*د. الحبيب ناصري
أكثرنا من الشكوى الخاصة بكون قراءة الكتب، لم تعد حاضرة كسلوك يومي في زمننا الحالي، لاسيما في زمن تكنولوجي يوفر المعلومة ويمارس جاذبيته وسلطته على الجميع. المدرسة، وبشكل عام، وعلى امتداد هذا العالم العربي، الجريح بفعل السياسة وهموم التطاحنات الطائفية والانغماس في حروب عديدة وإدخاله إلى فضاءات إلهاء مختلفة، لم تنجح في ترسيخ هذا الفعل. الأسرة بدورها لا تقرأ لكي تكون نموذجية ومرسخة لسلوك القراءة، بل أصبح همهما البحث عن لقمة عيش. الجمعيات، تجتهد قدر امكاناتها، كما يجتهد بعض المدرسين أو الآباء هنا وهناك وبشكل محدود غير خالق لرجة حقيقية مفضية إلى غرس حقيقي للقراءة . طبعًا، الحكاية طويلة ومتشابكة ويتداخل فيها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي والعائلي والتربوي، الخ . لكن ما العمل ؟. هل نستسلم ونكثر فقط من التشخيصات الباحثة عن أسباب عزوف القراءة ، مع تقديم، طبعًا، العديد من الحلول والتي بدورها أصابها الملل والغبار ؟. لماذا لا نفكر في حلول عملية بسيطة وقابلة للأجراة. كيف علينا أن نجمع معلومات مفضية، ومنذ بداية تطبيقها، إلى نتيجة ملموسة ومباشرة؟. شخصيا شاركت في العديد من اللقاءات الخاصة بمثل هذه الموضوعات. اقترحنا العديد من الحلول، ولكن هي اليوم في رفوف قد أصبحت حروفها مبتلة بفعل الرطوبة وربما قد تم التخلص منها برميها أو حرقها!. لماذ لا نؤسس بنك معلومات حقيقي وقابل للتطبيق بشكل سلس وسهل ونافع ؟. لماذا، مثلا، لا نجعل من قراءة الكتب وتلخيصها ومعرفة التحدث عنها ولو بشكل مبسط، ضمن مكونات ملف التوظيف في القطاع العام والخاص وما بينهما. ( لائحة كتب قابلة للتجديد سنويًا)؟. فمثلا توظيف نساء ورجال التعليم ونساء ورجال الأمن والمقابلات الخاصة بالمديرين والعمداء ورؤساء الأقسام وكل الوظائف التي يجتاز فيها الآلاف هذه المباريات؟. كم من كتاب سيتم اقتناؤه هنا؟. لماذا لا نجتهد وننفتح على مثل هذه الأفكار العملية؟. لماذ لا نحدد وبشكل مسبق لائحة كتب محددة فيها ما هو باللغة العربية وغيرها مع إعطاء الأولوية مثلا للكتاب والمفكرين المغاربة ؟. لماذا لا نضمن لائحة الشروط، لائحة كتب معنونة ؟. لماذا مثلا لا يكون الكتاب من ضمن مواد يمتحن فيها الطالب الذي يرغب في اجتياز امتحانات الدخول لكلية الطب أو لهندسة، الخ، ( ما يسمى بالكليات ذات الاستقطاب المحدود )؟. لماذ لا تكون مادة القراءة مادة مستقلة وضمن مناهج تعليمنا وفي كل المستويات والتخصصات التعليمية وغيرها؟. لماذا ولماذا ؟. هناك العديد من الحلول والاجتهادات المساعدة على تحريك بركة القراءة الثابتة وغير المتحركة.
*كاتب من المغرب