الرعاية التفضيلية للضعفاء

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

الدكتور أحمد الريسوني

 

 

الإسلام جاء بالعدل، وفوق العدل جاء بالإحسان، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90].

والعدل والإحسان يدخلان في كافة المجالات، من العبادات والمعاملات، والأقوال والأفعال.

فمن العدل أن نردَّ التحية بمثلها،

ومن الإحسان أن نردها بأحسن منها.

ومن العدل: إعطاء ذي الحق حقه دون مماطلة.

ومن الإحسان: أن يكون ذلك بلطف وأدب.

ومن العدل: أن يسترد الدائن دينه كاملا، وفي أجله المتفق عليه.

ومن الإحسان: إمهاله المدينَ ومدُّ أجله، إلى أن يجتاز ضائقته.

ومن الإحسان أكثر: مسامحتُه في ذلك الدين وإسقاطه عنه.. قال الله تعالى يخاطب الدائنين: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسرةٍ وَأَنْ تَصدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 279، 280].

ومن العدل: أن يكون للضعيف من الحقوق والفرص مثلُ ما للقوي، وللفقير مثلُ ما للغني، وأن يُفرض على القوي والغني، من التحملات والواجبات، مثل ما يفرض على الضعيف والفقير.

وأما الإحسان فهو: أن يُـمنحَ الضعيفُ والفقير أكثر مما يمنحُ القوي والغني، وأن يُـحَمَّل القويُّ والغني أكثر مما يُـحمّلُ الضعيف والفقير.

ومن أنواع الإحسان في الإسلام: إيثار الضعفاء والمستضعفين، في الرعاية والحماية والتمكين من الحقوق. وهذا ما تتناوله فقرات هذه المقالة.

  • الزكاة للفقراء والمساكين

يعلم الجميع أن الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة. وهذه الفريضة العظمى إنما هي منحة خالصة تعطى للمحتاجين، بأمر الله تعالى، بدون كد منهم، ولا سعي ولا تسبب. قال العزيز الحكيم: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].

وفي الحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى أهل اليمن، وقال له: «اُدعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتُـردُّ على فقرائهم».

فالأغنياء هنا يدفعون الزكاة، وهي جزء من كدهم وخالص مالهم، بينما الفقراء مُعفَون من أداء الزكاة، ثم هم يأخذونها، دون مقابل منهم.

  • الجهاد في سبيل المستضعفين

قال الله عز وجل: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75].

وسياق الآية يشير إلى المستضعفين المسلمين، الذين لم يستطيعوا الهجرة إلى المدينة، وبقوا بمكة، تحت بطش المشركين وتنكيلهم بهم. قال الشيح محمد المكي الناصري: “فاستثار كتاب الله حمية المسلمين، لإنقاذ إخوانهم المستضعفين، الذين لم يستطيعوا الهجرة من مكة إلى المدينة بجانب بقية المهاجرين، ممن أصبحوا مغلوبين فيها على أمرهم، معرضين لسائر صنوف الأذى من طرف المشركين”[1].

ولكن “العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب”. ففي الآية حث واستنفار للمسلمين، لكي يهُبُّوا لنصرة المستضعفين المضطهدين، ولو بالقتال، لتحريرهم وتخليصهم مما أصابهم.

فهذه الآية، وأدلة أخرى ستَردُ في هذه المقالة، تفيد – بعمومها – مشروعية القتال دفاعا عن المستضعفين المظلومين، ولو كانوا غير مسلمين.

ومن صور ذلك اليوم: المشاركةُ في القوات الأممية المخصصة لحفظ السلام وحماية المستضعفين من بغي المعتدين، وفيها من باب أولى: نجدة المستضعفين من المسلمين.

  • الرعاية التفضيلية للنساء

النساء في غالب الأحوال يكنَّ مستضعفات ومغلوبات أمام الرجال، حتى لو حصلن على المساواة الدستورية والحماية القانونية. لأن مثل هذه الأمور لا تكفي فيها التشريعات ولا المحاكم. فلتعديل الكفتين، وضمان التوازن الفعلي بين الطرفين، لا بد من الاعتماد على عناصر الأخلاق والآداب والثقافة والتحضر. وإنَّ من تحضر المجتمع: أن يكون لنسائه أوضاع تفضيلية؛ تمنحهن غلبة واحتراما وإيثارا..

وفي صحيح البخاري وغيره، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: “وكنا معشرَ قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار…”.

وفي رواية أخرى، قال عمر: “كنا في الجاهلية لا نعدُّ النساء شيئا، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله، رأينا لهن بذلك علينا حقا…”.

فالإسلام أحدث ثورة حقيقية في أحوال النساء ومكانتهن[2]، في مجتمع كان لا يعد النساء شئيا، وكان من الرجولة عنده تهميشُ الأمهات، ووأدُ البنات، {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59].

        وقد حفلت السنة النبوية بكثير من التوجيهات المتضمنة لأشكال من الرعاية التفضيلية للإناث، أذكر منها:

  1. حديث الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات. وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعة المال).
  2. خصّ الإمام مسلم كتاب البر والصلة والأدب بباب سمّاه: باب الإحسان إلى البنات، وروى فيه عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو)، وضم أصابعه”. يعني: دخل الجنة مرافقا للنبي صلى الله عليه وسلم.
  3. في سنن أبي داود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له أنثى فلم يَـئدها، ولم يُهنها، ولم يؤثر ولده عليها، – يعني الذكور – أدخله الله الجنة).
  4. في مسند الإمام أحمد بن حنبل: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له أختان، فأحسن صحبتهما ما صَحِبَـتاه، دخل بهما الجنة…).
  5. في صحيح الأدب المفرد للبخاري: عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم تدركه ابنتان، فيحسن صحبتهما، إلا أدخلتاه الجنة).

قال الإمام عز الدين بن عبد السلام: “لما كان الحمقى يفرون من البنات ويكرهونهن، عظم الله ثواب من خرج عن عادة الناس في ذلك، بالصبر عليهن والإحسان إليهن”[3]

  • فئاتٌ أخرى تحظى بالرعاية الخاصة

ومنهم – عدا المساكين، المذكورين سابقا -: الأيتامُ، وأسرى الحرب من الأعداء، والأرقاء، والأرامل.

قال الله تعالى:

  • {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 8، 9]
  • {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 11 – 16]

وللأطفال اليتامى في الإسلام وفي المجتمع الإسلامي، عنايةٌ فائقة، مادية ومعنوية، تنطق بها عشرات النصوص من القرآن والسنة.

  • الرفق بالضعفاء أمام القضاء

من المواقف الصعبة عند الناس: وقوفهم بين يدي القاضي، أو القضاة. وتكون صعوبة الموقف – أكثر ما تكون – على الضعفاء من المتقاضين. وقد يؤدي ذلك إلى ارتباكهم واضطراب أقوالهم وضعف حججهم.. ونحن نعلم اليوم ما يحاط به مقام القضاء والقضاة، من مظاهر وترتيبات تعظيمية مفزعة لعموم الحاضرين، ويشتد فزعها خاصة على المستضعفين..

وقد أوصى رسول الله وخلفاؤه الراشدون بما يحفظ كرامة المتقاضين الضعفاء، ويبعث في نفوسهم الثقة والطمأنينة..[4]

وفي (معرفة السنن والآثار) للبغوي: عن عبد الله بن عبد العزيز العمري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا: أنه لما استعمل عليا رضي الله عنه على اليمن قال له: (قدّم الوضيع قبل الشريف، وقدم الضعيف قبل القوي).

وقال الخليفة عمر بن الخطاب في كتابه الشهير، الذي بعثه إلى قاضيه أبي موسى الأشعري: “آس بين الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك”.

وفي نص جامع، قال الفقيه القاضي برهان الدين بن فرحون:

“إذا حضر الخصمان بين يديه [أي القاضي] فليسوّ بينهما في النظر إليهما، والتكلم معهما ما لم يتعدَّ أحدهما، فلا بأس أن يسوء نظره إليه، تأديبا له، ويرفع صوته عاليا، لما صدر منه من اللدد ونحو ذلك. وهذا إذا علم الله تعالى منه أنه لو كان ذلك من صاحبه فعل به مثل ذلك. ويحضهما عند ابتداء المحاكمة على التؤدة والوقار، ويُسَكّن جأش المضطرب منهما، ويؤمّن روع الخائف والحصر في الكلام، حتى يذهب عنه ذلك. وليقعدهما بين يديه، ضعيفين كانا أو قويين، أو ضعيفا مع قوي. ولا يُقرّب أحدهما إليه، ولا يُـقْبل عليه دون خصمه. ولا يميل إلى أحدهما بالسلام فيخصه به، ولا بالترحيب، ولا يرفع مجلسه، ولا يسأل أحدهما عن حاله ولا عن خبره، ولا عن شيء من أمورهما في مجلسهما ذلك. ولا يساررُهما جميعا ولا أحدهما، فإن ذلك يجرئهما عليه، ويُطمعهما فيه. وما جر إلى التهاون بحدود الله تعالى فممنوع”[5].

  • النموذج الأمثل هو الرسول الأعظم

رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأنموذج المرجعي: في فهم الشريعة وتطبيقها؛ لعامة المسلمين، ولعلمائهم وأمرائهم، لأغنيائهم وفقرائهم، لشيوخهم وشُبّانهم..

 وفيما يلي قبسات من سيرته ومواقفه العملية، في تقديم الرعاية التفضيلية للضعفاء.

