متى تعود للمعلم ابتسامته؟

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

*ذ.عبدالبصير جمال عيد

 

 

لا يمكن أن تكون العملية التعليمية ناجحة من غير أن تكون ابتسامة المعلم حاضرة في الغرف الصفية وأمام التلاميذ. إن أردنا أن يشرق التعليم في بلادنا فلا نملك سوى أن نخلق جواً إيجابياً ينعكس أولاً على المعلم ثم على التلاميذ.

العملية التعليمية لا تريد تكثيف في طرق التدريس ولا دروس لا يكون هدفها سوى لفت الأنظار إليها بهالة من التسويق الكاذب لما نظن أنها عملية تعليم ناجحة.

هناك مؤسسات تفصل بين عملية التدريس وعملية التعلم. فما نفع أن تنصب كل الجهود على التدريس ومتابعة الطرائق الجديدة، والخطط المختلفة، وملاحقة المعلم في كل شاردة وواردة، وعلى أرض الواقع لا نرى تعلماً بين التلاميذ.

الانفصام الذي تعيشه بعض المؤسسات التعليمية بفصل التدريس عن عملية التَّعلم لا يُفضي إلا إلى انعكاس سلبي على المخرجات التعليمية وتدهور في التَّحصيل وفقدان التَّقدم على المستوى الأكاديمي.

النَّظريات التَّربوية جاءت لتخدم العملية التعليمية، فلا يمكننا أن نفصل بين النظرية والتطبيق. والمشكلة الحقيقية ليست بالنظريات ولا بتطبيقها بل المشكلة الحقيقية تكمن في من يطبق هذه النظريات ويقف على تنفيذها.

يمكن أن يكون هذا الكلام قاسياً، لكن ماذا نتوقع إن طلبنا ممن اعتاد على قيادة سيارة صغيرة أن يقود شاحنة في شارع مزدحم من غير تدريب. ما تعانيه بعض المؤسسات هو غياب القيادات التربوية المؤهلة. ولا عيب أن يكون هناك تدريب وتأهيل ممنهج لرفع كفاءة القيادات التربوية بشكل مستمر.

يتمثل دور القائد التربوي في المقام الأول في التعاون مع المعلمين وتقديم التوجيه والإرشاد في المناهج الدراسية والدعم الفعال لتيسير عملية التعليم والتعلم. لذلك يتوجب على القائد التربوي العمل جنبا إلى جنب مع المعلم في التطوير والتعزيز للحصول على نتائج فعالة في جو يسوده التآلف والتكاتف.

إن ما نريده هو عملية تعليمية تنساب بسهولة ويسر ضمن رؤية واضحة تندفع بتناغم فذ في جو تسوده الإيجابية وتُحصَد فيه الثمار، ونحصل على تعلم حقيقي، فعال والصادق.

الاهتمام بالطالب ومتابعة احتياجاته ورفع مستواه هو الهدف المركزي الذي فتحت من أجله المدارس والمعاهد، ومن أجله قامت النظريات وتتم الدراسات، و تطبق طرائق التدريس المختلفة. فأي طريقة وأي نظرية لا تجد طريقها لخدمة الطالب فلا حاجة لنا بها.

إن التعليم في وطننا العربي لا يحتاج إلى من يحفظون النظريات من غير أن يفهموها. وكما نقول نحن بالعامية “حافظ مش فاهم”. إن لكل مجتمع خصائصه وبالتالي عندما تقوم النظرية في مكان ما في هذا العالم ليس من الضروري أن يتم تطبيقها في عالمنا العربي. متى سوف يكون عندنا خبراء يعملون من رحم هذا الوطن ويضعون الفرضيات ويعملون عليها بعيداً عن النسخ والتكرار الزائف!

إن هذا الوطن غني بالكفاءات والقدرات القادرة على التجديد والابتكار، والمعلم هو من يبني هذا المجتمع ويرفع أعمدته جيلاً بعد جيل. وهذا لن يكون إذا لم نعيد للمعلم ابتسامته.

المعلم يحتاج إلى مساحة من الحرية بعيداً عن روتين وقيود القوانين، والرقابة المفرطة. المعلم يجب أن يكون حراً، يستطيع أن يعبر عن رأيه بكل أريحية، و بالتأكيد وفقاً لمتطلبات ومتغيرات البيئة الصفية، وضمن الحدود التربوية والأخلاقية. ولابد أن يكون المعلم في وضع مادي يغنيه عن حمل هموم الدنيا على كاهله داخل الغرف الصفية وبين أسوار المدرسة. وأضعف الإيمان، أن يُسمع للمعلم، ويجد آذان صاغية تسمع شكواه، وتأخذ بآرائه ومقترحاته. وأما من يحمِّلُ المعلم ما هو فوق طاقته فأذكره بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – : “اللهُمَّ مَنْ ولِي من أمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عليهم فاشْقُقْ علَيهِ ، ومَنْ ولِيَ من أمرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهمْ فارْفُقْ بِهِ”. رواه مسلم

*كاتب وخبير تربوي

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...