الدكتور عبد الوهاب الفيلالي
بهذا المنطق الرباني الصادق الحصيف نطق نص الكلمة الوصية للشيخ مولاي جمال الدين القادري بودشيش الموجهة إلى مريديه؛ إنه منطق المحبة الجامعة اللامة بالهمة، المحبة المسؤولة التي عودنا عليها أهل الله المخلصون الواصلون الموصلون، البانون درسهم التربوي السلوكي على معاني الوحدة، ولم الشمل، والألفة، والمؤاخاة، وعلى الامتثال في الصحبة، والثبات في الطريق، مع الإخلاص، وصدق التوجه باجتهاد وهمة عالية.
حضرت هذه المعاني قوية في نص خطاب الشيخ سيدي جمال إلى مريديه، مشكلة في مجموعها هوية المحبة الجامعة التي دعانا إليها الله سبحانه وتعالى، والتزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سبقه من الأنبياء والرسل ومن تبعه من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن تلاهم، وتعاهد عليها المؤمنون المحبون الصادقون مع الله ومع خلقه
نعم، تتجلى هذه المحبة داخل كلمة سيدي جمال في كل أطرافها؛ منطلقا ووسطا وختما. وإليكم بعض تجلياتها تمثيلا لا حصرا:
أولا: عنايته حفظه الله بالطريقة ولمة مريديها من خلال بناء كلمته على أساس التوصية والنصح للجميع.
ثانيا: عنايته حفظه الله بمستقبل الطريقة وضمان حفظها من خلال وصيته الغالية لابنه البار بشارة العارفين سيدي منير.
ثالثا: عنايته بالأمة وحاميها؛ أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الساهر على وحدة البلاد والعباد، والدعاء له ولولي عهده مولاي الحسن وباقي الأسرة العلوية الشريفة.
هذه وغيرها تجليات للمحبة الجامعة التي تسكن الكلمة الوصية لسيدي جمال، والتي يدعو دائما إلى السعي لتحقيقها بين المريد وخالقه وبين المريد وإخوانه وكل الناس، درءا لكل مفسدة وجلبا لكل مصلحة؛ درء تخلية وجلب تحلية سعيا إلى التجلية، وصولا ووصالا مع الله سبحانه بصدق وإخلاص.
جعلنا الله من أهل المحبة الجامعة، ملتزمين بما يدعونا إليه شيخنا، بمعية نجله المنير سيدي منير وكل الشرفاء الأفاضل، ملتمين لمة الهمة الرفيعة الرافعة، في صحبة شيخنا الواصل الموصل، الناصح المفصل، شيخ الطريق، المنتهج نهج سيد الخلق على التحقيق، سيدي جمال حفظه الله وبارك في مقامه، وتبثنا على سبيله؛ سبيل الكتاب والسنة والحق والرشاد بلا انقضاء ولا نفاد.
وصلى الله على سيدنا محمد المنقذ من الجهالة والمبيد للضلالة، وعلى آله وصحبه ومن والاه.