رسوم أميركا الجمركية ستضرّ بها وبالآخرين

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

تساو شياولين
تساو شياولين، سفير جمهورية الصين الشعبية في دولة قطر.

 

 

أعلنت الولايات المتحدة، في 2 إبريل/ نيسان الجاري (2025)، فرض “الرسوم الجمركية المتبادلة” على جميع الشركاء التجاريين. وتفرض من بينها الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 34% على الصين، وتتراوح ما بين 10% و39% على قطر والسعودية والأردن والعراق، وغيرها من الدول العربية. أثار هذا التصرّف استياءً شديداً في جميع أنحاء العالم، وحتى في داخل الولايات المتحدة. في الواقع، من الصعب أن يساعد ما يسمّى “الرسوم الجمركية المتبادلة” في تحقيق هدف واشنطن المُعلَن؛ “التوازن التجاري”، وسيؤدّي، في المقابل، إلى ركود الاقتصاد الأميركي، وحتى الاقتصاد العالمي.
ستؤثر “الرسوم الجمركية المتبادلة”، التي تفرضها الولايات المتحدة، في النظام الاقتصادي والتجاري الدولي الحالي، ويدّعي الجانب الأميركي أنه خسر في التجارة الدولية، ويستخدم ذريعة “التبادل” لزيادة الرسوم الجمركية. يتجاهل هذا التصرّف نتائج توازن المصالح، التي جرى التوصل إليها في المفاوضات التجارية متعدّدة الأطراف منذ سنوات طويلة، ويتجاهل أيضاً حقيقة استفادة الجانب الأميركي كثيراً من التجارة الدولية على المدى الطويل. وبناءً على التقييم الذاتي، اختار الجانب الأميركي (من طرف واحد) ما يسمّى “الرسوم الجمركية المتبادلة”، ما يُشكّل انتهاكاً شديداً لقواعد منظّمة التجارة العالمية، ويضّر المصالح المشروعة للأطراف المعنية (حتى بالنظام التجاري متعدّد الأطراف القائم على القواعد) ضرراً شديداً.
ستؤثر “الرسوم الجمركية المتبادلة”، التي تفرضها الولايات المتحدة، في التشغيل المستقرّ للاقتصاد العالمي. وفقاً للتقديرات الأولية لمنظّمة التجارة العالمية، قد تؤدّي الإجراءات الجمركية التي أطلقتها الولايات المتحدة منذ بداية العام الجاري (2025) إلى انكماش حجم التجارة السلعية العالمية بنحو 1% في عام 2025، بانخفاضٍ يقارب أربع نقاط مئوية عن التوقعات السابقة. وستقوّض “الرسوم الجمركية المتبادلة” استقرار سلسلة الصناعة والإمداد العالمية، وستؤثّر في آفاق تنمية العولمة الاقتصادية، وستضرب بشدّة دورة الاقتصاد العالمي، وحتى قد تثير أزمةً ماليةً واقتصاديةً عالمية.
بهذه الرسوم، ستضرّ بالولايات المتحدة نفسها في نهاية المطاف، وقد عبّر الاتحاد الأوروبي وكندا، وغيرهما من الاقتصادات، عن الاستعداد لإصدار التدابير المضادّة للولايات المتحدة. ووفقاً للتوقّعات من مختبر الميزانية بجامعة ييل الأميركية، إذا اتخذت الدول الأخرى الإجراءات الانتقامية، فسيرتفع الإنفاق الاستهلاكي الفردي في الولايات المتحدة بنسبة 2.1%، وسينخفض معدّل نمو إجمالي الناتج المحلّي الحقيقي بنسبة 1%. حالياً، تنخفض ثقة المستهلكين الأميركيين باستمرار، وستزيد “الرسوم الجمركية المتبادلة” من إنفاق السلع المنزلية على نحو متزايد، ما سيُثقل كاهل العائلات الأميركية، وإنها سترفع أيضاً تكاليف التصنيع، وتضعف القدرة التنافسية للشركات الأميركية، حتى تدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود.
لا رابح في الحروب التجارية، ولا مخرج للحمائية. إن الجانب الأميركي يفرض الرسوم الجمركية تحت شعار “التبادل”، هذه هي ممارسة التنمّر أحادي الجانب التي ستضرّه وتضر الآخرين، وتعارض الصين ذلك بشكل قاطع، وستتّخذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على مصالحها الذاتية المشروعة بحزم.
نحثّ الجانب الأميركي على تصحيح ممارساته الخاطئة، والتفاوض مع مختلف الدول، بما فيها الصين، لتسوية الخلافات التجارية بأسلوب المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة.

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...