تسريبات تكشف خطة توني بلير لإدارة قطاع غزة: تقرير من صحيفة إسرائيلية

إيطاليا تلغراف

 

 

 

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

 

كشفت تقارير إسرائيلية حديثة عن وثيقة مسرّبة تُبرز خطة دولية لإدارة قطاع غزة عقب انتهاء الحرب، ترتكز على إنشاء هيئة انتقالية دولية بقيادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. تحمل هذه الوثيقة، التي اطلعت عليها صحيفة “يسرائيل هيوم”، رؤية معقدة لإدارة شؤون القطاع لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، قبل أن تُسلّم السلطة لاحقاً إلى سلطة فلسطينية يُفترض أنها إصلاحية، غير محددة المعالم حتى الآن.

تقوم الخطة على تأسيس مجلس إدارة دولي يضم مجموعة من الشخصيات العالمية، بينهم رجال أعمال ودبلوماسيون وخبراء اقتصاديون، على أن يتولى توني بلير رئاسة هذا المجلس. ووفق الوثيقة، يتمتع المجلس بصلاحيات واسعة تمتد إلى مجالات السياسة والأمن والاقتصاد في قطاع غزة، مما يشير إلى سيطرة دولية واضحة على مفاصل إدارة القطاع.

الموقع المحتمل للمقر المؤقت لهذه الهيئة يتراوح بين مدينة العريش في مصر ومدينة الدوحة بقطر، ما يعكس محاولة لإيجاد موقع محايد داخل المنطقة. كما تضم الخطة أسماء بارزة من الساحة الدولية، منها نائبة رئيس وزراء هولندا السابقة سيغريد كاغ، المكلفة بالشؤون الإنسانية، والمصري نجيب ساويرس المسؤول عن الاستثمارات الإقليمية، بالإضافة إلى ممثل عن اتفاقات أبراهام، في إشارة إلى الجهود الدبلوماسية التي تحيط بالملف الفلسطيني.

تبدو المشاركة الفلسطينية في هذه الخطة سطحية، حيث ينص النص على وجود ممثل فلسطيني يحمل لقب رمزي بلا صلاحيات تنفيذية فعلية، فضلاً عن اعتماد المديرين الفلسطينيين على إشراف المجلس الدولي، فيما يقتصر دور مجلس استشاري محلي على الجانب الاستشاري فقط، دون صلاحيات تنفيذية. وهذا يثير تساؤلات حول مدى قدرة الفلسطينيين على ممارسة أي نفوذ حقيقي على إدارة قطاعهم في المرحلة الانتقالية.

تتضمن الخطة إنشاء صندوق خاص بإعادة إعمار غزة واستثمارات التنمية، يمول من دول الخليج، واستثمارات غربية، إلى جانب قروض دولية. اللافت في هذا الصندوق هو تبنيه نموذجاً ربحيًا، يُشارك فيه القطاع الخاص عبر الشركات التي تستثمر في مشاريع الإعمار وتعود عليها بالعائدات، ما قد يثير نقاشات حول أولويات إعادة الإعمار بين المصلحة العامة والربحية.

تشمل الوثيقة أيضاً مقترحاً بنشر قوة دولية متعددة الجنسيات تحت مظلة الأمم المتحدة أو بقيادة أميركية لضمان الأمن في القطاع. وترتكز الخطة على منع وجود أي فصيل فلسطيني مسلح خلال هذه الفترة، إلى جانب إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بإشراف دولي، ما يعكس مسعى لتفكيك القوى المسلحة الفلسطينية التقليدية.

تقسم الوثيقة تنفيذ الخطة إلى ثلاث مراحل: فترة تحضيرية تمتد لثلاثة أشهر، ثم انتشار أولي لمدة ستة أشهر، يتبعها مرحلة إعادة إعمار تستمر من عامين إلى ثلاثة أعوام، بعدها يتم نقل السلطة تدريجياً إلى “سلطة فلسطينية إصلاحية” لم يتم تحديد طبيعتها بعد.

تطرح هذه الخطة تساؤلات جوهرية حول السيادة الفلسطينية، ومدى قدرة الأطراف المحلية على التحكم في مستقبل قطاع غزة، في ظل إشراف دولي ضخم ومهام واسعة لمنظمة دولية يقودها سياسي بارز له تاريخ مشحون على الصعيد الفلسطيني.

بينما تسعى الأطراف الدولية إلى تقديم حلول لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، فإن الخطة المسربة تظهر هيمنة دولية متوقعة على مجريات الأمور، مع مشاركة فلسطينية شكلية لا تتعدى الجانب الرمزي. في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن هذه الإدارة الدولية من تحقيق استقرار وتنمية حقيقية في غزة، أم أنها ستُعيد صياغة الأوضاع على حساب حقوق الفلسطينيين وسيادتهم الوطنية؟

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...