إيطاليا تلغراف متابعة: أصدر الكاتب والباحث في التنمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، الأستاذ سعيد الغماز مؤلفا جديدا يحمل عنوان “النموذج التنموي في المغرب…مقاربة مع نماذج تنموية ناجحة في آسيا وإفريقيا”. ويأتي هذا الكتاب في وقت يشهد فيه المغرب نقاشا موسعا حول النموذج التنموي، ليكون بذلك مساهمة في تطوير هذا النقاش وهو ما يسعى إليه المؤلف حيث يقول “يشهد المغرب نقاشا موسعا حول النموذج التنموي الجديد. ويأتي هذا الكتاب لإغناء النقاش حول الموضوع لكن من منظور مغاير”. وقد تناول الكاتب موضوع النموذج التنموي من منظور مغاير فعلا حيث تحدث عن التنمية في المغرب وعن مكامن النجاح والاخفاق في مختلف القطاعات، كما تحدث عن النماذج التنموية الناجحة مبرزا أهم نقاط القوة التي تتقاطع فيها هذه النماذج وكيفية الاستفادة منها.
لقد اختار الكاتب النماذج التنموية الناجحة بعناية كبيرة، فتطرق لتجارب كل من سنغافورة وماليزيا والصين والهند وتركيا من القارة الآسيوية، ورواندا وبوتسوانا من القارة الإفريقية. علما أن المغرب كان أفضل حال من هذه الدول بعد الاستقلال، بل منها من كان بعيدا من الناحية الاقتصادية عن المغرب إلى حدود عقد أو عقدين من الزمان. ويعود اختيار الكاتب لهذه النماذج التنموية إلى كونها نماذج تجعل من التنمية شيء ممكنا وليس بعيد المنال شريطة العمل الجاد واعتماد البرامج الصائبة. في هذا المجال يقول الكاتب ” …فهذه النماذج التنموية، حتى وإن كانت مجازا لا تُوفر أي استفادة، فهي تمنحنا اليقين بأن تنمية أي مجتمع مهما بلغت معوقاته وتعقدت مشكلاته، هي ممكنة التحقيق وتقليص الهوة التكنولوجية مع العالم المتقدم أصبحت هي الأخرى في المتناول”.
يقع الكتاب في 164 صفحة من الحجم المتوسط وينقسم إلى أربعة فصول. الفصل الأول يتطرق إلى تعريف التنمية والمؤشرات التي يقوم عليها قياسها ويتطرق كذلك إلى المفاهيم الجديدة للتنمية وخاصة مفهوم التنمية المستدامة والتنمية البشرية. الفصل الثاني يتحدث عن النموذج التنموي الحالي، وتطرق فيه الكاتب إلى المراحل التي مر منها الاقتصاد المغربي منذ فجر الاستقلال، ثم قام بتقييم النموذج التنموي الحالي من خلال عرضه على مقياس نقاط القوة ونقاط الضعف، وميزان الفرص المتاحة والمخاطر الموجودة، ليخلص إلى كونه نموذجا يعاني من معوقات بنيوية تطرق لها الكاتب بتفصيل. يقول الكاتب ” لكن هذه الإنجازات الكبيرة بالمقياس التنموي، تقابلها إخفاقات كبيرة كذلك في مجال التعليم والصحة والشغل والإدارة والموارد البشرية”.
الفصل الثالث عرض فيه الكاتب دراسته المفصلة لسبعة نماذج تنموية من قارتي آسيا وإفريقيا، وانتهت به هذه الدراسة إلى تحديد ستة مفاتيح اعتبرها الباحث أساسية في كل نموذج تنموي ناجح. الفصل الرابع خصه الكاتب للنموذج التنموي الجديد الذي يناسب المغرب. ويعتبر هذا الفصل الأخير من الكتاب إضافة نوعية للنقاش الحالي حول النموذج التنموي، حيث عدد إيجابيات النموذج الحالي وقدم رؤية متكاملة لتثمينها، كما ساهم بآراء واقتراحات جديدة لتجاوز معوقات التنمية في المغرب وتوفير سبل نجاح النموذج التنموي الجديد. المقولة التالية للكاتب تلخص رأيه في طبيعة النموذج التنموي الجديد ” على هذا الأساس نلاحظ أن النموذج التنموي الحالي يعيش مخاضا عسيرا وكأن شيء ما يعوق الانطلاقة الفعلية للتنمية في بلادنا. هذا الشيء هو تلك المعوقات البنيوية التي يعاني منها نموذجنا التنموي والتي يجب أن يعالجها النموذج الجديد من أجل انطلاقة جديدة سليمة وواعدة”.