الحسين اولودي* عضو المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية
في سياق التحولات الجيوسياسية و الدينامية الإيجابية التي عرفها ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، يأتي اعتماد مجلس الأمن الدولي لقراره هذا المساء بشأن قضية الصحراء المغربية ليؤكد مجددا أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 تحت سيادته الكاملة تمثل الحل الأساسي والواقعي والوحيد لإنهاء هذا النزاع الإقليمي المفتعل( كما سبق وأن وصفت المبادرة المغربية للحكم الذاتي من قبل الامم المتحدة بكونها حل جدي وواقعي ) لقد باتت هذه المبادرة بفضل الدينامية التي أطلقتها الدبلوماسية الملكية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله تحظى بإجماع دولي متزايد وتأييد واضح من القوى الإقليمية والدول المؤثرة داخل مجلس الأمن.
القرار الأممي اليوم لا يكرس فقط جدية ومصداقية المقاربة المغربية بل يعكس أيضا اقتناع المجتمع الدولي بعبثية الطروحات الانفصاليةة وضرورة طي صفحة هذا النزاع المفتعل بما يضمن الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية والساحل الإفريقي بشكل عام ( وهذا هو جوهر الخطة الملكية تجاه قارتنا الإفريقية من خلال مبادرة تعاون جنوب جنوب و المبادرة الملكية الأطلسية ).
جدير بالذكر ونحن الآن نحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء و التي كانن بداية المسار السياسي و العقلاني من جلالة المغفور له الحسن الثاني مبدع المسيرة ، و في هذا السياق وجب التذكير كذلك بالإشادة الأممية بجهود المملكة في تنمية أقاليمها الجنوبية وترسيخ النموذج التنموي المتكامل فيها تشكل اعترافا إضافيا بشرعية السيادة المغربية على كامل ترابها الوطني من طنجة إلى الكويرة.
وفي غمرة احتفال المغاربة بهذا الحدث جاء الخطاب الملكي السامي، الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس عقب صدور القرار الأممي ليمنح لهذه الدينامية السياسية بعدا إنسانيا وإقليميا متجددا، فقد عبر جلالته عن شكره وامتنانه العميق للدول الشقيقة والصديقة التي عبرت بوضوح عن دعمها الثابت لمبادرة الحكم الذاتي معتبرا أن هذا الدعم المتنامي يعكس انتصار منطق الشرعية والمصداقية وايضا تأكيد ما جاء في خطابه السابق كون قضية الصحراء المغربية هي منظار العلاقات التي تجمع المغرب مع دول العالم كما وجه جلالته بكل شجاعة ومسؤولية دعوة صريحة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لفتح صفحة جديدة من التعاون والتفاهم، وتجاوز حالة الجمود التي تعيق مستقبل المنطقة المغاربية بشكل عام و في هذا الصدد فإن دعوة جلالته جاءت نابعة من رؤية استراتيجية تستشرف بناء المغرب الكبير كفضاء موحد للتكامل الاقتصادي والسياسي قادر على مواجهة التحديات المشتركة وتلبية تطلعات شعوب المنطقة ( ليبيا تونس الجزائر المغرب و موريتانيا ) في التنمية والاستقرار خاصة أمام التحديات الجيوسياسية والأمنية التي تعرفها المنطقة وهكذا يؤكد الخطاب الملكي، مرة أخرى، أن المغرب لا يدافع فقط عن قضيته الوطنية العادلة بل يقدم أيضا نموذجا في الالتزام بالحوار( اليد الممدودة) وحسن الجوار، والمسؤولية التاريخية في بناء مستقبل مغاربي مشترك.





