وضاح عبد الباري طاهر
غدا الحقُّ في دارٍ تحرَّزَ أهلُها* وطُفتُ بهم كالسارقِ المتلصصِ
المعري
أكثر بعض الأدباء والنقاد من انتقاد المتنبي على بيته الشهير:
وضاقت الأْرْضُ حتى صارَ هارِبهم* إذا رأى غيرَ شيءٍ ظنهُ رجلا
وعلى رأسهم الحاتمي-صاحب «الرسالة الموضحة»، مخاطبًا إياه: ” أفتعرفُ مرئيًا يتناوله النظر لا يقع عليه اسم شيء؟”( ).
ويوسف البديعي في كتابه «الصبح المنبي» قائلا في سياق انتقاده، وما يؤخذ عليه: “ومنها الإفراط في المبالغة، والخروج فيه إلى الإحالة، كقوله:
…
وقوله:
وضاقت الأرضُ حتى كان هاربهم*إذا رأى غيرَ شيءٍ ظنه رجلا( )
وقد أجاب ابن سيدة عن بيت أبي الطيب بالتأويل اللغوي، فيما يتعلق بالإحالة في المعنى التي انتقدها عليه هؤلاء النقاد. فقال في كتابه «شرح المشكل من شعر المتنبي»: “إنما أراد هذا الشاعر: إذا رأى غير شيء يُحفَلُ به. فهو في قوة قولك: إذا رأى شيئًا لا يُحفل به ظنّه رجلا؛ كقول العرب: إنك ولا شيءَ سواءٌ. ومحال أن يسوى بين الموجود والمعدوم، لأنهما في طريق التضاد، ولكنهم يريدون: إنك ولا شيء يُعبأ به سواءٌ. ولكنهم قالوا: إنك ولا شيء، واكتفوا به من قولهم: وشيء يعبأ به؛ لأن ما لا يعبأ به كالمعدوم( ).
أما أبو القاسم الأصفهاني، فقد أنصف وأحسن وأصاب في الدفاع عن أبي الطيب في كتابه «الواضح في مشكلات شعر المتنبي»، ووجد مخرجًا للبيت من الناحية النفسية، فقال: “الهارب والمنهزم شتى الرأي، متوزع القلب؛ يَرى ما لا يُرى، ويَسمع ما لا يُسمع، ولو كان هناك شيء في الحقيقة موجودًا، وظنه رجلاً؛ لكان الآمن والخائف في رؤيته سواء”( ).
ويؤكد هذا ما جاء في تعريف علماء النفس للهلوسة Hallucination بأنها إدراك موهوم ليس له أساس حسي من الواقع. وليس بالضرورة- كما يقولون- أن تكون الهلوسة مظهرًا للاضطراب العقلي، فهي قد تأتي الأسوياء، وقد تترتب على أسباب نفسية وفيسيولوجية( ).
وقد عقد الجاحظ في كتابه «الحيوان» بابًا في ذكر الجبن ووَهَل الجبان، وذكر بيتًا عن سهل بن هارون الكاتب في المنهزمة من أصحاب ابن نهيك في النهروان من خيل هرثمة بن أعين- يقول فيه:
يخيل للمهزوم إفراطُ روعه* بأن ظهور الخيل أدنى من العطب
يقول الجاحظ: “لأن الجبن يريه أن عَدْوَه على رجليه أنجى له؛ كأنه يرى أن النجاة إنما تكون على قدر الحمل للبدن”( ).
كما أن تفسير الأصفهاني هذا شبيه بتفسير أبي إسحاق الذي يرويه الجاحظ عن مزاعم العرب عن الغيلان والسعالي، وأثر البيئة الموحشة في تضخيم المدركات، حيث يقول: “إن القوم لما نزلوا بلاد الوحش؛ عملت فيهم الوحشة. ومن انفرد، وطال مقامه في البلاد والخلاء والبعد من الإنس؛ استوحش، ولا سيما مع قلة الأشغال والمذاكرين. والوحدة لا تقطع أيامهم إلا بالمنى أو التفكير، والفكر ربما كان من أسباب الوسوسة. وإذا استوحش الإنسان تمثل له الشيء الصغير في صورة الكبير، وارتاب، وتفرق ذهنه، وانتقضت أخلاطه؛ فرأى ما لا يرى، وسمع ما لا يسمع، وتوهم على الشيء اليسير الحقير أنه عظيم جليل، ثم جعلوا ما تصور لهم من ذلك شعرًا تناشدوه، وأحاديث توارثوها؛ فازدادوا بذلك إيمانًا، ونشأ عليه الناشئ، وربي به الطفل، فصار أحدهم حين يتوسط الفيافي، وتشمل عليه الغيطان في الليالي الحنادس، فعند أول وحشة وفزعة، وعند صياح بوم، ومجاوبة صدى، وقد رأى كل باطل، وتوهم كل زور، وربما كان في أصل الخلق والطبيعة كذابًا نفَّاجا، وصاحب تشنيع وتهويل، فيقول في ذلك من الشعر على وفق هذه الصفة، فعند ذلك يقول: رأيت الغيلان، وكلمت السعلاة، ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول: قتلها، ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول: رافقها، ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول: تزوجها”( ).
