خليل البطران
الافتتاحية: حلم الأكراد بوطن
لطالما شكّل الأكراد أحد مكونات شعوب آسيا، ولكنهم لم يعرفوا قيام كيان سياسي مستقل رغم وجودهم الموزع بين تركيا، العراق، سوريا، وإيران. مع بداية القرن العشرين، بدأ الأكراد يحلمون بوطن خاص بهم، وتعتبر معاهدة سيفر عام 1920 نقطة الانطلاق لهذا الحلم.
الجذور التاريخية للسردية الكردية: بين الواقع والأسطورة
معاهدة سيفر: بداية الحلم الكردي
مع توقيع معاهدة سيفر عام 1920، تم تضمين وعد للأكراد بإنشاء دولة كردية ممتدة عبر مناطق تركيا والعراق وسوريا. إلا أن هذا الوعد لم يُنفَّذ مع توقيع معاهدة لوزان في 1923، التي ألغت هذا الحلم الكردي.
الأكراد تحت رعاية الدولة العثمانية
خلال فترة الدولة العثمانية، كان الأكراد جزءًا من الولايات العثمانية حيث تميزوا بالولاء للدولة العثمانية. بعد الحروب الصفوية العثمانية، اختار العديد من الأكراد المذهب السني، وانتقلوا للعيش في مناطق مثل ديار بكر وغيرها من المدن التركية.
الأكراد والثورات: من الثورة إلى الشتات
ثورة سعيد بيران: مقاومة ضد التغيير
في عام 1925، شهدت مناطق الأكراد ثورة سعيد بيران ضد الحكومة التركية، حيث خرج الأكراد مطالبين بالحقوق السياسية والاقتصادية. كانت هذه الثورة نتيجة شعورهم بالإحباط من تراجع آمالهم في الحصول على دولة كردية.
الهجرة الكردية إلى سوريا: هروب من القمع
بعد فشل الثورة، هاجر العديد من الأكراد إلى سوريا، خاصة إلى مناطق مثل حلب ودمشق والحسكة. في هذا السياق، أشار الدكتور محمد كرد علي عن خطورة الهجرات الكردية وتأثيرها على المجتمع السوري وأن استقرارهم في الشريط الحدودي مع تركيا يجعلهم يطالبون بوطن قومي لهم في يوم من الأيام وتحقق ما تنبئ به.
التدخل الدولي: الأكراد كورقة ضغط
الولايات المتحدة ودعم الأكراد في العراق وسوريا
بدأت الولايات المتحدة دعم الأكراد في العراق بعد حرب الخليج 1991، وأعادت دعمهم بعد 2003 في حرب العراق. في سوريا، زادت واشنطن من دعم الأكراد بعد الثورة السورية 2011، بهدف تحقيق مصالحها السياسية.
تركيا وقلقها من الأكراد في سوريا
تعتبر تركيا الأكراد في سوريا تهديدًا كبيرًا لأمنها القومي. لذا، عملت تركيا على منع قيام أي كيان كردي مستقل في شمال سوريا، مما دفعها إلى تهديد النظام السوري مرات عديدة وطالبت بتسليم عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني.
التحولات في المواقف: من الدعم إلى التخلي
تغيرات سياسية في الشرق الأوسط
بعد الثورة السورية، تغيرت المواقف بشكل ملحوظ. في البداية، كان هناك تعاون بين الأكراد ونظام الأسد، لكن بعد التدخلات الدولية، بدأ الأكراد يواجهون تهديدات متعددة من تركيا ومن الجيش الوطني السوري المعارض.
الانسحاب الأمريكي: هل ضاع الحلم الكردي؟
مع الانسحاب الأمريكي الوشيك الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى، خصوصاً بعد ما وضع البنتاغون خطة زمنية حددها بثلاثة أشهر لسحب القوات الأمريكية من سوريا وتم إبلاغ إسرائيل بهذا الشأن ، تُرك الأكراد لمواجهة مصيرهم، حيث بدأوا يواجهون تركيا من جهة وحكومة دمشق من جهة أخرى . هذا التغيير شكل ضربة قاسية لحلم الأكراد في إقامة دولة مستقلة أو حتى حكم ذاتي في سوريا.
الختام
مصير الأكراد بين القوى الإقليمية والدولية
بعد سنوات من الدعم الدولي، يبدو أن الأكراد أصبحوا ضحية التفاهمات السياسة الدولية. مع ترك الولايات المتحدة لهم، وجد الأكراد أنفسهم بين فكي كماشة بين تركيا وسوريا، بعد خسارتهم لأحلامهم في إقامة كنتون كردي هويتهم كمواطنين سوريين يؤمنون بالعيش المشترك التي أصبح مشكوك فيها.
التوصيات والتطلعات المستقبلية للأكراد
في خضم هذه التحولات السياسية المعقدة، يبقى السؤال الأبرز: هل سيظل الأكراد أداة ضغط دولية على القوى الكبرى، أم أن مستقبلهم سيُحدد وفقًا للتفاهمات الإقليمية الجديدة؟ وكيف يمكنهم الحفاظ على هويتهم وحقوقهم في مواجهة التحديات القادمة؟





