لماذا لا يهدم الزلزال الأسوار الشيطانية بين الجزائر والمغرب؟

إيطاليا تلغراف

 

 

 

د. فؤاد البنا

 

 

في اليوم الثاني لحدوث زلزال المغرب كتبت تغريدة تقول: “بقدر ما أدعو الله أن يلطف بضحايا زلزال المغرب، فإني أدعو بصورة أشد أن ينجح الزلزال في تهديم الأسوار الشيطانية القائمة بين الجزائر والمغرب، ليعود الجميع إخوانا متحابين وجيراناً متعاونين”.

واليوم أقتنص هذه السانحة لأذكّر بزلزال تركيا وما اعتمل في طياته من أحداث وما حمل في بطنه من خيرات.

وكما نعلم فإن هناك تباينات دينية وعرقية وثقافية ولغوية بين تركيا واليونان، وعبر قرون من الزمن ورث البَلدان ثارات تأريخية عميقة ونزاعات جغرافية ملتهبة وتنافسات مصلحية محمومة، لكن بمجرد ما حدث الزلزال في تركيا العام الماضي قام اليونانيون بإعلان تضامنهم الكامل مع جيرانهم وأرسلوا فرق إنقاذ ومواد إغاثة على عجل، وكان المسؤولون الأتراك في مقدمة الاستقبال، وردوا على التحية بأفضل منها، حتى أن الرئيس أردوغان أعلن عن امتنان بلاده لهذا الأمر ووعد بأنه سيعيد تقييم الخلافات بين بلاده واليونان على ضوء هذه التطورات، مع أن الخلافات كادت قبل أشهر من الزلزال أن تؤدي إلى اندلاع حرب بين البلدين اللذين لم تنجح عضويتهما في حلف شمال الأطلسي في تجفيف منابع العداوة المزمنة بينهما!

وحدث قريب من هذا الأمر بين تركيا وإرمينيا على هامش نفس الزلزال، وبنفس سيناريو المساعدات.
فهل عرب هذا الزمان مختلفون عن هؤلاء البشر، فقد أظهروا تمنعهم على سنن الله التي تؤكد أن المصائب تجمع المصابين؟ وأن الخلافات التي تندلع بين الأخوة ينطفئ لظاها حين يظهر عدو مشترك لهما أو عندما تحدث مصيبة لأحدهما، مع العلم أن شعبي المغرب ينتميان إلى دين واحد هو الإسلام بل ومذهب واحد وهو المالكي، ويتكلمان نفس اللغة بل وذات اللهجة، ويواجهان نفس العدو الداخلي وهو التخلف ونفس العدو الخارجي!

فحينما حدثت الحرائق في الجزائر سنة ٢٠٢١م عرضت المغرب إرسال طائرات إطفاء لكن الجزائر رفضت، بل واتهمت جهات جزائرية المغرب بالوقوف خلف اندلاع الحرائق، وأخشى أن يكرر المغرب نفس صنيع الجزائر، فقد بادرت الحكومة الجزائرية بفتح مجالها الجوي المغلق دائما، من أجل عبور طائرات الإغاثة، وعرضت إرسال فريق إغاثة من ثمانين عضوا ولم أدرِ بما رد المغرب، ولم أعرف هل الجزائر من بين الدول الأربع التي قبلت المغرب مساعدتها حتى الآن !

وقد تمنيت أن يقوم الرئيس الجزائري بزيارة مفاجئة للمغرب، ويعلن عن وضع إمكانات الجزائر تحت تصرف إخوانه المغاربة، ولو حدث هذا لكانت ضربة معلم، ولضمن بذلك ذوبان جليد الخلافات بين البلدين الشقيقين وسيكسب حب الشعبين بل الشعوب العربية والإسلامية كلها وكذا سائر أحرار العالم، ومما يرفع الأمل بحدوث شيء من هذا القبيل أن المغرب رفضت عرض فرنسا بتقديم مساعدات لها في ظل هذه الكارثة!

ولأن الشيء بالشيئ يذكر؛ فإن الكارثة الضخمة التي تعرضت لها ليبيا كافية لتعيد الجسور بين شرق البلاد وغربها، وقد انطلقت قوافل شعبية من غرب ليبيا ووسطها نحو شرقها المنكوب، لكن الساسة وقادة المليشيات ما زالوا يصمون آذانهم عن سماع أصوات الجماهير، بل إن بعضهم يتقاذفون التهم على هامش سيل العرم الذي جرف أحياء بكاملها لكنه لم يحطم بعد حوائط العداوة ولم يجرف أكوام الكراهية!

فهل يفعلها الليبيون ويردمون هوة التباعد بين شطري ليبيا؟ وهل يفعلها ساسة الجزائر والمغرب فيحطمون حدود الشيطان ويقيمون جسور التواصل بين الأشقاء؟ هل يحيل عرب المغرب الكبير المحنة إلى منحة، حتى نرى من جديد شمس الوحدة العربية (تشرق) من (المغرب)؟!

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...