إن لكل ثقافة أو فن أو علم من العلوم على اختلاف أنواعها مشكلات ترد عليها، تزلزل أركانها، وتُلقي بظلال الريبة على بعض مضامينها؛ فتحتاج إلى أجوبة مسددة تُبقي بنيانها ثابتًا متماسكًا لا تهزه أعاصير النقد والشك.
وإذا كان الأصوليون قسموا أنواع الحقيقة في النصوص الدينية إلى ثلاثة أنواع، هي: الحقيقة الشرعية، فالعرفية، ثم اللغوية، فجعلوا الأولوية للحقيقة الشرعية، فالعرفية، ثم تأتي الحقيقة اللغوية في المرتبة الأخيرة- فإنا نجد من الباحثين الغربيين المفتونين باللغة، والمهووسين بالكلمات يرون أن مفهوم الحقيقة يكمن في اللغة، ويدعون إلى إعادة النظر حول ما يقال عن طبيعة العلاقة بين اللغة والحقيقة، بأن تستبدل بمفهوم «الحقيقة في اللغة».
إن جوهر المشكلة يكمن في أن أصحاب كل علم يحصرون الحقيقة فيه، ويزردون ما سواه، ويرون بطلانه. فأصحاب الحقيقة الدينية، وبالأخص ذوو التفكير السلفي منهم، قد تراهم يؤمنون بالمعجزات والكرامات والخوارق، لكنهم لا يؤمنون بها إلا في إطارهم الخاص- أعني من خلال النصوص الدينية، فتراهم لا يقبلون أي أخبار عن كرامات أو خوارق قد تأتي عن طريق غيرهم من المتصوفة، أو الرحالة الجغرافيين، أو الفئات الشعبية، أو حتى من علماء لهم وزنهم ومكانتهم.
وما عساهم صانعين لو سمعوا عن رسام تركي كفيف يدعى أشرف أرمجان له قدرة على رسم صور مثيرة للدهشة للطبيعة؛ بالرغم أن الأطباء كشفوا أن بصره لم ينضج بعد على رسم مثل هذه الصور، وأن مخه لا يحس بالضوء مطلقًا.
أو ما ذكره ابن بطوطة في كتابه «تحفة النظار في غرائب الأمصار»، عن حسن المغربي الذي كان مجاورًا بمكة، وتعرفه على فقير من فقراء الصوفية بمكة، ومساعدته له على زيارته لأمه، وهي بالمغرب، بمجرد إمساكه بثوب الفقير، وإغماضه لعينيه، ليجد نفسه أمام منزل والدته، ثم ما كان من رجوعه إلى مكة، وكشفه لسر الفقير لأحد مشايخه، ودعاء الفقير عليه، وإصابته بالذهول، وفقدان العقل، واعتقاد الناس فيه، إلى أن حج الأمير سيف الدين يلملك، واستصحبه إلى مصر، وانقطاع خبره عهدئذ( ).
وما ذكره البيروني في «الآثار الباقية» عن حوض يعرف بالطاهر في أسفل جبل بمصر بلزق كنيسة، يسيل إليه من عين في أصل الجبل ماءٌ عذب طيب الرائحة، إذا مسه جنب أو حائض؛ نتن حتى يفرغ ما فيه، وينظف، ويعود طيب الرائحة.
وحديثه عن جبل بين هراة وسجستان وسط رمل متنحٍ عن الطريق قليلاً إذا ألقي العذرة أو البول؛ سمع منه دوي بين، وصوت شديد.
يقول البيروني: “وهذه خاصية مطبوعة في الموجودات ينتهي أسبابها إلى الجواهر البسيطة، وأول التأليف والخلق”( ).
ووقفت قديمًا على كلام للعلامة محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه «العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم» يروي عن العلامة محمد بن الحسن النحوي- صاحب التذكرة أن رجلاً غريبًا زار صنعاء، وبيده مرآة أو كرة من بلور يُرى من خلالها دور صنعاء وبساتينها.
وقول المعري:
ومرآة المنجم وهي صغرى * أرته كُلَّ عامرةٍ وقفرِ
والسؤال الذي يطرح الآن هو: هل الحقيقة محصورة فقط في النصوص الدينية، أو الحجج الكلامية، أو الآراء الفلسفية، أو في الكشف الصوفي، أو اللغة، أو القصص الشعبية، أو حتى العلوم والمخترعات الحديثة فقط؟ أم أنها تتجاوز كل ذلك، فيكون هناك أكثر من حقيقة؟
إن ما يجعل الأشياء حقيقية هي مجرد اعتقاد الناس لها، وتبنيهم لتفاصيلها. عندئذ تراهم شديدي التعصب لها، يذبون عنها، ويتفانون من أجلها. يقول بيكون: إن الناس إلى الاعتقاد أميل منهم إلى التجريب والاختبار.
