الرباط – ساهم شطب المغرب من قائمة الملاذات الضريبية في تعزيز ثقة أسواق الدين الدولية في تعزيز الخطط الإصلاحية للبلاد التي تنتظر الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
وتمكّن البلد من جمع نحو 2.5 مليار دولار من إصدار سندات في السوق المالية الدولية، عقب خروجه مباشرة من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (غافي) إثر قيامه بتسريع وتيرة الإصلاحات التشريعية والتنظيمية في الأشهر الماضية.
وتعد “فاتف” هيئة مراقبة دولية للجرائم المالية تدعم مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال وضع معايير عالمية والتحقق من مدى التزام الدول بها.
واعتبرت الحكومة أن قرار مجموعة “غافي” الجمعة الماضي رفع اسم المغرب من قائمة البلدان الخاضعة لتدقيق خاص، سيدعم موقفه في محادثاتها مع المؤسسات المالية الدولية.
وصنفت مجموعة العمل المالي المغرب في فبراير 2021 من بين الدول التي تعاني منظومتها في هذا الميدان من نواقص إستراتيجية بعد أن خضع البلد لمراقبة مشددة منذ شهر أبريل 2019.
عبداللطيف الجواهري: الجهود إيجابية لتحسين مناخ الأعمال لكنها دون المطلوب في مجال مكافحة غسيل الأموال
وسبق لعبداللطيف الجواهري محافظ البنك المركزي المغربي أن أكد أن الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة بغية تحسين مناخ الأعمال قد مكّنت من إحراز تقدم ملموس، لكنها في مجال مكافحة غسيل الأموال لم ترتق إلى المستوى المطلوب.
والاقتراض الجديد مُقسم إلى شريحتين، الأول بحوالي 1.25 مليار دولار بأجل استحقاق خمس سنوات وبعائد 6.22 في المئة، والثاني بالمبلغ نفسه بأجل استحقاق لمدة عشر سنوات وبعائد 6.6 في المئة.
وكانت آخر مرة أصدر فيها المغرب سندات اقتراض دولية في ديسمبر 2020، عندما جمع ثلاثة مليارات دولار، ومنذ ذلك الحين لم يقارب أسواق رأس المال الدولية.
وحقق الإصدار الجديد، الذي أُغلق مساء الأربعاء الماضي، إقبالا كبيرا من قبل المستثمرين الدوليين الذين قدموا عروضا بحوالي 11 مليار دولار متجاوزةً بذلك قيمة الإصدار بأكثر من أربع مرات.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، التي قامت بجولة ترويجية للسندات شملت بوسطن ونيويورك ولندن، قوله إن الإصدار هو جزء من إستراتيجية تنويع مصادر تمويل الخزينة وفق مقتضيات ميزانية هذا العام”.
وأوضحت أن “الإقبال الذي شهده الإصدار يعكس ثقة المستثمرين بصمود الاقتصاد المغربي في ظل الأزمة”، لاسيما أن الخروج إلى السوق الدولية للاستدانة “جاء في ظروف متقلبة وصعبة بالنسبة إلى الأسواق المالية”.
وواكب المغرب في عملية الخروج إلى أسواق الدين الدولية كل من بنوك بي.أن.بي باربيا الفرنسي ودويتشه بنك الألماني وسيتي غروب وجي.بي مورغان الأميركيان.
ومن المتوقع أن يفتح هذا الإصدار الباب أمام الحكومة المغربية للحصول على خط ائتماني من صندوق النقد لتمويل الميزانية والمضيّ في إتمام الإصلاحات.
ويُرتقب أن يبدأ المغرب في مارس الجاري مفاوضات حاسمة مع صندوق للحصول على خط ائتماني، دون نية سحب الأموال بشكل فوري، بحسب تصريح سابق لمحافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري.
وكان البلد قد استفاد من خط “الوقاية والسيولة” من صندوق النقد في عام 2012، الذي استعمله في العام 2020 لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، حيث تمكّن من الحصول على ثلاثة مليارات دولار.
وتسمح ميزانية الحكومة لعام 2023 باللجوء إلى الاقتراض من السوق المحلية بواقع 69 مليار درهم (6.7 مليار دولار) بزيادة تقدر بنحو 5.6 في المئة عن مستويات العام الماضي.
من المتوقع أن يفتح هذا الإصدار الباب أمام الحكومة المغربية للحصول على خط ائتماني من صندوق النقد لتمويل الميزانية
أما بالنسبة إلى الاقتراض من الخارج فيتوقع أن يقفز بحوالي الضعف، حيث تنوي الحكومة جمع حوالي 60 مليار درهم (5.7 مليار دولار).
وصنّف البنك الدولي في تقرير “ديون الدول”، الذي أصدره في منتصف ديسمبر الماضي المغرب ضمن الدول العشر الأوائل المثقلة بالديون في قارة أفريقيا.
وبحسب التقرير فقد تخطى الدين الخارجي للمغرب نحو 65.41 مليار دولار بنهاية في 2021، في حين كانت قيمة الدين الخارجي تناهز 65.71 مليار دولار في 2020، كما جاءت في حدود 54.4 مليار دولار في العام الذي سبق تفشي الوباء.
وتراجع عجز الميزانية السابقة ليصل إلى 5.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنحو 5.5 في المئة على أساس سنوي، حسب بيانات وزارة الاقتصاد والمالية، حيث بلغ 6.8 مليار دولار، بانخفاض 1.1 في المئة عن المحقق في العام ما قبل الماضي.
ويواجه المغرب تحدياً كبيراً يتمثل في ارتفاع التضخم الذي سجل العام الماضي 6.6 في المئة، فيما قفز في يناير الماضي إلى 8.9 في المئة على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى منذ عام 1991 مدفوعاً بزيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية.