هل يدفع أخنوش ثمن “بلوكاج” حكومة بنكيران الثانية؟

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

*د.سعيد الغماز

 

 

 

حين كان السيد أخنوش يقوم بحملته الانتخابية، ويُجند كل إمكانياته المالية وسلطته ما ظهر منها وما خفي، لم يكن يتصور أن يتعرض لحملة واسعة في صفوف المواطنين ترفع في وجهه شعار “ارحل أخنوش”. كما أنه بالتأكيد لم يكن يضع في حسبانه أن تتعرض حكومته لهذا الإنتقاد الواسع في المجتمع المغربي وهي لم تُكمل بعدُ سنتها الأولى. لم يكن كذلك السيد أخنوش يتصور أن الآلة الإعلامية التي ساندته في حملته الانتخابية ستقف عاجزة عن مواجهة الهاشتاغ ضد الغلاء والانتقادات التي يعرفها أداء السيد رئيس الحكومة. هذا الأخير لم يكن يتصور كذلك أن الصحفيين الذين يُعول عليهم في الترويج لحكومته، سيضطربون ويفقدون بوصلتهم في مواجهة هذه الهَبَّة الشعبية ضد الحكومة. فنجد البعض منهم توارى عن الأنظار، ونهج البعض الآخر سياسة أكثر غرابة بمواجهة أحزاب المعارضة وتحميلها مسؤولية قرارات اتخدتها الحكومة، وذلك حتى لا يقع في شرك انتقاد رئيس الحكومة.

لقد روج السيد أخنوش عن كون حكومته هي حكومة الكفاءات، لكن الظروف الاستثنائية التي واجهتها هذه الحكومة جعلتها تقف عاجزة عن القيام بأي إجراء من شأنه التخفيف من وطئة الأزمة، وهو ما جعل شعار حكومة الكفاءات يتبخر في أول اختبار لها. ومن حسن حظ هذه الحكومة، أنها تستفيد من إلغاء دعم المحروقات من صندوق المقاصة الذي قامت به حكومة السيد بنكيران. ولو لا هذا الإجراء، لكان السيد رئيس الحكومة في وضع أسوأ من وضعه الحالي.

لكن السؤال الأهم هو: كيف كان سيكون وضع حكومة السيد أخنوش لو لم تعرف حكومة السيد بنكيران البلوكاج السياسي في نسختها الثانية؟

لو لم يتعرض السيد بنكيران للبوكاج الذي قاده السيد أخنوش، لعرف المغرب مسارا آخر عنوانه الكبير هو مواصلة الإصلاحات التي دشنتها حكومة السيد بنكيران في نسختها الأولى. وهي الإصلاحات التي جعلت الناخب المغربي يُصوت بكثافة أكبر على حزب العدالة والتنمية بزعامة السيد بنكيران. فلو لا هذا البلوكاج، كان بالإمكان الاستمرار في إصلاح صندوق المقاصة، برفع الدعم عن باقي المواد. ولتم إخرج مشروع السجل الاجتماعي إلى الوجود. هذا السجل كان سيسمح باعتماد الحكامة الجيدة في تطبيق الدعم المباشر للفئات الهشة في المجتمع المغربي. كما أن تفعيل مجلس المنافسة كان سيُمَكِّن من ضبط المنافسة القانونية بين الشركات خاصة في قطاع المحروقات. وهي المنافسة التي من ستمكن حماية المستهلك من أي تحالف للأوغارشية ضد مصالح المستهلك.

لو لم يتزعم السيد أخنوش البلوكاج ضد حكومة السيد بنكيران في نسختها الثانية، لتمت كل تلك الإصلاحات، ولكان وضع الاقتصاد الوطني في الظرفية الراهنة أفضل حال، وهو ما كان ستستفيد منه حكومة السيد أخنوش. كما أن تلك الإصلاحات كانت ستتيح للحكومة الحالية هامشا كبيرا في التحرك من أجل مواجهة معضلة الغلاء. هذا الهامش في الحركة الاقتصادية كانت ستنتفي معه كل الأسباب التي أججت الغضب الشعبي وجعلته يعبر عن سخطه ويُحَمِّل المسؤولية لحكومة السيد أخنوش.

فالوضعية المتميزة التي كان من المفترض أن يكون عليها الإقتصاد المغربي، كانت ستسمح بإيصال الدعم المباشر للطبقات المتضررة والتي ترفع حاليا شعار “ارحل أخنوش”، وكانت شركات المحروقات ستكون خاضعة لمراقبة مجلس المنافسة وهو الأمر الذي كان بالإمكان أن يُبعد السيد أخنوش عن تهمة استغلال الغلاء وغياب المنافسة من أجل المزيد من الأرباح. كما أن توسيع هامش التحرك الذي كانت ستتيحه وضعية الاقتصاد الوطني، كانت ستوفر للحكومة شروطا أفضل في التدبير، وكانت ستعيش هذه الحكومة وضعا ملائما للإستفادة من الاستثمارات الداخلية والخارجية من أجل تقوية الأداء الاقتصادي.
لهذا كله، نقول إن السيد رئيس الحكومة يدفع ثمن البلوكاج السياسي الذي قام به السيد أخنوش.

*كاتب وباحث من المغرب

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...