جال في خاطري هذا، وأنا أطالع مؤلفًا لطيفًا للعلامة المؤرخ أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي (ت 845 هـ)، بعنوان «الطرفة الغريبة في أخبار حضرموت العجيبة»، اعتنى به عمر بن صبيح الحضرمي.
لا يحتاج القارئ- بمجرد قراءته للكتاب والتعليقات التي بهامشه- أن يخرج بنتيجة أن الأخ المحقق ذي التوجه السلفي لم يُفِد كما ينبغي من المعلومات الواردة في هذا الكتاب، لذا نراه يصنف جميع قصص الكتاب ضمن الخرافات التي تضر بالدين، وتخل بالمعتقد، وأن كل ماورد فيه عبارة عن خرافة وشرك وشعوذة وسحر، وما فتئ يرد على كل قصة منه بأقوال السلف.
وفي حقيقة الأمر؛ فإن الباحثين في علم الأديان، وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، وعلماء النفس، وكُتَّاب الروايات بشقيها: العجائبي، والغرائبي، وكتاب السرد القصصي- هم الذين قد يفيدون من هذا الكتاب.
إنَّ ما دفع الباحث الألماني فريد ريش فون دير لاين، وهو أحد المتخصصين في دراسة الحكاية الخرافية، لا في الأدب الألماني فحسب، بل في الأدب العالمي كله- إلى هذا التخصص العميق؛ هو ما اكتشفه في الحكاية الخرافية من كنوز ثمينة لا من الناحية الفنية فحسب، بل من ناحية الشعوب وتصوراتها ومعتقداتها. وقد حاول هذا الباحث أن يرجع الحكاية (الخرافة الشعبية) إلى أصولها؛ أي ديانات الشعوب القديمة مثل: الروحانية، والطوطمية( )، والفيتشية( ).
أما كتاب «الطرفة الغريبة»، وما يحويه في أثنائه من قصص غريبة وعجيبة ومدهشة، فهو أشبه بقصص ألف ليلة وليلة، ويظهر مدى الخيال الخصب الذي يتمتع به أبناء هذا المكان العبقري، وقد يكون موضع دراسة وحفر عميق لكثير من الباحثين لاستجلاء بنية هذا المجتمع وأديانه ومعتقداته القديمة.
حقًا إن هذه البقعة (حضرموت) الواقعة في القسم الشرقي من وطننا الكبير اليمن ذات فرادة وخصوصية، ويصدق على أهلها قول الأديب الشاعر علي أحمد باكثير:
إذا ثقَّفتْ يومًا حضرميًا* لجاءك آيةً في النابغينا
وما قاله ابن شهاب على البديهة مُوهمًا أنه لأبي الطيب المتنبي:
وخيرُ بلادٍ حضرموت ومن هنا* تسامى على كل الرجال الحضارمُ
فلنأت على بعض من القصص الطريفة لهذا الكتاب. يقول المقريزي راويًا عن بعض ثقات حضرموت ممن وفد إلى مكة بحسب قوله:
“ومنها أن الرجل يمر في الهواء ليلاً من حضرموت، وقد انقلب في هيئة طائر كالرخمة أو الحدأة، حتى يبلغ أرض الهند، ثم يعود من ليلته، ومعه عناقيد الفلفل الأخضر شاهدةً له ومصدقةً دعواه أنه بلغ أرض الهند”( ).
“ومنها أن المرأة من هذه القبائل إذا غضبت على أحد من قراباتها -ولا تتصرف إلا في أقاربها فقط دون الأجانب-؛ فإنها لا قدرة لها عليهم البتة، وهي إنما تتخيل وتتوهم أنها تأكل كبده؛ فللحال يسقط مريضًا، ويموت من يومه وليلته”( ).
“ومنهن إذا غضبت على قرابة لها، وكان عَبْلَ( ) البدن، تخيلت وتوهمت أنها تأكل كبشًا سمينًا. فإن كان قريبها صغيرًا، تخيلت أنها تأكل جديًا سمينًا ونحوه. ولا بد من أكل من عملت به هذا، أن تعمل فكرها؛ حتى يقوى الوهم والخيال عندها؛ حتى يصير كأنها تفعل ذلك حقيقة. وهذا الأكل مما يختص بنسائهم دون رجالهم”( ).
وهذه القصة الغرائبية الدالة على قوة الخيال وعظم أثره، وخروجه إلى عالم الحقيقة، نجد مثاله عند أهل التصوف بشكل عجائبي.
