لاريسا معصراني
بيروت- يعد حس الفكاهة عنصرا مهما لنمو الطفل وتطور تكوينه النفسي بشكل صحي، إذ يعد الضحك طريقة يعزز من خلالها ذاته، كما أن للمحيط العائلي الذي ينشأ الطفل في كنفه دورا في تعزيز حس الفكاهة ومساعدته في فهم ذاته وتطوير لغته، وكذلك تطوير مهارة مراقبة الذات.
وأظهرت دراسات أن الأطفال الذين يتمتعون بروح الدعابة يميلون لأن يكونوا أكثر سعادة وتفاؤلا من أقرانهم، بالإضافة إلى تمتعهم بتقدير الذات، كما تساعد روح الدعابة الطفل في مواجهة التحديات.
وأثبت خبراء نفسيون أن تربية الطفل العنيد من خلال استخدام المرح والفكاهة تعد من أفضل الطرق لمحاولة التغلب على مشاكل الانضباط والحصول على حياة أكثر متعة واسترخاء.
وتقول الاختصاصية النفسية ألينا الدبلان إن الطفل قادر على التعبير بشكل فكاهي في سن صغيرة جدا، إذ يتعلم بعض الألعاب، مثل لعبة “الاختفاء” التي تعتمد على عنصر المفاجأة وحركات غير متوقعة تسمح له بتخطي خوفه، وتمنحه المتعة في الوقت نفسه.
وبفضل هذه الألعاب يتعلم كيف يهزأ من مخاوفه وقلقه شرط أن تكون هذه الألعاب قائمة على تبادل الأدوار، فمثلا في لعبة الاختباء والظهور المفاجئ تختبئ الأم ثم تفاجئ طفلها، ثم تطلب منه أن يقوم بذلك، أي أن يختبئ ويفاجئها.
وبدءا من عمر السنتين ونصف السنة حين يصبح الطفل قادرا على الكلام في شكل واضح يصبح أكثر تفاعلا مع التعبير المصور وألعاب الكلمات التي يحاول أن يقوم بها.
نظام مسح الفكاهة المبكر
وتؤكد الاختصاصية النفسية الدبلان أنه حسب استبيان “مسح الفكاهة المبكر” (إي إتش إس) -الذي أجري على نحو 700 من الآباء والأمهات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا- فإن الأطفال يميزون الفكاهة قبل أن يبدؤوا بإنتاجها بأنفسهم.
نسبة 97.5% من الأمهات والآباء قالوا إن أطفالهم كانوا يضحكون على النكات أو السلوكيات المضحكة في سن ثمانية أشهر، مثل ممارسة لعبة بيكابو (الاختباء وراء شيء ما ومعاودة الظهور فجأة وقول “بيكابو”)، أو التعرض للدغدغة، أو رؤية وجه مضحك، أو سماع ضوضاء غريبة، وفي سن الثالثة يبدأ الأطفال بإنشاء نكاتهم التشبيهية، مثل تقليد أصوات مضحكة أو تعمد تسمية شيء خاطئ.
ويرى الباحثون أن نظام مسح الفكاهة المبكر هو الطريقة الأكثر موثوقية حاليا لقياس هذا المعنى الحاسم في السنوات الأربع الأولى من حياة الطفل.
كيف تشجع طفلك على المرح؟
ووفقا للاختصاصية الدبلان، يجب على الأهل تشجيع الطفل وتعليمه كيف يكون مرحا ومبتهجا وسعيدا -رغم كل شيء- من خلال الطرق التالية:
احكِ لطفلك نكتا طريفة: لا تكونوا صارمين طوال الوقت، اصنعوا الجو المرح وابحثوا عن الدعابة، مع ضرورة الابتعاد عن إطلاق نكات تخص الكبار، لأن ذلك لا يكون مضحكا للأطفال لعدم فهمهم لها، ويمكن أن تكون فيها ألفاظ لا تناسب أعمارهم.
احكوا لهم القصص المضحكة: تأكدوا أن أطفالكم يفهمون أن المرح والمزاح ليسا للتقليل من الآخرين والانتقاص منهم بأي شكل من الأشكال.
هناك الكثير من المزاح الثقيل الذي يقلل ويسخر من الآخرين، ساعدوا أطفالكم على فهم أن المزاح يجب أن يكون بطريقة ذكية مضحكة ولطيفة في الوقت ذاته.
مدح الطفل ليكون مرحا وجعله يستوعب أن الضحك إحدى ملذات الحياة الرائعة.
خلق بيئة مليئة بالفكاهة: شجع الطفل على حضور البرامج التلفزيونية والأفلام المضحكة المناسبة لمن هم في مثل سنه، خذه إلى المسرح الضاحك -الساخر- المناسب لعمره إن وجد، واصطحبه إلى الأماكن الاجتماعية المناسبة للهو والترفيه، فهذه عوامل مهمة لتنمية روح الدعابة عنده، فهو قد يتعلم طرقا مختلفة للدعابة، لأن “روح الدعابة” عادة مكتسبة يتعلمها من الناس الذين حوله، وهذا ما يجعله شخصية محبوبة، ويرتبط هذا الإحساس عنده بالقدرة على إضحاك الآخرين.
5 طرق تعلم الأطفال روح الدعابة
وتؤكد الاختصاصية الدبلان أن هناك دراسات أثبتت أن الضحك مع الأطفال هو أداة تربوية فعالة أفضل بكثير من ضحك الإنسان بمفرده، وفي هذا الصدد ذكر مقال نشره موقع “سبرينغر” خمس طرق تفيد في تعليم الأطفال روح الدعابة، وهي:
1-الضحك معا، وهو وسيلة للتواصل ويجعل الأطفال أكثر ذكاء وصحة وقدرة على مواجهة التحديات بشكل أفضل.
2-تعليم الطفل الحدود في التوقيت والمكان المناسبين خلال المزاح، وتعليمه الفرق بين النكتة المناسبة والنكتة غير المقبولة.
3-لا تحتفظوا بمتعة سرد النكات لأنفسكم، وإنما دربوا أطفالكم على ذلك، ومجرد تقديمكم للضحك -سواء بالضحك مباشرة أو سرد طرفة- كطبق رئيسي على وجبة عشاء حتى تسود أجواء الإيجابية والمرح بين الجميع.
4-اسمحوا لأطفالكم بالمرح والتهريج، واستغلوا لحظات اللعب لتدريبهم على الارتجال والإيحاء بكلمات وتخمينها، فكلها فرص لممارسة الضحك وتمرين على روح الدعابة.
5-الفكاهة وسيلة ناجحة لتطوير الحس الإبداعي لدى الطفل، وتنمي الكثير من مهاراته، لذلك فقراءة الكتب الفكاهية مفيدة وممتعة تقدم القيم والأفكار الإبداعية المناسبة لكل الأعمار.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية