الحكومة الإيطالية على حافة الأزمة هل تدق ساعة الصفر هذا المساء؟

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

بقلم: أحمد براو

كالابريا-إيطاليا

 

تقف إيطاليا على أعتاب أزمة سياسية حادة قد تقود إلى انتخابات عامة مبكرة إذا لم يتمكن الإئتلاف الحاكم -المكون من حركة خمسة نجوم والحزب الديمقراطي وأحزاب يسارية صغيرة، وحزب رئيس الوزراء السابق ماثيو رينزي الذي انشق عن الحزب الديمقراطي وأسس حزب جديد أسماه Italia Viva (إيطاليا فيفا “نشطة”)- إذا لم يتمكن من إيجاد صيغة توافقية لإحداث تغيير وزاري يطالب فيه السيناتور رينزي ببعض الحقائب المؤثرة في تسيير خطة الإنعاش الإقتصادي لما تثير من إسالة لعاب جل السياسيين بسبب ضخامة ميزانية التعافي “ريكوفيري فوند”: صندوق الإنعاش 390 مليار أورو منحة، وMes” آلية الإستقرار الأوروبية” 360 مليار أورو قرض؛ المجموع 750 مليار أورو.

للتذكير فحزب رينزي كانت له الكلمة الفاصلة والقوة البرلمانية التي أدت إلى سقوط الحكومة السابقة وخروج رابطة الشمال اليمينية المتطرفة بقيادة سالفيني المثير للجدل، ورغم أن الحكومة الحالية تمكنت وبصعوبة بالغة من تسيير خطة بنّاءة لمواجهة أزمة كورونا الحادة، وخصوصا عندما استطاعت أن تحصل على مكاسب استثنائية في المفاوضات مع الإتحاد الأوروبي جعلها تحصل على أضخم مساعدات على الإطلاق من دول الإتحاد من أجل الإنعاش الإقتصادي والتعافي السريع من مخلفات جائحة كورونا والتي تعتبر إيطاليا أكبر دولة عرفت إصابات ووفيات. ويحسب للرئيس الحالي جوزيبي كونتي نجاح قوي في هذه المفاوضات التي أدت إلى زيادة كبيرة في نسبة المؤيدين لبقاء الحكومة ولرئيسها، وكذلك أصبح السياسي الأكثر شعبية في إيطاليا، فيما بقى السيناتور رينزي رغم دعمه ومشاركة بعض وزراءه في هذه الحكومة يتربص ببعض الأخطاء ويستفز بها الإئتلاف الحالي وهو ما دفع حزب برلسكوني لعدم إخفاء دعمه للحكومة رغم أن حزبه فورسا إيطاليا محسوبا عن اليمين الليبرالي ويعتبر أحد ألد أعداء حركة الخمس نجوم المهيمن على الإئتلاف الحكومي.

بعد شد وجذب وسياسة ماكرة ومستفزة من حزب رينزي الذي أَوعز لوزيرتين من حزبه على تقديم الإستقالة وهما وزيرة الفلاحة بيلّانوفا ووزيرة الأسرة بونيتّي منذ أكثر من شهر يهددان بالإستقالة من أجل الضغط على كونتي لإعطاء ماثيو رينزي وإيلينا بوسكي حقيبتا وزارتي الدفاع والعمل، ومتمسكين بفكرة عدم نجاعة سياسة كونتي حول كيفية صرف الميزانية الخاصة بخطة الإنعاش، وكذلك ذريعة قبوله لآلية الإستقرار الأوروبية Mes التي كانت سببا في انهيار الإقتصاد اليوناني بانتهاجه لسياسة التقشف الإقتصادي المفروض من الإتحاد الأوروبي.

وبعد غمز وتدخل رئيس الجمهورية السيد ماتّاريللا بضرورة تلطيف الأجواء في هذه الظروف الصعبة التي تعرف توزيع اللقاحات والإغلاقات المتكررة بحسب المناطق والجهات، وجعل الصالح العام محل المصالح السياسية الضيقة وصعوبة المرحلة فيما يخص الظرف الإستثنائي لعملية التعافي من مخلفات الجائحة، وبعد مفاوضات مارطونية مع حزب رينزي استطاع كونتي أن يحصل على الموافقة البرلمانية للخطة التقنية لصندوق الإنتعاش.