يقول ابن عربي: “ومن وقف على حكاية الجوهري رأى عجبًا، وهو من هذا الباب. فان قلت: وما حكاية الجوهري؟ قلنا ذكر عن نفسه أنه خرج بالعجين من بيته إلى الفرن، وكانت عليه جنابة، فجاء إلى شط النيل ليغتسل، فرأى، وهو في الماء، مثل ما يرى النائم كأنه في بغداد، وقد تزوج، وأقام مع المرأة ستة سنين، وأولدها أولادًا غاب عني عددهم، ثم رُدَّ إلى نفسه، وهو في الماء، ففرغ من غسله، وخرج، ولبس ثيابه، وجاء إلى الفرن، وأخذ الخبز، وجاء إلى بيته، وأخبر أهله بما أبصره في واقعته. فلما كان بعد أشهر، جاءت تلك المرأة التي رأى أنه تزوجها في الواقعة تسأل عن داره، فلما اجتمعت به عرفها، وعرف الأولاد وما أنكرهم، وقيل لها: متى تزوج؟ فقالت: منذ ست سنين، وهؤلاء أولاده مني. فخرج في الحس ما وقع في الخيال”( ).
ولنعد الآن لحديث المقريزي بشأن تلك النسوة، حيث يقول: “وهذا الصنف من النساء لهن مع ذلك قوة التشكل والانقلاب في هيئة رخمة واحدة، ثم تمر الواحدة منهن، وقد صارت كذلك في الهواء، ويصير صياحها كصياح الرخمة والحدأة. فإذا سمع أهل حضرموت صياحهن؛ علموا أن السواحر قد اجتمعن على أحد يردن به شيئًا من أعمالهن”( ).
“فإذا كان لواحدة من هؤلاء النساء رجل من أقاربها أو زوج في سفر، ولو أنه بأقصى الهند، فإنها تتشكل حدأة أو رخمة، وتمر في الهواء؛ حتى تأتيه لتعرف خبره، وتعود من ليلتها، فتخبر بذلك، فيكون كما أخبرت”( ).
“حدثني العبد الصالح أبو بريك عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن سالم بن بريك الحضرمي، أخبرتني أمي فاطمة بنت عبد الله بن المبارك أن أبي كان في سفر بُعْدُه عنا خمسة عشر يومًا، وقد أبطأ عنا خبره، وبجواري امرأة من هؤلاء [الجلاهمة]، يقال لها سعيدة بنت أبي كليب، وكانت تحمل من أرادت من نساء الجلاهمة، وتمر بها في الهواء إلى حيث تريد؛ فدخلت علي ذات يوم، فسألتها أن تأتيني بخبر عن أبيك، فوعدتني إلى الغد، ثم أتتني، فقالت: ” هيئي له الضيافة؛ فإنه الليلة الخامسة عندكم بعد صلاة العشاء، وهو موعوك في بدنه. قالت أمي: فلما كان ذلك الوقت الذي ذكرته قدم علينا، وهو موعوك”( ).
“وفي جبال ظفار قوم يقال لهم «القُمْر» أهل بادية. وقد جرت العادة في ظفار أنها تمطر ثلاثة أشهر متوالية ليلاً ونهارًا مطرًا غزيرًا جدًا، فإذا أراد أحد أن يسافر في مدة المطر إلى جهة من الجهات، طلب واحدًا من القُمْر، ودفع له مالاً؛ ليدفع عنه المطر، ثم سار معه، والمطر نازل، فيسير عن يمينه وشماله، ولا يصيبه ولا أحماله منه قطرة واحدة، حتى يبلغ حيث يريد”( ).
“وإذا عظمت الأمطار على هذه القبيلة حتى أضرت بدوابهم، عمدوا إلى شجرة يعرفونها بباديتهم، فأخذوا من قضبانها شيئًا، وأضرموا النار فيها، ثم صبوا عليها الماء؛ فإن المطر يقل عندهم”( ).
أقول: هذا بضد ما كان يفعله العرب قديمًا، فقد كانوا إذا أجدبت أرضهم، وأمسكت السماء عنهم وتضايقوا من انحباس المطر، عمدوا إلى السلع والعُشَر، فحزموهما، وعقدوهما في أذناب البقر، وأضرموا فيها النيران، وأصعدوها في موضع وعر، واتبعوها يدعون الله ويستسقون. وإنما يضرمون النار في أذناب البقر تفاؤلاً للبرق بالنار، وكانوا يسوقونها نحو المغرب من دون الجهات، ويقال لهذا الفعل «التسليع»( ).
