصناعات الغذائية، وتحقق رقم معاملات يبلغ في المتوسط 161 مليار درهم (16.4 مليار دولار) سنويا منها 3.2 مليار دولار في الصادرات وأربعة مليارات دولار كقيمة مضافة.

وتندرج الاستثمارات في الصناعات الغذائية ضمن الأولويات الاستراتيجية لتعويض الواردات بمنتوجات محلية تستجيب لاحتياجات السوق المحلية مثل مشتقات الألبان والعصائر ومعجون الطماطم وغيرها من المواد الغذائية التي يمكن وضعها في معلبات.

ويقول عبدالمنعم لعلج رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعات الغذائية إن القطاع يلعب دورا اجتماعيا واقتصاديا مهما من خلال مساهمته في ضمان الأمن الغذائي.

وأكد أن القطاع أظهر صمودا خلال العامين الأخيرين على الرغم من أنه واجه العديد من الصعوبات والتحديدات على إثر الأزمة الصحية العالمية.

وفي إطار تعزيز سيادة المغرب الغذائية والصحية، تم توقيع اتفاقيات استثمارية بين وزارة الصناعة والتجارة والفاعلين الصناعيين في قطاع الصناعات الغذائية، ستمكن من إنجاز 10 مشاريع باستثمار تبلغ قيمتها التقديرية بأكثر من 121 مليون دولار.


عبدالمنعم لعلج: القطاع يلعب دورا مهما في ضمان الأمن الغذائي للبلاد

ومن المتوقع أن توفر هذه المشاريع أكثر من 1500 فرصة عمل مباشرة ونحو 2400 فرصة غير مباشرة.

واعتبر مزور أن الوتيرة المتواصلة للاستثمارات المولِّدة للثروات وفرص العمل، والتي تتشكل في معظمها من رؤوس أموال مغربية، “تعكس الديناميكية الكبرى التي تشهدها الصناعة الغذائية وأهمية الدور الذي يضطلع به التصنيع المحلي كمحفز للتنمية الجهوية”.

وتأتي هذه المشاريع الاستثمارية في إطار البرنامج التعاقدي لتنمية الصناعات الغذائية، في عدد من جهات البلاد تهم تخصصات عصير الحوامض والبسكويت والشوكولاتة والعجائن الغذائية والكُسكُس وتحويل الفواكه والخضروات وصناعة الألبان.

وأكدت إدارة الصناعات الغذائية الزراعية بوزارة الصناعة أن الاستثمارات الجديدة تستهدف في طياتها تطوير صادرات القطاع عبر منتجات متنوعة ذات قيمة مضافة عالية نظرا للإمكانات الكبيرة للقطاع من حيث إنتاج المواد الأولية النباتية والمنتجات السمكية.

وارتباطا بتطوير الصناعة حتى تساعد في تأمين الغذاء أكد وزير الفلاحة محمد صديقي الاثنين الماضي أن الحكومة تعكف على وضع تصور لترسيخ منظومة متكاملة للمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، والتدابير العملية التي سيتم وضعها لضمان سيادة غذائية في ما يخص هذه المنتجات.

وكان الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية في أكتوبر الماضي قد دعا إلى “تأسيس منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية لاسيما الغذائية والصحية والطاقية والعمل على التحيين المستمر للحاجيات بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد”.

2100 شركة تنشط في السوق تحقق رقم معاملات يبلغ في المتوسط 16.4 مليار دولار سنويا

وأكد خبراء اقتصاديون على أهمية المخزون الاستراتيجي الذي يضمن الأمن الغذائي في ظل التحولات الدولية التي تؤثر على التوريد وتغير الأسعار. وأشاروا إلى أن توفير مخزون احتياطي من شأنه أن يساعد في شقين أساسيين وهما تغير الأسعار ونقص الاحتياطي الدولي.

ويساهم قطاع الصناعات الغذائية في تلبية احتياجات المستهلك المغربي وضمان الأمن الغذائي، وخلق فرص الشغل والقيمة المضافة، خصوصا في المشاريع الاستثمارية التي تعتمد على تحويل مواد أولية زراعية منتجة محليا كصناعة تحويل الفواكه والخضروات وصناعة زيت الزيتون وصناعة منتجات الحليب.

ويتم توجيه إنتاج صناعات الحليب والسكر والزيوت والحبوب واللحوم ضمن قطاع الصناعة الغذائية نحو السوق المحلية بنسبة 95 في المئة، في حين أن الصناعات التحويلية للفواكه والخضر الطازجة فإن نحو 75 في المئة من منتجات هذه الصناعة موجه للتصدير.

ويعتبر قطاع الصناعات الغذائية شديد التنوع من خلال بعض الشركات الرائدة، مثل كوسومار التي تأسست سنة 1929، وسنترال ليتيير التي أنشئت عام 1940، ولوسيور التي تأسست سنة 1941.

وتتواجد كوسوما بشكل قوي في خمس جهات في البلاد من خلال 80 ألف قطعة أرضية، وثمانية مصانع لإنتاج السكر، منها معمل الدار البيضاء الذي يعتبر أحد أكبر معامل تكرير السكر في العالم لأنها مادة أساسية تدخل في العديد من المنتجات الغذائية المصنعة.

وحتى مع الخطط الطموحة التي تريد تنفيذها الحكومة في هذا المجال يرى أهل القطاع أنه من الضروري تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وباقي الأطراف المعنية والفاعلة في المجال الصناعي، لجعل السيادة الصناعية الغذائية في صلب هذا التعاون.

*صحافي مغربي

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...