زلزال المغرب العظيم :منحة المحنة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

بقلم الدكتور نبيل شيتي
عضو الصليب الأحمر الكندي

 

بعدما عاش المغرب أيام استثنائية اثر الزلزال العظيم و الذي فاقت قوته 30 قنبلة نووية حيث أصاب منطقة الحوز خاصة و شعر بهزاته شطر كبير من المملكة و بعد الاستفاقة من هول الصدمة و تجربة أحاسيس غريبة علينا من خلال الفرار من بيوتنا و قضاء ليلة بيضاء بعيدا عن أسرتنا الدافئة التي مع كثرة استعمالها اصبحت لنا أمرا عاديا و نعمة متوفرة غاب على اغلبنا شكرها، استشعرنا في هذه الايام مدى الرفاهية و منحة الأمان التي كنا منغمسين فيها و استسهلنا وجودها بين ايدينا و في لحظة جاء قدر الله لكي نستفيق من أحلامنا و برامجنا و مخططاتنا و نعرف أنه في لحظة كاد كل شيء أن يتغير و في ثواني قليلة كما وقع لإخواننا في المناطق المنكوبة و التي تضررت بشكل كبير خصوصا القرى الجبلية و التي فقدت عددا مهما من الارواح البريئة رحمها الله و كذا آلاف من الجرحى و الخسائر المادية الجسيمة.

و منذ اللحظات الاولى هرعت الساكنة في إنقاذ المطمورين و الجرحى و انتشال الشهداء ، ليظهر للعالم المعدن المغربي الأصيل العربي،الامازيغي، الصحراوي و اليهودي و مسطرا ملحمة جديدة ليست بالغريبة عن بلد يضرب تاريخه المجيد لازيد من 12 قرنا من التلاحم في الازمات و الحروب و المحن ،ليبقى المغرب مثلا في الترابط و التلاحم و الأخوة و هذه إحدى منح هذه المحنة و التي تولدت من خلالها منحة فريدة أخرى تجلت في موجة عالمية من التضامن مع بلد في شمال قارة افريقيا اسمه “المغرب” من كل أطراف المعمورة و قد وحد حب المغرب دولا تعيش حربا ضروسا فيما بينها لتصبح رسائل الدعم و التضامن تتقاطر علينا من دول كروسيا و أوكرانيا و فلسطين و إسرائيل و غيرهم و التي شكلت أمثلة حية على مكانة المملكة المغربية المرموقة و المشرفة و التي تحظى بها على الصعيد العالمي و حتى بين الأطراف المتنازعة.

رجوع صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله الى المغرب أعطى قوة كبيرة ورؤية واضحة لاستراتيجية المغرب لمواجهة الزلزال العظيم و جميع ما سيترتب عليه من اثار اقتصادية و انسانية و اجتماعية على المناطق المنكوبة و ضرورة مواكبة تلك المناطق و إعادة تاهيلها على أسس جديدة ستخرجها من كل ما كانت تعاني منه سابقا من هشاشة و لعلها منحة وفرصة لنهوض بصفة جدية بكل الجهات المنكوبة لتطويرها و جعلها مناطق تستقطب الاستثمارات البناءة و ترفع من وتيرة التنمية المستدامة و الحقيقية.

لن ينسى العالم الطوابير الطويلة من المغاربة وهم يجودون بمالهم و مساعداتهم و حتى دماءهم….
سلك القرآن و الأذكار و الصلوات جاءت تزين هاد المنظر المهيب من التضامن و التماسك و الإرادة الصادقة على المساعدة و الإغاثة من المغرب و خارجه…
خلاصة القول الزلزال جاء بالدمار و المحنة و لكن جاء بمنح غنية بأنبل القيم الإنسانية من تضامن وأخوة تجمعنا أكثر مما تفرقنا.
لا بأس عليك يا وطني ، فالمملكة المغربية الشريفة ستقوم من محنتها أقوى و تمضي قدما في اعطاء دروس التضامن و الأخوة و المحبة للعالم….

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...