الرباط- لجأت السلطات النقدية المغربية إلى اعتماد الفائدة المتغيرة لإغراء المستثمرين وفي الوقت ذاته جني مكاسب أكبر من إصدار سندات طويلة الأجل لتوفير السيولة في السوق.
ولم تفلح الخزينة العامة بجذب المستثمرين لشراء سندات بآجال استحقاق 5 و10 سنوات، أصدرتها الأسبوع الماضي، رغم اعتمادها أسعار فائدة “متغيرة”، في خطوة جديدة تسعى من خلالها لضمان استمرار تمويلها للمدى الطويل.
وعانت سوق الدين الحكومية نهاية العام الماضي من ضعف إقبال المستثمرين لعدم قبول مديرية الخزينة بوزارة الاقتصاد والمالية لنسب فائدة مرتفعة لسندات الآجال المتوسطة والطويلة، ما دفعها لتجربة سندات بفائدة متغيرة.
أحمد الزهاني: المستثمرون يفضلون مددا قصيرة لسهولة البيع بالسوق المفتوحة
ونتيجة الشلل بسوق السندات، وجه البنك المركزي بوصلته مع بداية 2023 لاستعمال وسيلة ضخ هيكلية للسيولة تُسمى بـ”السوق المفتوحة”، لشراء السندات في السوق الثانوية لدى البنوك بسقف 25 مليار درهم (2.44 مليار دولار)، وذلك لأول مرة في تاريخه.
وتأتي هذه الخطوات بعدما رفع المركزي سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2.5 في المئة العام الماضي، لمواجهة التضخم الذي بلغ 6.6 في المئة، وهو مستوى قياسي لم يُسجل في البلاد مدة ثلاثة عقود، وكان مدفوعا بقفزة أسعار الوقود والغذاء.
والأسبوع الماضي أعلنت الخزينة عن حاجتها لجمع خمسة مليارات درهم (490 مليون دولار) بإصدار سندات استحقاق تمتد من ستة أشهر إلى عشرين عاما، وتلقت طلبات شراء بنحو 2.34 مليار دولار، منها 1.92 مليار دولار بسندات ثابتة بأجل 26 أسبوعا.
والجديد في هذا الإصدار، الذي امتد بين الثلاثاء والخميس الماضيين، هو عرض سندات لأجل خمس سنوات باعتماد سعر فائدة أساس لثلاثة أشهر والذي يبلغ حاليا 3.23 في المئة تضاف إليه 5 و10 نقاط إضافية للسندات التي يستحق أجلها بعد عشر سنوات.
ونتيجة الإصدار انتهت الرباط ببيع سندات بقيمة تتخطى المليار دولار بقليل في المجموع، منها 700 مليون دولار لأجل استحقاق ستة أشهر بسعر فائدة ثابت عند 3.14 في المئة، أما الدين الباقي لأجل سنتين بسعر ثابت 3.84 في المئة.
وفي حين لم تتمكن الخزينة من جذب أكثر من 140 مليون دولار للسندات لأجل خمس سنوات بسعر فائدة متغير، مقابل طلب يبلغ 160 مليون دولار، لم يبدِ المستثمرون أي اهتمام بالسندات التي يستحق أجلها بعد عشر سنوات.
وأشار الخبير الاقتصادي عمر باكو إلى أن الطلب الذي تلقته الخزينة كان مركزا، بشكل أساسي، على السندات قصيرة الاستحقاق. وبرر ذلك في تصريح لوكالة بلومبرغ بتخوف المستثمرين من آفاق ارتفاع التضخم وسعر الفائدة الرئيسي خلال العام الحالي.
490مليون دولار ما تحتاج جمعه الخزينة بإصدار سندات استحقاق تمتد من ستة أشهر إلى عشرين عاما
وقال إن مسعى الخزينة كان هو إيجاد شهية لدى المستثمرين على سندات الخزينة ذات الاستحقاق المتوسط والطويل “لتضمن تمويلا مريحا، لكن خطوتها لم تلقَ النجاح المنشود”. ولفت إلى أن “السندات ذات الفائدة المتغيرة توفر أمانا للمستثمرين لكن استمرار عدم اليقين بخصوص التضخم والقرارات المرتقبة للبنك المركزي، جعل المستثمرين يحجمون عنها”.
وتعتزم الحكومة هذا العام اللجوء إلى الاقتراض الداخلي بإجمالي 6.74 مليار دولار، بزيادة 5.6 في المئة عن أرقام العام الماضي، في حين سيقفز الاقتراض من الأسواق الخارجية بأكثر من النصف إلى 5.86 مليار دولار.
ويعتقد أحمد الزهاني خبير رئيسي في بنك الأعمال سي.دي.جي كابيتال أن سبب انعدام الطلب على سندات عشر سنوات، وضعفه لسندات 5 سنوات، هو “تفضيل المستثمرين للمدد القصيرة بالنظر لسهولة بيعها في السوق الثانوية أو للمركزي في السوق المفتوحة”.
وتتيح الآجال القصيرة للمستثمرين تجنب مخاطر ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة في المستقبل، بالنظر إلى تطور الأوضاع الاقتصادية في العالم واستمرار كبرى البنوك المركزية العالمية في سياسة التشديد.
وقال الزهاني إن “الفائدة المتغيرة المقترحة للسندات ذات آجال 5 و10 سنوات تقل عن المستوى الحالي المسجل في السوق الثانوية للسندات المماثلة”.
وأوضح أن تطور السوق يرتبط بشكل وثيق بتكهنات المستثمرين لسياسة المركزي هذا العام، وتطبيق سياسة التمويل الخارجي من قبل الخزينة التي ستلجأ إلى السوق الدولية لاقتراض نصف احتياجاتها.