المشهد العراقي… انتخابات برلمانية بإطار إقليمي.

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

*بقلم..الدكتور حسن مرهج

 

 

حقيقةً يُعد العراق ساحة للتجاذبات السياسية بعناوينها الإقليمية والدولية، وهذا ما ترجمته نتائج الإنتخابات البرلمانية في العراق، حيث شهدت هذه الانتخابات، العديد من التحديات وتحديداً تلك المرتبطة بعمليات التمثيل السياسي والطائفي، وما جاء بعد انتهاء الانتخابات، لجهة تنديد الكتل الشيعية الموالية لإيران بنتائج الانتخابات، لا سيما أن هذه الكتل اعتبرت أن الانتخابات شهدت الكثير من عمليات التلاعب والاحتيال، الأمر الذي يُنذر بحدوث صدامات سياسية وقد ترتقي لتصبح صدامات عسكرية، وربما قد تصل التطورات إلى مرحلة الانقسام الطائفي المُهدد بحدوث حرب أهلية واسعة النطاق في العراق، خاصة أن العديد من التيارات والكتل في العراق، تمتلك قوة عسكرية موازية لقوة الجيش العراقي، وتحديداً فصائل الحشد الشعبي.

في المواقف والتي تُترجم حالة الاحتقان القابل للإنفجار، فإن هادي العامري رئيس تكتل “الفتح”، قال لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن وسندافع عن أصوات ناخبينا ومرشحينا بكل قوة، اما حليفه أبو علي العسكري، المتحدث باسم كتائب حزب الله العراق، احد ابرز فصائل الحشد الشعبي، والأكثر نفوذاً، قال في بيان “ما حصل في الانتخابات يمثل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث”.

المواقف السابقة، تُقرأ ضمن إطارين، الأول تهديد واضح بإحداث حالة من التوتر السياسي والمرافق لمقاطعة سياسية واسعة قد تشل الحركة السياسية في العراق، ونتيجة لذلك، سيكون هناك تدخلات خارجية ترتبط بجوهر مصالح القوى الإقليمية والدولية في العراق، والثاني، فإن هذه التصريحات، تعكس خيبة الأمل بالمشهد السياسي في العراق، وبذات التوقيت، قد تعني أن هناك مُخطط من قبل بعض الكتل السياسية الشيعية والتي تملك قواعد شعبية واسعة وكبيرة، لإلغاء النتائج، وعدم الاعتراف بأي برلمان جديد بقوة السلاح.

في جانب آخر، فإن مقتدى الصدر هدد بسحب سلاح كل الفصائل، وحصره في جيش الدولة فقط، أي سلاح الحشد الشعبي، وقوات البشمركة الكردية، وهنا يبرز تساؤل غاية في الأهمية، يتمحور حول جدية الصدر في تنفيذ تهديداته بنزع سلاح هذه الفصائل، مما يعني حدوث صدامات دموية، وهنا لابد من التذكير، بأن فصائل الحشد الشعبي أُسست بموجب فتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني، عقب تهديدات جماعة داعش الإرهابية، الأمر الذي يأخذنا إلى مشهد سياسي جديد، قوامه صدامات داخل القاعدة الشعبية المؤيدة لإيران.

ضمن المشهد السابق، وفي صورة ما بعد الانتخابات، فإن عموم المشهد العراقي، يبدو ضبابياً، ومن الصعب على أي مراقب رسم ملامحه، لكن ليس من الصعب التكهن بأن الوضع الحالي قد يستمر مع تغييرات طفيفة، لان أي صدام عسكري قد يؤدي الى فوضى، وربما حرب أهلية، وتدخلات خارجية، وجميع القوى تدرك هذه الحقيقة.

في العموم وبناءً على جُملة الوقائع والمعطيات في العراق، فأنه لا يُمكن اعتبار نتائج هذه الانتخابات بأنها استهداف للنفوذ الايراني في العراق، لا سيما أن القواعد الشعبية المؤيدة لإيران، واسعة ولها ثقل سياسي وازن، وبالتالي سيبقى نفوذ إيران في العراق له مفاعيل وتأثيرات، كما أن النفوذ الايراني في العراق، مرتبط بما يراه غالبية العراقيين أنه موجه لطرد القوات الأمريكية من العراق، وهذا مطلب غالبية العراقيين.

في جانب آخر، فإنه من الطبيعي والمنطقي أن تتغير التوجهات السياسية، أو ما يُمكن تسميته بالتغييرات في القراءة السياسية للمشهد العراقي، وفي العمق فإن نتائج الإنتخابات، وخاصة أن الإقبال كان ضعيفاً، لا تُعد مقياساً واقعياً لذاك المشهد، لا سيما أن غالبية العراقيين بسنتهم وشيعتهم، يدركون دور فصائل الحشد الشعبي، في القضاء على تهديدات داعش.

*إعلامي خبير في شؤون الشرق الأوسط

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...