قبل أن تضع حرب السودان أوزارها.. حسابات الربح والخسارة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

حسن عبد الحميد

 

 

 

تمضي حرب السودان التي أوشكت على دخول عامها الثالث إلى نهاياتها هذه الأيام بعد أن استرد الجيش السوداني مدينة مدني ثاني أكبر المدن السودانية وتمكن من استرداد القيادة العامة ومطار الخرطوم خلال يناير 2025م… ويستعد خلال فترة قصيرة لإعلان كل السودان خالٍ من التمرد عدا بعض البؤر في دارفور واستردادها من المليشيا المتمردة مسألة وقت فقط.
وحرب السودان التي اندلعت شرارتها في أبريل 2023م حاولت فيها قوات الدعم السريع التي كانت مساندة للجيش السوداني الانقلاب على السلطة والسيطرة على الدولة السودانية بقوة السلاح وكادت أن تنجح في ذلك لولا لطف الله ثم صمود الجيش السوداني ومواجهته هذا التمرد بمهنية عالية وحنكة واسعة وبسالة قلّ نظيرها.

ومليشيا الدعم السريع المتمردة أعانها في عدوانها هذا قوى محلية تمثّلت في مجموعات من اليساريين والعلمانيين الذين يطمحون في حكم السودان دون رضا غالبية السودانيين وعلى رأس هؤلاء عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق وهو يساري عريق وعلماني معروف جاءت به ضغوط إقليمية ودولية على رأس الحكومة السودانية عقب الإطاحة بنظام البشير في أبريل من العام 2019م واستقال لاحقا مطلع يناير 2022م بعد أن حكم كأسوأ رئيس وزراء للسودان منذ الاستقلال.. وتلك قصة أخرى.
أيضا ساند تمرد الدعم السريع دولة إقليمية خليجية تسعى للاستيلاء على مقدّرات وأراضي وخيرات السودان وظنت أن دعم انقلاب بواسطة الدعم السريع أقصر الطرق لذلك فأمدته بالمال والسلاح في عملية تم فضحها مؤخرا ووصل الأمر إلى اتهامات ومساجلات في مجلس الأمن ولا زالت تلك الدولة سادرة في غيّها.

وقد خاض الجيش السوداني حربا ضروسا ضد تلك الفئة الباغية عُرفت باسم حرب الكرامة والتفّ حول الجيش غالبية الشعب السوداني بعد أن أدرك مبكرا حجم التآمر على الدولة والوطن.. ونحن نشهد نهايات هذه الحرب كما أسلفنا.. ما هي _ إجمالا _ حسابات الربح والخسارة بالنسبة لأطراف الحرب:
محليا فإن الرابح الأكبر هم أحرار الشعب السوداني الذين ساندوا جيشهم الوطني وواجهوا تمرد المليشيا وأعوانها بصبر وبسالة حتى طهروا معظم الوطن من دنسها وهؤلاء الأحرار يمثلون بحمد الله غالبية الشعب السوداني إذ انخرطوا في القوات المشتركة والقوات الأخرى المساندة والمقاومة الشعبية حتى تمكنوا من هزيمة المخطط المتآمر المعتدي على أرضهم وسيادتهم ومن وراء ذلك طيف واسع من القوى السياسية والمجتمعية التي حدّدت موقفها مبكرا ضد المليشيا المتمردة ومع الجيش الوطني.
أما الخاسر الأكبر محليا فهي القوى السياسية التي يقودها عبد الله حمدوك وهي قوى يسارية وعلمانية في طابعها العام وصبغتها الظاهرة وهذه كما أسلفنا تمثل القوى التي حكمت لمدة عامين وفقدت السلطة إثر إستقالة حمدوك في يناير 2022م وتطمع في العودة للسلطة عبر بندقية مليشيا الدعم السريع المتمردة أو كما صوّرت لها القوى الإقليمية والدولية التي تساندها.. وأساس خسارتها أنها أصبحت مكشوفة بموقفها المخزي الذي ساند المليشيا المتمردة ضد الجيش الوطني وستخسر بذلك مستقبلها السياسي في بلد قدّم آلاف الشهداء لدحر المليشيا المتمردة.

أما إقليميا يتضح جليا أن الخاسر الأكبر يتمثل في الدولة الإقليمية الخليجية التي راهنت على انقلاب المليشيا المتمردة وأنفقت ملايين الدولارات بل ربما مليارات على تسليح ودعم الانقلاب فباءت كل محاولاتها بالفشل وغنم الجيش السوداني أسلحة ومركبات ومعدات متطورة بعد معارك شرسة.
الشعب السوداني شعب معلّم بين الشعوب.. وقد أضاف دروسا وعِبر خلال هذه الحرب ربما نحتاج وقتا طويلا لنسردها للأجيال. ولنملّكها للشعوب..لكن ملامحها وخصائصها تبدو لكل من ألقى السمع وهو شهيد.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...