الروايات الخاصة أو الفردية لتجربة حزب العدالة والتنمية… متى ننتج قراءة جامعة بطريقة علمية ؟؟؟
ذ.محمد يتيم
أثارت التصريحات التي أدلى بها الأستاذ مصطفى الرميد في الحوار الذي أجراه معه موقع “صوت المغرب” مؤخرا تفاعلا كبيرا داخل اوساط حزب العدالة والتنمية وخارجها بين مرحب ومنتقد ومتفائل في جدواها وفتئد ومقاصد صاحبها …
وفي تقديري فإن تلك التصريحات مثلها مثل غيرها من الروايات التي صدرت وقد تصدر من قيادات عاشت تجربة الحركية الإسلامية في جانبها الدعوي والسياسي والحزبي والحكومي من مواقح وأقدار مختلفة ، والتي تصدر عنها مواقف وتقييمات لتجربة الحركة الاسلامية عموما وتجربتها السياسية والحزبية .خصوصا .تطرح عدا من الأسئلة والتقييمات المختلفة سواء،من داخل الحزب ومحيطه الحركي والدعوي أو من خارج هذا المحيط …
في تصريحات الرميد كما في تصريحات غيره مثل الاستاذ. ،بن كيران – وقراءتهما لتجربة الحركة الإسلامية وعلى الاقل للمكون الذي ينسب إليه الرميد وبن كيران’، كثير من المعطيات والتوضيحات يعتبرها بعض المراقبين والمحللين الخارجيين أمرا إيجابيا لأنها تقدم مادة تاريخية من قبل مشاركين ومساهمين في صناعة تلك التجربة …
وفي نظري يمكن النظر إليها كمادة تاريخية ومادة لبناء لإعادة بناء وفهم وقائع تاريخية … لكن لا تستطيع أي واحدة منها أن تدعي أنها تقدم حقائق تاريخية … لأن التاريخ علم من العلوم الذي يسعى لإعادة بناء المادة التاريخية من خلال عدة مناهج منها التأكد من صحة الروايات من جهة من صحة السند ومنهج الجرح والتعديل للرواة ‘ ومن جهة المتن حيث يسعى لفحص لففحص المادة التاريخية من خلال عدة مناهج وقواعد منها مثلا علم قواعد العمران بلغة ابن خلدون … بغاية تخليصها من التقييمات والقراءات الفردية الذاتية التي لا تنفك عن تقدبر البشر ورؤيتها للأحداث .. وهو ما جعل ابن خلدون رواية المسعودي في أعدا. من خرج مع النبي موسى عليه السلام !!
بطبيعة الحال تبقى الروايات والقرارءت الفردية مادة مهمة وأساسية … لأنها قد تمثل زوايا من النظر قد لا تكون بالضرورة متعارضة بل قد تكون متكاملة لكنها تبقى غير كافية… لسبب بسيط .. وهو ما يعرف لدى علماء النفس بظاهرة ” الإدراك الانتقائي ” والاسترجاع الانتقائي للمعيش التاريخي ..
لذلك يأتي عمل المؤرخ واستخدام مناهج البحث التاريخي لغربلة الروايات والتأكد من وصفها للوقائع كما هي في حقيقتها وليس غريبا أن يأمر القرآن الكريم في الشهادة بشاهدين عدلين في عدد مز الحالات ” واستشهدا شهدين من رجالكم ” .. ورحل وامرأتان من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى”. علما أن بعض العلماء قد ،ذهبوا إلى أن شهادة امرأتين مرتبطة بالقضايا التي يغلب أن النساء لا يحضرنها عكس القضايا التي يغلب أنهن الأكثر حضورا لها مثل قضايا الرضاع وغيرها من القضايا التي لا يشهدها الا النساء او أنهن أكثر شهود لها!!
وليس مستغربا أن يعتمد الفقه الإسلامي أيضا شهادة اللفيف كما أن فكرة أو هيئة المحللين في النظام القانوني الانكلوساسوني والعديد من دول التاج البريطاني، ومنها كندا وأستراليا وبلدان أخرى ، تتجه إلى البناء الجماعي للحقيقة من خلال الاستماع لشهادات وروايات متعددة . ” وهو نظام قضائي يقوم على. محاكمة “استشارة المواطنين غير المتخصصين عبر جعلهم جزءًا من نظام العدالة؛ وذلك بتمثيلهم في هيئات الاتهام أو المحاكمة أو كليهما،” واضطلعت “هيئات المحلفين” -باعتبارهم ممثلين للشعب- دورا في نظام العدالة منذ استقلال الولايات المتحدة (في 4 يوليو/تموز 1776م)، حيث يحال المتهم لمجموعة تمثيلية تختار وفق اشتراطات بسيطة من سكان المدينة، ويفترض أن تمثل الضمير العام وتصوت -بعد النظر لتفاصيل القضية- دون اللجوء للمواد القانونية التي يلجأ إليها القضاة.”
وعلى الرغم من أن الامر هنا يتعلق بنظام قانوني قضائي يسعى الى تحيق أكبر قدر من العدالة من خلال بناء،سليم للحقيقة القضائية .فإن الحقيقة التارخية لا تقل خطورة وتعقيدا
ومن هنا أهمية ” علم التاريخ ” والمناهج التي يعتمدها سواء على مستوى فحص الرواية نفسها من حيث صحتها أو من حيث مطابقتها لقوانين العمرات وقوانين العقل ومعايير إعادة بناء الحدث التاريخي بأكبر قدر من الموضوعية والتجرد وفي الاخير أعيد الاشارة الى أنني كنت قد اطلقت مبادرة تقدمت للجنة السياسية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ، دعوت فيها إلى وضع آلية علمية ومنهجية لإنتاج رواية موضوعية لعدد من الوقائع التي كان حزبه طرفا فيها، ومننها نتائج الانتخابات التشريعية والجماعية للثامن من شتنبر 2021 من أجل « فهم ما جرى ».
وعبرت عن أملي في أن تتحول من مبادرته الشخصية إلى مبادرة جماعية مؤسساتية، وإلى برنامج عمل …
ودون شك فإن هذه الالية يمكن أن تتولى أيضا إعادة كتابة تاريخ الحزب كتابة علمية وموضوعية من خلال المناهج المعتمدة عند المؤرخين . تبنى من خلال تقاطع الروايات والمغارنة بينها وتقلل إلى أبعد قدر ممكن من المقاربات والقراءات الفردية …