سوريا: حقوق الإنسان بين الثورة والثورة المضادة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

الدكتور فؤاد هراجة
كاتب وباحث في الفلسفة السياسية والأخلاق

 

 

 

عندما قام العسكر بانقلاب على ثورة 25 يناير سنة 2013 ونفذوا مذبحة رابعة العدوية على مرآى ومسمع من العالم، لم تحرك العديد من التنظيمات الحقوقية والسياسية بنت شفة، بَلْهَ أن تندد بالقتل العلني وعلى المباشر مع سبق الاصرار والترصد، لا لشيء إلا لكون القتلى ممن يسمونهم طائفة الإسلام السياسي. اليوم وبعدما أسقطت الثورة السورية السفاح بشار الأسد ونظامه الدموي الذي خلف ما يزيد عن نصف مليون شهيد، وشرد نصف الشعب بين دول العالم، خرجت محاولات حثيثة في الساحل السوري لإذكاء شرارة الفوضى والثورة المضادة. في هذا السياق، يطالب البعض بترك فلول النظام السابق نشر الفوضى تحت شعار حقوق الأقليات. على ذلك، عندما تتصدى لهم السلطة الحاكمة تفاديا لإعادة سيناريو الثورات المضادة في العديد من الدول العربية التي نكلت بالثوار قتلا وحبسا، يسمون ذلك زورا إبادة للأقليات والطوائف. وأنا متأكد تمام التأكد، ودون أدنى شك، أنه لو ينجح فلول النظام السابق في استعادة السيطرة وذبح كل فصائل الثورة لما تحرك المتباكون على حقوق الأقليات التي تهدد الآن أمن واستقرار الأغلبية في بلد يبحث عن إعادة بناء الدولة والنظام، ولعل هذا الحكم غير مبني على التخمين أوالتكهن أوالتنجيم، بل مؤسس على ما وقع بعد الثورات المضادة، لهذا فإن حكومة الثورة مسؤولة على حفظ أهداف ومقاصد الثورة. وهذا لا يعني البتة إعطاءها الضوء الأخضر لاختراق حقوق الإنسان، وإنما مطالبتها باستعمال القوة المشروعة والمتناسبة التي تضمن القضاء على فلول النظام الدموي السابق، دون إلحاق الظلم بالأبرياء مع الضرب بيد من حديد على كل من يتجاوزون حدود القانون ولو كانوا ينتمون إلى وزارة الدفاع والشرطة حتى تضمن سلطة الدولة مصداقيتها وتجمع بين حق القوة وقوة الحق.

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...