دبي – شكلت أعمال منتدى الاستثمار الإماراتي – الصيني، والذي عقد مؤخرا في إمارة دبي، فرصة أخرى أمام مسؤولي البلدين للتباحث بشأن فتح نوافذ اقتصادية جديدة تدعم الروابط الاستثمارية والتجارية في العديد من القطاعات.
ويتطلع البلدان، اللذان وطدا علاقاتهما الاقتصادية طيلة أكثر من عقد من الزمن، إلى تعزيز فرص الاستثمار المشترك في مجالات التجارة والنقل اللوجستي والعقارات والخدمات المالية والتكنولوجيا والأنشطة التأمينية.
وتعمل الإمارات ضمن إستراتيجية متكاملة للتنويع في كافة المجالات، الأمر الذي يراه خبراء خطوة استباقية حصنت الدولة بها نفسها من ارتدادات تقلص عوائد النفط في فترة من الفترات، لكنها اليوم تدرك تماما مدى تأثير خططها على الاقتصاد مستقبلا.
وفي المقابل تسعى الصين بشكل متزايد إلى استغلال الفرص ليس في الإمارات فقط وإنما في باقي دول الخليج وبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضا، إذ يعمل العملاق الاقتصادي الآسيوي على التوسع في الخارج لتحقيق طموح إعادة بناء طرق تجارة الحرير.
الطرفان يتطلعان لتوسيع فرص الاستثمار المشترك في التجارة والنقل اللوجستي والعقارات والخدمات المالية والتكنولوجيا والتأمين
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية الأحد أن وكيل وزارة الاقتصاد عبدالله أحمد آل صالح أجرى مباحثات مع تشان تشون جيانغ مساعد وزير التجارة لشؤون الاستثمار في الصين، من أجل التمهيد ربما لعقد شراكات أوسع خلال الفترة المقبلة.
ونقلت الوكالة عن آل صالح قوله إن البلدين “تجمعهما علاقات تاريخية قائمة على الشراكة الإستراتيجية والتعاون المثمر”.
وأضافت “شهدت هذه العلاقات تطوراً كبيراً على مدار العقود الأربعة الماضية في المجالات كافة لاسيما الاقتصادية والتجارية، بما يخدم التوجهات التنموية للبلدين ويدعم نمو واستدامة اقتصاديهما”.
وأوضح أن الاستثمارات المتبادلة تشهد نموا مستمرا في مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية ومن أبرزها العقارات والنقل والتخزين والتأمين والتكنولوجيا.
وتتبنى الإمارات سياسات اقتصادية لتمكين وتنافسية مناخ الأعمال ونقله إلى آفاق جديدة، مع توفير الحوافز الداعمة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والتوسع في سوقها المحلية.
كما قامت بتعديل قانون الشركات التجارية والذي سمح بالتملك الأجنبي بنسبة كاملة ودعم زيادة انتقال الأيدي العاملة وتحديث أنظمة الإقامة في البلد الخليجي.
ويقول خبراء إن الإمارات، التي تنافس جيرانها في جذب استثمارات ذات قيمة مضافة، إحدى أهم الوجهات المفضلة للصينيين في المنطقة بسبب المراكز السياحية الحديثة المتطورة والمناطق التاريخية التي تتمتع بها مع وجود أكثر من 75 رحلة طيران أسبوعيا بين البلدين.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن قيمة التجارة البينية غير النفطية بين البلدين بلغت أكثر من 72 مليار دولار في العام الماضي، محققة نموا بنسبة 18 في المئة مقارنةً بنحو 61 مليار دولار في العام السابق.
وتعتبر الصين مصدرا لنحو 27 في المئة من إجمالي واردات الإمارات من دول قارة آسيا. كما أنها تأتي في المرتبة 11 على مستوى العالم في استقبال الصادرات غير النفطية وكذلك في سلع إعادة التصدير من الإمارات.
والإمارات ضمن قائمة أهم 25 دولة في استقطاب الصادرات الصينية والأولى عربيا حيث تستحوذ على 29 في المئة من إجمالي الصادرات الصينية للدول العربية.
كما يعد البلد الخليجي الشريك التجاري الأهم عربيا للصين، حيث يستحوذ على 26 في المئة من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين بكين والدول العربية.
وتستحوذ الإمارات التي تحتضن أكثر من أربعة آلاف شركة صينية، على 36 في المئة من صادرات الصين من سلع التكنولوجيا المتقدمة للدول العربية وتأتي عالمياً ضمن قائمة أهم 20 دولة.
الإمارات، التي تنافس جيرانها في جذب استثمارات ذات قيمة مضافة، إحدى أهم الوجهات المفضلة للصينيين في المنطقة بسبب المراكز السياحية الحديثة المتطورة
ولكن الحافز القوي الذي يشجع الإماراتيين على دفع علاقتهم مع الصينيين إلى مرحلة الشراكة هو التغيرات الاقتصادية الكبيرة التي تتعرض لها الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي وأكبر مستورد للنفط رغم تأثيرات أزمة جائحة كورونا التي أثرت على هذا البلد.
وأطلق البلدان في عام 2015 صندوق الاستثمار الإستراتيجي المشترك بقيمة عشرة مليارات دولار لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وذلك خلال زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى بكين عندما كان وليا للعهد في ذلك الوقت.
وتتولى إدارة الصندوق شركة مبادلة وشركة تابعة للبنك الصيني للتنمية، ويهدف إطلاق الصندوق، الذي سيموله البلدان مناصفة، إلى تشكيل محفظة متوازنة تضم استثمارات تجارية متنوعة وتغطي طيفا من قطاعات النمو.
وقال آل صالح إن “الاستثمارات المتبادلة بين البلدين نمت لتصل إلى 44 مليار درهم (12 مليار دولار) حتى مطلع عام 2021”.
ومنذ عام 2010 وقعت الإمارات أكثر من 60 اتفاقية مع الصين، أبرزها اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني التي تأسست بموجبها اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
كما أبرمت اتفاقيات حماية الاستثمار وتجنب الازدواج الضريبي وشراكات في مجال الطاقة والتكنولوجيا، وغيرها من الاتفاقيات التي كان لها الأثر الكبير في تعزيز وتطوير علاقات التعاون الثنائي في المجالات المختلفة.