محمد بن زايد وترامب… رؤية إماراتية متجددة لشراكة تتجاوز الجغرافيا

إيطاليا تلغراف

 

 

 

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم بايطاليا

 

في لحظة تعكس ثقة استراتيجية متبادلة ورؤية سياسية بعيدة المدى، استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في زيارة دولة حافلة بالدلالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

ورغم أن ترامب لم يعد في سدة الحكم، فإن استقبال الإمارات له بهذه الحفاوة يُعَد رسالة واضحة حول منهجها المتوازن والمستقل في العلاقات الدولية، ومكانتها كجسر دبلوماسي بين القوى العالمية، بعيدًا عن الاصطفافات الظرفية.

شهد اللقاء استعراضًا شاملاً لمسار العلاقات الإماراتية – الأميركية، التي ظلت على مدى عقود حجر أساس في هندسة الاستقرار الإقليمي، حيث تبادل الجانبان الرؤى حول سُبل تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والطاقة، والدفاع.

وكان أبرز ما نُوقش هو إطلاق مشروع مشترك لإنشاء مركز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 جيجاوات، ما يعكس انتقال الشراكة من مجرد تعاون أمني – اقتصادي إلى تحالف معرفي – تكنولوجي يستشرف مستقبل البشرية.

لم تخلُ المباحثات من التركيز على الأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط، خاصة في قطاع غزة، حيث أكد سمو الشيخ محمد بن زايد ضرورة الدفع باتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار، وفتح أفق سياسي يقوم على حل الدولتين، باعتباره الضمانة الوحيدة لتحقيق سلام عادل ومستدام.

هذا الموقف يعكس نهج الإمارات الثابت في جعل الاستقرار ركيزة لأي تحرك دبلوماسي، وهو ما تحترمه العديد من العواصم الغربية التي باتت ترى في أبوظبي شريكًا موثوقًا ومتزنًا في إدارة ملفات المنطقة.

زيارة ترامب، وإن كانت رمزية للبعض، إلا أنها تُظهر كيف تنجح الإمارات في تحويل الرمزية إلى تأثير، من خلال استثمارها في العلاقات طويلة الأمد، وتثبيت مكانتها كفاعل إقليمي لديه من القدرة ما يكفي للتواصل مع أطياف متعددة من صناع القرار الأميركي، سواء في موقع المسؤولية أو خارجه.

ومن خلال هذا الانفتاح على مختلف الأقطاب، تؤكد الإمارات أنها لا تدير علاقاتها بمنطق اللحظة، بل وفق استراتيجيات مدروسة تُراكم الثقة وتوسّع مساحات الشراكة.

ما بين مراسم الاستقبال الرسمية ومأدبة العشاء التكريمية التي أقامها سمو رئيس الدولة، وما بين الاجتماعات والبيانات المشتركة، اتضح أن أبوظبي لا تستقبل الزوار فحسب، بل تستثمر في بناء جسور لمستقبل مشترك عنوانه: التقدم، الذكاء، والازدهار للجميع.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...