ولكن بالتأمل في الحادثتين: الأولى، والثانية نجد وجه المشابهة الذي قد يخفى بادي الرأي؛ وهو أن أهل ظفار عندما تعيث الأمطار الغزيرة والمستمرة بأرضهم ومساكنهم ومواشيهم، يقومون بإيقاد النار التي ترمز للبرق المصاحب للأمطار، ثم بعد ذلك يقومون بإطفائها كترميز لرجوى انقطاع المطر عنهم.
ويتابع المقريزي قائلاً: “وإذا توقف هبوب الريح، ووقفت السفن، فلم تسر لعدم الهواء، طلب ركاب السفينة واحدًا من هؤلاء، ودفعوا إليه مالاً، فيعمل عمله؛ حتى تخرج لهم ريح تسيرهم مدة اشترطها لهم”( ).
“وببادية ظفار قوم من أراذل العرب يقال لهم «الرنبيل»، وهو إن أحدٌ منهم عاداه أحد من قبيلته أو من غيرها، أو أراد أحد أن يطلق امرأته؛ فإنه يعمل عمله؛ وإذا بغريمه يذوب لحم بدنه بأسره من غير مرض؛ حتى لا تبقى عليه مُزعة لحم. فإذا أصاب أحدًا هذا البلاء، جمع الناس المتهمين بهذا العمل، وأخرجوهم إلى البحر، وأجلس المبتلى والمتهمين على شاطئ البحر، وضربوا طبلاً معهم، وهم يذكرون في ضربهم أسماء المتهمين واحدًا بعد واحد، فإذا اضطرب المصاب عند ذكر واحد منهم، علم أنه غريمه، فيصير ذلك المصاب في اضطرابه كأنه مصروع يتخبطه الشيطان من المس، فعند ذلك يلزم ذلك الرجل الذي اضطرب المصاب عند ذكر اسمه بأن يبرئ غريمه، فيأخذه ويغسله في البحر كما يغسل الميت، وهو يرقيه؛ فيبرأ في الحال”( ).
“وهذا بعينه أصاب بادجانة سعد بن فارس الشعيشي( ) الآن؛ فإنه ذاب لحمه، فحمل بين أربعة من البحر، فجمع عدة ممن يتهم بهذا العمل، وضرب بالطبل على رأسه، فخرج القول على جاريته؛ فجدع أنفها بعد أن غَسَّلَه وبرئ”( ).
“وإذا أصيب واحد من الناس بشيء من أنواع السحر المضرة، ولم يعرف مَنْ سحره، فإنه يجمع النساء المتهمات بالسحر، ويأتي إلى ماء يغمرهن كالبحر ونحوه، ثم يربط أكتافهن واحدة بعد أخرى ربطًا وثيقًا، وتلقى على وجهها، ثم يربط على ظهرها رحى كبيرة، وتحمل بالرحى على ظهرها، وتلقى في البحر أو النهر؛ فإذا رسبت في قاعه عُلِمَ أنها بريئة، فإذا طافت ولم ترسب فيه، اقتص منها، أو عفي عنها؛ لأنها هي التي سحرته”( ).
أقول: يلاحظ من هذه القصص أن المتهمات فيها بالسحر هن النساء، والنساء فقط؛ وهذا يذكرنا بالسواحر وملاحقتهن وقتلهن في أوروبا في القرون الوسطى من قبل صيادي الساحرات، ووقوعهن ضحايا بالآلاف بناءً على اتهامات باطلة.
ولا أدري هل تحول النساء إلى طائر الرخم كان عفويًا أو عن قصد، فالسائد والمعروف عن هذا الطائر في الثقافة العربية اللؤم، حيث يتردد في هذه الثقافة:” إن لئام الطير ثلاثة: الغربان، والبوم، والرخم.
وقال الكميت:
إن قيل يا رخم انطقي * في الطير إنك شر طائرْ
وقال أبو الحسن المدائني: أمر بعض ملوك العجم الجلندي بن عبد العزيز الأزدي، فقال له: صد لي شر الطير، واشوِهِ بشرَّ الحطب، وأطعمهُ شرَّ الناس. فصاد رخمة… إلى آخر ما اقتصه الجاحظ في كتابه «الحيوان»( ). ولكن قد ورد في سطور هذا الكتاب أن الرجال أيضًا يتشكلون بشكل هذا الطائر.
وقد يؤكد القصدية ورود اسم الجلندي بن عبد العزيز الأزدي؛ إذ يدل اسمه ونسبته على أنه من عمان، وهي بيئة قريبة من حضرموت، ولديها كثير من المشتركات الثقافية والتاريخية معها.
