ذ.عبد القادر الدحمني
كنت قد نشرت تدوينة أخبر فيها أصدقائي والمهتمين بقراءة ما أكتب؛ بزيارتي للمعرض يوم الأحد 12 ماي 2024، ملفتا الانتباه بشكل ضمني من سيسألني عن وجود روايتي #سرداب_النسيان في أروقة المعرض أو في برنامج توقيعاته، إلى أنها لا توجد هناك، ومن أرادها فهي متوفرة في مكتبتي الألفية الثالثة ودار الأمان، وعلى إثر تفاعل عدد من الأصدقاء والقراء والمتابعين مع التدوينة تكوّن لدى بعضهم انطباع بأن الرواية قد تعرضت للسّحب من المعرض، أو أنه لم يُسمَح لها بدخوله منذ البداية..
ومع أن سوء الظن واجب من واجبات المواطنة إزاء وزارة الشباب والثقافة- وإزاء غيرها من الوزارات أيضا- بوصفها مؤسسة عمومية يتعيَّن مراقبتها وتقييم عملها، ونقدها إن حادت عن القانون أو أخلّت بمبادئ الشفافية وحسن التدبير ومعايير الحكامة السياسية والإدارية، وخاصة إن ظهر إخلالها بعدالة التعاطي مع الكتاب والمثقفين والمفكرين وإنتاجاتهم على قدم المساواة، كالتمييز المجالي أو النوعي أو الإقصاء على أساس الخلفيات الفكرية أو السياسية، أو الانتماء الحزبي والإيديولوجي بشكل عام، وهو أمر يبقى فيه المجال مفتوحا لتقويم مدى حضور كتب المخالفين والمعارضين و”المغضوب عليهم”، وهل تم تجفيف برامج التوقيعات والندوات ممن قد توصي “الهواتف العليا” بشطب أسمائهم، أو توعز بعضُ “الأسماء المستأمَنة رسميا” بتجنبهم تحوُّطًا قبليا من قرصة الأذن أو زمجرة الغضب المتوقّع، أو حقدا إيديولوجيا معتّقا كامنا لا يزال؛ أو مجرّد إبعاد من حوزة الشلّة الرّاتعة المرضية…
هي مجرد استطرادات مشروعة، تتعالى على قصدية إثارة “التشويش”، وتسعى في هذا الحيز الضيّق إلى فتح أقواس مطلوبة، وطرح أسئلة مشروعة، وعرض قضايا للنظر ملحّة..
ولذلك، وبناءً عليه كما يقال؛ أريد أن أوضح أن الأمر لا يتعلق بسحب لروايتي، ولا بمنع عرضٍ عيني مباشرٍ لها، وإنما هي مجرد سياقات مغربية معلومة، جعلت من الكاتب ناشرا بنفسه، ومسوِّقا بذاته لذاته، ولا سبيل لكي يُلتفَتَ إليه أو إلى أعماله في “زحمة” الوقت المغربي المعلول.
ولذلك، وجب التذكير، على سبيل التأكيد، بكون أسعد لحظات الكاتب، تكون عند اتصال قارئ محب، أو ناقد متفاعل، أو باحث مهتم، ويكون من أسعد أوقاته أن يدخل أحدهم معه في نقاش حول ما يكتبه، أو يبدي رأيا، أو يطرح فكرة، أو حتى يعطي انطباعه ويفصح عن تعاطفه أو إعجابه بشخصية من الشخوص، إلى درجة أن يخطب أحدهم بطلة من الكاتب كما وقع لي مع قارئ عاشق من جاليتنا المقيمة بالخارج، أو ينبري ناقد محامٍ مدافعا عن حق شخصية في المزيد من مساحة السرد والتبئير..
وفي انتظار التعاطي مع المغاربة على قدم المساواة التامة، وإبعاد شبح الإقصاء والتهميش، والتشافي من لوثة “الهواتف اللعينة”، وفتح المجال للتنوع الحقيقي الذي يزخر به المغرب الحبيب؛ فكريا ومجاليا وسياسيا وثقافيا.. أبارك لكل الأصدقاء الذين حازوا حقهم الأصيل، ونالوا بعض التقدير اللازم على منجزاتهم، وأهنئ كل من تم الالتفات إليه أخيرا، بكل تجرُّد ومحبّة وفرح صادق.
وأقول أخيرا؛ من يعرف يقدِّر الكتابة الجادة سيجد إليها سبيلا..
وكل معرض وأنتم بخير.