  1. في الصحيحين، من حديث عائشة رضي الله عنها، في قصة بدء الوحي: (…فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال: «زملوني زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لخديجة: «أي خديجة، ما لي؟» وأخبرها الخبر، قال: «لقد خشيت على نفسي»، قالت له خديجة: كلا أبشر، فوالله، لا يخزيك الله أبدا؛ والله، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).

فقد كان منذ ما قبل البعثة:

  • يحمل الكَلّ: وهو الضعيف العاجز،
  • ويكسب المعدوم: وهو من لا شيء له، فيساعده ويمده،
  • ويعين على نوائب الحق: بمناصرة أهل القضايا العادلة.، المعرضين للظلم والهضم.

وخديجة رضي الله عنها تذكر هذه المبادئ والأخلاق باعتبارها صفات معروفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل بعثته. ثم تعززت وترسخت لديه بعد البعثة.

  1. ومن الوقائع الدالة على ما ذكرته السيدة خديجة:

حضور النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن عشرين عاما، مع أشراف قريش وسادتها، ومشاركتُه لهم في تأسيس واحدة من أقدم الهيئات الحقوقية المدنية في التاريخ، وهي التي سميت (حلف الفضول)، وخُصصت لمناصرة المظلومين ومناهضة الظالمين، وتمكين أصحاب الحقوق من حقوقهم السليبة.

ففي سيرة ابن هشام: (تداعت قبائل قريش إلى حلف؛ فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان.. لشرفه وسنه، فكان حلفهم عنده: بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما، من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس، إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه، حتى ترد عليه مظلمته. فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول).

ولئن كانت مشاركة الفتى محمد بن عبد الله في الجمع التأسيسي لحلف الفضول حدثا عظيم الدلالة، فإن ما هو أعظم دلالة وأكثر أهمية: إقراره صلى الله عليه وسلم لهذا الحلف وترحيبُه به، بعد بعثته نبيا ورسولا للعالمين، إلى يوم الدين، أي: لقد تم دمج هذا الحلف في رحاب الإسلام ورحابته، مما يجعله جزءا من السنة النبوية ومن الشريعة الإسلامية.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت). وفي رواية أخرى: (وايْـمُ الله لو دعيتُ له اليوم لأجبت).

  1. ومن مظاهر العناية النبوية التفضيلية للضعفاء: ما رواه الحاكم في مستدركه، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويُـقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يستنكف أن يمشي مع العبد والأرملة، حتى يفرغ لهم من حاجتهم».

ومثله في صحيح البخاري: «إنْ كانت الأَمَة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت».

  • خلاصة ختامية

فكرة هذه المقالة قديمة جدا في ذهني، وكان مصدري الأول لها هو ما جاء في الكلمة الجليلة، التي ألقاها الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، عند مبايعته وتنصيبه خليفة للمسلمين، حيث قال: “أما بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة، والكذب خيانة. والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله…”.

فالضعيف صاحب الحق، يصبح أقوى من القوي المعتدي؛ لأن معه الخليفة، ومعه القضاء النزيه.. ومعه مناصرون فضلاء من المجتمع أيضا.

وبصفة عامة: يعتبر الضعف والفقر خللا وحالة مَرضية يجب علاجها. فمن هنا جاءت الرعاية التفضيلية للضعفاء والفقراء.

وجوهر الفكرة هو: أن الضعيف حين يتَلبَّسَ بحالة ضعف ونقص في قدراته، يجب منحُه ما يعوض ضعفه ويسد نقصه. وبذلك يتحقق له العدل والمساواة والطمأنينة، ويتحقق التوازن والأمان لعموم أفراد المجتمع.  وهذه عملية علاجية، يجب أن تكون متكررة، بمقدار ما تتكرر الاختلالات في المجتمع.

ولكن المشكلة المستعصية هي: حين تصبح الدولة، أو بعض هيئاتها وولاتها، في حالة ميل وتحيز، لفائدة الأقوياء، أو حين يصبح هؤلاء وأولئك {بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ}. حينئذ تتضاعف مسؤوليات المجتمع وطلائعه المدنية؛ من أهل العلم والدعوة والتربية والإصلاح والعمل الخيري، ونحوهم.. {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 19].

[1]   التيسير في أحاديث التفسير 1/358

[2] أجود ما رأيت في هذا الموضوع: كتاب المرحوم الأستاذ عبد الحليم أبو شقة (تحرير المرأة في عصر الرسالة). وقد تناولتُ جوانب من الموضوع في كتابي (التمييز البناء بين الرجال والنساء)

[3] شجرة المعارف والأحوال ص

[4] كثر الحديث مؤخرا عن فقدان الثقة واتساع الفجوة، بين الجمهور والمؤسسات الرسمية؟

[5] تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام 1/ 46

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...