و في حديثه عن قبيلة الصيعر: “إذا أجدبت أرضهم من قلة الغيث؛ يبس شجر النبق، ولم يبقَ لهم زراعة؛ فتموت ماشيتهم، وهم أصحاب شاء وبعض إبل. فإذا كان كذلك، انقسم الصيعر على قسمين: فرقة تخيف السبيل، وتأخذ المارة، وفرقة تنقلب ذئابًا ضارية. وذلك أن الواحد منهم عنده خرزة من كنوز ظفروا بها من عهد عاد( ). فإذا أراد واحدٌ أن ينقلب ذئبًا، تثاءب مرارًا، واحمَرَّ لونه، فيخرج الخرزة من حقوه، ويبتلعها، فينقلب في الحال ذئبًا له ذنب ووَبَر يمشي على أربع، ويسرح يفترس من وجده من بني آدم، وما يظفر به من الغنم”( ).
وهذا ما يذكرنا بسلسلة من الأفلام التي تدور حول المستذئبين أو المتحولين إلى ذئاب، لعل آخرها الفيلم الذي قام ببطولته جاك نيكلسون بعنوان «الذئب».
وإذا كان المحقق صبيح عند ذكره رواية مستذئبي الصيعر، كان قد نقل عن علامة حضرموت ومفتيها عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف (ت 1375هـ)؛ عن كتابه «بضائع التابوت»، تشوقه في الاطلاع على هذا الكتاب، ثم إفادة الأديب علي بن محمد باعبود له بـ “أنه رأى هذا الكتاب مطبوعًا، وأنه بلا مسمى؛ إذ لم يكن عبارة إلا عن خرافات وأكاذيب تلقاها المقريزي عمن لا يوثق به؛ بل لا يعرف؛ فسكنت عند ذلك حرارة الشوق إليه”( ).
هكذا ختم ابن عبيد الله السقاف الحديث عن هذا الكتاب، ولم يدر بخلده أنه سيحل في موضع آخر ما كان ربطه هنا- إذا جاز لنا استخدام عبارة ابن الطفيل في معرض رده على الغزالي. فقد رفعت لابن عبيد الله السقاف فتوى تحدث عنها قائلاً: “وقد سُئِلتُ عن رجل من أهل بلادنا يتصور بصورة الذئب، ويعدو على الغنم؛ فأفتيت بحل قتله ما دام على تلك الصورة، ولا سيما في حالة اعتدائه، وما كدت أصدق بذلك حتى كادت تتواتر الأخبار عن مشاهدة”( ).
وبالمناسبة، فللجاحظ أثناء حديثه عن المسخ، واختلاف الناس في إمكانه، وتفسير بعض المتكلمين له تفسيرًا عقليًا مرجعه البيئة ووخامتها، نجده يقول: “وقد خبَّرنَا من لا يُحصَى من الناس أنهم قد أدركوا رجالاً من نبَط بَيسان، ولهم أذنابٌ إلا تكنْ كأذناب التماسيح والأسد والبقر والخيل؛ وإلا كأذناب السلاحف والجِرْذان، فقد كان لهم عُجوبٌ طِوالٌ كالأذناب، وربما رأينا الملاّح النبطي في بعض الجعفريّات على وجههِ شبهُ القرد، وربَّما رأيْنا الرَّجلَ من المغرِب فلا نجد بينه وبين المسخ إلا القليل، وقد يجوز أن يصادف ذلك الهواء الفاسد، والماء الخبيث، والتربة الردِيَّة، ناسًا في صفة هؤلاء المغربيِّين والأنباط، ويكونون جُهّالاً، فلا يرتحلون؛ ضَنَانَةً بمساكنهم وأوطانهم، ولا ينتقلون، فإذا طال ذلك عليهم زادَ في تلك الشعور، وفي تلك الأذناب، وفي تلك الألوان الشقر، وفي تلك الصور المناسبة للقرود”( ).
كما أنه حكى عن أبي بكر الأصم، وهشام بن الحكم، قولهما بالقلْب، وهو: “إنَّه إذا جاز أن يقلب الله خَردْلةً من غير أن يزيد فيها جسمًا وطولاً أو عرضًا، جاز أن يقلب ابنَ آدمَ قِردًا من غير أن ينقُص من جسمه طولاً أو عرضًا”( ).
والغريب أن هذه القصص الشعبية التي ذكرها المقريزي نجد نظيرها في تراث أهل التصوف أيضًا؛ فالشيخ الأكبر ابن عربي يؤكد خاصية التشكل عند البشر في كتابه «الفتوحات المكية»، فيقول: “وقد رأينا من له قوة التمثل من البشر؛ يظهر في البشر في صورة بشر آخر غير صورته، فيظهر زيد في صورة عمرو…” ( ).
“وأعجب من هذا أن بعض الرجال من المحبين من أهل هذه الطريقة دخل على شيخ، فتكلم له الشيخ في المحبة، وقد رآه بعض الحاضرين قد دخل عليه، فما زال ذلك المحب يذوب في نفسه حسًا من كلام ذلك الشيخ في المحبة؛ لقوة تحقق ذلك المحب، إلى أن رجع بين يدي ذلك الشيخ كفًا من ماء، فدخل عليه رجال؛ فسألوه عن ذلك المحب، أين هو؟! فإنَّا ما رأيناه خرج.