التدخل لم يكن فقط من رئيس الجمهورية بل أيضا من سكرتير الحزب الديمقراطي الذي يعتبر العصب الأقوى مع حركة خمس نجوم في الإئتلاف الحكومي السيد نيكولا زينغاريتي بإحداث محاولة لرأب الصدع بين إيطاليا فيفا وبقية الأغلبية.
ويمكن أن تبدأ الأزمة رسميا هذا المساء في الساعة 9:30 عندما يعقد مجلس الوزراء سيوافق على خطة التعافي، بعدما تمت مراجعتها وتعديلها وفقا لرغبات إيطاليا فيفا وإرسالها إلى أحزاب الأغلبية الليلة الفارطة وبعد تذمر من الرينزيين طوال فترة يوم أمس على تأخير وصول النص النهائي. وبمجرد الموافقة عليه وإعطائه الضوء الأخضر سيتم إرساله مجددا البرلمان وللشركاء الإحتماعيين ومن تم للإتحاد الأوروبي في منتصف فبراير المقبل، وقد كان رينزي أعلن البارحة أنه سيوافق عليه للمحافظة على الوضع الحالي ولكنه بعد ذلك سيكون له كلمة أخرى عندما تحدى رئيس الحكومة واستدعاه للمثول أمام مجلس المستشارين للمساءلة حول موضوع ما يعرف اختزالا بالMes. آلية الإستقرار الأوروبية.

يجيب كونتي قائلا لمراسلة راي3 “علينا أن نركض ونسابق الزمن ونعمل من أجل البناء” في رد غير مباشر على رينزي الذي ضغط عليه من قبل قائلا (نحن نوافق على هذا التعافي ونباركه ولا نبحث عن الكراسي ولم يعد بإمكاني إضاعة الوقت لأنه منذ أكثر من شهر وأنا أثير هذه المشكلة ولم يكن هناك رد وإجابات مقنعة على Mes وخصوصا حول البنية التحتية و”الطريق السيّار” وإذا أراد رئيس الوزراء الإجابة أو التردد والبقاء في مكانه كما يشاء، فنحن لا نبقى في مكاننا).
يتبين أن هناك حلقة من مبارزة على حافة الأعصاب المتوثرة التي لم تفلح معها أي وساطة والتي استمرت لأكثر من شهر.
وفد تشهد هذه الليلة المقابلة الحاسمة خصوصا إذا انسحب أعضاء حزب رينزي من الحكومة وبذلك تنفتح الأزمة بشكل رسمي. واليوم كانت هناك إشارة واضحة عند إعلان إحدى الوزيرتين من إيطاليا فيفا تقديم الإستقالة بتعبير “أنا رحالة، وحقيبتي دائما جاهزة.

عند هذه النقطة ستكون إيطاليا وفية لعادتها بالأزمات الحكومية المتتالية والتي تعتبر هي الأصل فيما الإستقرار الحكومي هو الإستثناء. ماذا يعني ذلك؟ في أحسن الأحوال سيتم السيطرة عليها وإلا سيضطر رئيس الوزراء الذهاب لمبنى رئاسة الجمهورية “الكوللي” لتقديم الإستقالة لسيرجيو ماتاريللا، والذي بدوره بعد جولة من المشاورات بأسرع ما يمكن في غضون عشرة أيام سيرى إذا ما أدت إلى ولادة حكومة كونتي3 مع نوع من التعديل الوزاري واستبدال بعض الوزراء.
الفرضية الأخرى تتمثل في قبول التحدي من قبل كونتي أي الإمتثال للبرلمان لكسب الثقة في الحكومة الحالية، دون الإستقالة لكن البحث عن إلصاق التهمة برينزي لن يعطي النتائج المرجوة بحيث أن الأرقام في مجلس المستشارين بدون أعضاء إيطاليا فيفا لن تكون كافية لدعمه.

فيما وصف لويجي دي مايو وزير الخارجية وزعيم حركة الخمس نجوم، عند عودنه للتو من زيارة للأردن وللمملكة العربية السعودية بأن افتعال هذه الأزمة المحتملة “لا يمكن تفسيره” وغير مثير للإهتمام لا من جانب الإيطاليين ولا من الخارج”،” ليس فقط لأننا في خضم وباء وعلينا إصدار المرسومات ولكن أيضا لأن هذه السنة هي التي ستترأس فيه إيطاليا مجموعة العشرين وكذلك ستحتضن بلادنا مؤتمر الصحة العالمي” مضيفا أنه مازالت هناك سويعات للتوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...