القرآن الكريم والقيم العالمية.

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

*الدكتور محمد الفقيه

 

 

 

القرآن الكريم كتاب عالمي يخاطب الصيني والياباني والأمريكي والروسي والمكسيكي كما يخاطب من يعيش في مكة والمدينة وفي الاردن ومصر والسودان ، والقيم القرآنية قيم عالمية كقيم العدل والشهدادة بالحق والصدق والأمانة ونصرة المظلوم وغيرها من القيم ، ومن الآيات الدالة على عالمية الخطاب الآلهي قوله تعالى :قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا {الأعراف: 158}
وقوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون
وقوله تعالى : إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين .
وقوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين .
وقوله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم .

فالقرآن الكريم رسالة الله إلى سكان الكرة الأرضية كافة ، فهو خطاب عالمي ، ولكن الإشكالية أن المسلمين لا يملكون خطابا عالميا ، ويقدمون أنفسهم على أنهم يمثلون الإسلام ويمثلون الخطاب الإلهي ، للأسف لا يزال خطابنا الإسلامي خطابا محليا ، وأحيانا خطابنا لا يتجاوز ولا يتسع إلا لدائرة الطائفة التي ننتمي لها،أو للحزب الذي ننتمي له ،أو للمذهب الذي ننتمي له ، نحن الآن مدعوون إلى أن نعمل استدارة نحو كتاب الله لنقرأه من جديد ، قراءة معاصرة في ضوء الواقع ، وأن نعيد قراءة الموروث بما فيه كتب الصحاح في ضوء القرآن الكريم ، فالقرآن الكريم مهيمن على التراث ، ومهيمن على كتب الحديث والروايات ، فالكثير من المرويات الحديثية الصحيحة هي مرويات محكومة ببعدي الزمان والمكان ، فهذه المرويات عالجت قضايا محلية في زمن معين ، وليس لهذه الروايات الصفة العالمية ولا الأبدية ولا الشمولية ، بينما أحكام القرآن الكريم أحكام عالمية لها صفة الشمولية والأبدية ، هكذا ينبغي أن نفهم العلاقة بين القرآن الكريم والمرويات الحديثية ، وبهذه الطريقة من الممكن حل الكثير من الإشكاليات التراثية .

لذلك نحن الآن بحاجة الى ثورة دينية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، يقودها الأحرار من العلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات لتقديم قراءة كتاب الله من جديد وتقديم رؤية جديدة للإسلام تمثل حقيقة الإسلام كما هو في كتاب الله ، وتقديمه للناس كافة بصورته العالمية ، وما لم نفعل ذلك سنبقى مطرودين من رحمة الله ، وسنبقى في ذيل القافلة وسنبقى من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

*مفكر اسلامي من الاردن

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...