فقال: هذا الماء هو ذلك المحب الذي بين يدي، فنظروا إلى ماء قليل على الحصير بين يدي الشيخ”.
يقول الشيخ ابن عربي: “فانظر كيف رجع إلى أصله الذي خلق منه. فيا ليت شعري، أين تلك الأجزاء؟”( ).
“فاعلم أن الإنسان في هذا الطريق يُعطي من القوة ما يظهر به في هذه النشأة كما يظهر في النشأة الآخرة التي يظهر فيها على أي صورة شاء. فإن هذا في أصل هذه الصورة الدنياوية، ولكن لا يصل كل واحد إلى معرفة هذا الأصل، وهو قوله تعالى: (الذي خلقك فسواك فعدلك). وهي هذه النشأة الظاهرة، ثم قال: ( في أي صورة ما شاء ركبك)؛ أي هذه النشأة المسواة المعدلة قابلة لجميع الصور؛ فيُجَلِّيه الله تعالى في أي صورة شاء. فأعلمنا أن هذه النشأة تعطي القبول لأي صورة كانت، وكذلك قوله: (ثم أنشأناه خلقًا آخر)، بعد الفراغ من تسوية صورة الإنسان الظاهر، فعين له صورة من الصور التي في قوته وتركيبه أن يقبلها. فإذا علم الإنسان بالكشف الإلهي أنه على أصل وحقيقة تقبل الصور؛ فيتعمل في تحصيل أمر يتوصل به إلى معرفة الأمر، فإذا فتح له فيه ظهر في عالم الشهادة في أي صورة من صور عالم الشهادة شاء، وظهر في عالم الغيب والملكوت في أي صورة من صوره شاء، غير أن الفرق بيننا وبين عالم الغيب أن الإنسان إذا تروحن وظهر للروحانيين في عالم الغيب يعرفون أنه جسم تروحن، والناس في عالم الشهادة إذا أبصروا روحًا تجسد لا يعلمون أنه روح تجسد ابتداءً حتى يُعرَّفُوا بذلك”( ).
هذا محصل كلام ابن عربي. وإذا كانت قصة مستذئبي الصيعر التي يرويها المقريزي، وأكدها ابن عبيد الله السقاف في فتواه من قسم الغرائبي، وهي المتعلقة بأفعال الشر، فالقصة التي ذكرها ابن عربي مع غيرها من القص العجائبي وهي التي تجري على أيدي الصالحين والأخيار.
الحقيقة والخيال بين فرويد ونساء مغتصبات
كشف فرويد أثناء عمله مع بعض النساء الهستيريات من ذوات الطبقة البرجوازية الرفيعة في فيينا عن طريق التنويم المغناطيسي عن أشياء قذرة تعرضن لها.
لقد لاحظ فرويد أن امرأة من بين امرأتين من نساء فيينا في تلك الأيام مصابة بالهستيريا، كما اتضح له بأن المريضات استطعن أن يتذكرن تحت تأثير التنويم المغناطيسي سبب حالتهن أو أصلها، وبعد الاستيقاظ من التنويم المغناطيس ينسين كل شيء.
استغرب فرويد مثل هذه الحالة. لماذا ينسين ما أخبرن به للتو؟ لا بد أن التذكر مؤلم جدًا بالنسبة لهن.
وكان الاستنتاج الذي توصل إليه من خلال القصص التي سمعها من مريضاته هو أن الهستيريا التي كُنَّ يعانين منها لم تكن إلا نتيجةً لتعرضهن للاعتداء الجنسي أثناء طفولتهن من قبل الأب أو الذكور الآخرين ذوي الشأن في حياتهن.
لكن طبيعة مجتمع فيينا الواسع الثراء والمتزمت حال دون أن يجهر فرويد بحقيقة ما تعرض له هؤلاء النسوة.
لم يُجْدِ الكشف عن حقيقة هذه الأشياء المخزية والمشينة في إقناعهم بنظريته حول هذه الأذية الجنسية التي تعرض لها هؤلاء النسوة في طفولتهن، وأنها المسببة لحقيقة ما يعانين منه.
لقد عرضته نتائج ما توصل إليه لقدر كبير من الأذية والسخرية؛ بل إنه هُدِّدَ بالطرد من نادي أطباء فيينا الكبار، وتمريغ اسمه بالتراب، إن لم يلتزم الصمت.
فما عسى هذا المحلل النفسي العظيم أن يصنع؟!
لقد غير نظريته بكل بساطة، وبدَّل قوله بأن ذكريات هؤلاء النسوة حول التعرض للاعتداء الجنسي كانت ذكريات حقيقية عن أحداث حياتية حقيقية، إلى القول بأنها ذكريات وهمية فانتازية ليست إلا من نسج الخيال. فهؤلاء النساء الهستيريات اختلقن هذه الذكريات بسبب مجموعة من الرغبات المعقدة لديهن.
تمحورت نظرية فرويد الجديدة حول الجنس، وفي رأيه أن الرضع والأطفال مخلوقات جنسية جدًا، ولديهم ضروب الفانتازيا والرغبات حتى في سن مبكرة جدًا، وكانت إحدى رغباتهم هي إقامة علاقات جنسية مع الوالد من الجنس الآخر. فالصبيان رغبوا بأمهاتهم، والبنات رغبن بآبائهن، كما أن هناك عامل تعقيد آخر بالنسبة للبنات، فبالإضافة إلى رغبتهن في ممارسة الجنس مع آبائهن، لديهن الرغبة في حيازة القضيب. أما الصبيان فليس لديهم هذه المشكلة. فهم لا يريدون شيئًا من أمهاتهم، حيث أن لديهم قضيبًا، أما الحسد على الثدي أو الرحم، فغير موجود في تفكير الصبية.
وهكذا -بحسب فرويد- عندما تدرك الفتاة أنها لا تملك قضيبًا تشعر بالغضب والخُصاء، وتشعر كأنها رجل ممزق، وهو شعور عميق جدًا بحيث يجعلها تمضي بقية حياتها وهي تشعر بالدونية تجاه الرجل.
وخلص فرويد من خلال نظريته المعدلة للأسباب التي سبق ذكرها بأن فتياته المريضات أردن ممارسة الجنس مع آبائهن، وبما أن ذلك محرم في الأسرة الفيينية المحترمة، وفي أي مجتمع آخر نعرفه، كانت رغبتهن مستحيلة التحقيق.
بالإضافة إلى ذلك، شعر هؤلاء الفتيات بالذنب أصلاً حيال رغبتهن الدنيئة هذه، ومن أجل التغلب على الشعور بالذنب حيال رغبتهن في شيء محرم وقذر كهذا حدث الآتي:
تكونت لديهن تلك الأعراض التي كانت تدمر حياتهن، كما اختلقن الذكريات المزيفة التي كن يكشفنها للسيد فرويد أثناء التحليل النفسي.
وهكذا أنقذ فرويد سمعته ونظريته، ليس في حل مشكلة تحويل ما كان اعتداءً جنسيًا حقيقيًا إلى مجرد خيال وفانتازيا، بل في تصميم نظرية جعلت رغبة الفتيات الدنيئة جذرًا لجميع مشكلاتهن المستقبلية.
وهكذا ساعدت نظريته أيضًا على فهم الدوافع التي تجعل المرأة تنشد المعاملة السيئة، وتستفز الرجل؛ كي يسيء معاملتها؛ فلديها رغبات جنسية منحرفة تجعلها تشعر بالذنب، وتنشد العقاب على هذه الرغبات، لتتخلق في رحمها نظرية أخرى هي: «المازوخية الأنثوية».
هذه هي الحقيقة من وجهة نظر النساء والضحايا، وكما دافعت عنهن الكاتبة أليسا دلتافو في كتابها «العنف العائلي»( ).
لكن من المؤسف أن نجد جاك جاك لوسركل- الباحث اللغوي، وأستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة باريس يدافع عن فرويد، ويرد على ماسون الذي اتهم فرويد بالجبن، وبالمشاركة في إخفاء الحقيقة، والتراجع أمام المضامين السياسية والاجتماعية للحقيقة التي اكتشفها؛ وهي أن الآباء والأعمام من الطبقة البرجوازية في فيينا كانوا فعلاً يغتصبون بنات أشقائهم وبناتهم على نطاق واسع( ).
ويذهب جاك لوسركل إلى أن “ماسون بمحاججته لمصلحة التفسير الحرفي لما كان يقوله مرضى فرويد، جَبُنَ نظريًا أمام الواقع. فهو يريد العودة إلى المفهوم الشائع الذي يرى أن القول إما صحيحًا أو خاطئًا؛ وبفعله هذا يفوت فهم الاكتشاف الذي قام به فرويد. فالقصص التي يرويها المرضى عن إغوائهم من قبل الآباء أو الأعمام كانت كاذبة كذبًا مركبًا، فلم (يغوهم أحد فعلبًّا). وصحيحة؛ (فهي تعبر عن حقيقة رغبات المرضى، وربما رغبات آبائهم وأعمامهم أيضًا).
فالحقيقة عند فرويد لا يمكن فصلها عن الخيال، وعن اللغة. فالقصة الخيالية أو المتوهمة لها نفس تأثير الحقيقة، واللغة هي في الوقت نفسه الوسط لاسترجاع الحقيقة”!!! ( ).





