حوار مع المنشد محمد سعيد الأشهب: صوت المديح المغربي الذي يعبر الحدود وينقل رسائل السلام والمحبة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

حاوره عبد الله مشنون 

 

 

في إطار سعي إيطاليا تلغراف المستمر للتعريف بالكفاءات المتميزة في مختلف الميادين الفنية، الثقافية، والجمعوية، ارتأت مؤسسة إيطاليا تلغراف الاعلامية أن تسلط الضوء هذه المرة على أحد الأسماء اللامعة في مجال المديح والسماع الصوفي، المنشد المغربي محمد سعيد الأشهب.

المنشد الذي تألق في محافل عدة، داخل المغرب وخارجه، كان أبرزها حضوره في مدينة طورينو الإيطالية برفقة مجموعة الإمام الرفاعي المغربية التي يترأسها، حيث أبدع في إحياء أجواء روحانية عميقة أبهرت الحضور.

وخلال جولته التي شملت مدنا إيطالية أخرى مثل بياتشينزا، فيرونا، وسورينسا، التقينا به بمدينة طورينو ليحدثنا عن تجربته ومسيرته الفنية، ويشاركنا رؤيته حول قضايا الفن والتراث والجالية المغربية في المهجر.

إليكم نص الحوار الذي أتحفنا به المنشد محمد سعيد الأشهب:

سؤال1: بداية، كيف أثرت بيئة المديح والسماع داخل الأسرة على تكوينك الفني؟

 بداية أوجه الشكر الجزيل لمؤسسة إيطاليا تلغراف الاعلامية على استضافتها لي في هذا الحوار الصحفي، ومن خلالكم أشكر جميع القائمين على الأنشطة الثقافية والفنية بالمؤسسة خصوصاً الجالية المغربية والعربية المسلمة المقيمة هنا بالديار الايطالية، وذلك لكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، عودة لسؤالكم، يمكن أن أؤكد لكم أن البدايات الاولى داخل أسرتي المحافظة والمنحدرة من منطقة جبلية وتحديداً من قبيلة وادراس مدشر زيانش إقليم تطوان والذي كان له تأثير كبير على مساري الديني والفني، أقول الديني لأني استطعت حفظ القرآن الكريم تلاوة وترتيلا وبمختلف الطبوع المغربية منها والمشرقية، وذلك على يد فقهاء أفداد من قبيل الشيخ السي المفضل والشيخ الزكاف وأيضا على يد والدي، وأيضاً الجانب الفني حيث ظهرت علي علامات الموهبة الصوتية في الإنشاد الديني والصوفي منذ نعومة أظفاري، ساعدني في ذلك جدي رحمة الله عليه الذي حفظ ودون ولحن أشعاراً صوفية، فاخترت هذا اللون الفني وبدأت بتعلم أبجديات المديح والسماع بمدينة طنجة مقر إقامتي على يد شيوخ السماع من أمثال الشيخ عبد السلام ناصر رحمه الله والشيخ عبد المجيد بوسلهام رحمه الله والشيخ عبد السلام الزعيم رحمه الله وغيرهم فكانت بذلك للأسرة والعائلة والانتماء دور كبير في مساري الفني.

سؤال2: ذكرت أن لديك شغفا بحفظ القرآن وتعلم تجويده، كيف ساهم ذلك في تشكيل أسلوبك الفني؟

 المعروف في القراءات القرآنية في عموم الوطن العربي والإسلامي أنه يستمد أصوله وقواعده من الطبوع والأنغام، فنجد مثلاً في المغرب عديد القراء يتقنون القراءة بورش عن نافع من طريق الأزرق وهذه القراءة تتيح لك أن تبدع فيها بأنغام محلية مثل نغمة الرصد المغربي المشهورة ببلادنا والتي أبدع فيها المرحوم الفقيه والمقرئ الشيخ عبد الرحمان بن موسى خلال القرن الماضي، والتي تعتبر المرجع عند غالبية الأئمة والفقهاء. كما نجد بالمقابل في المشرق معظم القراء يتقنون القراءة بنغمة الصبا الحزينة والتي اشتهر بها المصريون في مراسيم الجنائز وتقديم واجب العزاء، ولعل أشهرهم قيدوم القراء بمصر المرحوم الشيخ محمد صديق المنشاوي.
إذن إتقانك لقواعد التجويد تتيح لك إمكانية الإنشاد والتغني بالاشعار خصوصاً إذا كان المنشد يحضى بصوت شجي طروب يشنف آذان المستمعين.

سؤال3: حدثنا عن مشاركاتك في المهرجانات الدولية، خاصة في دول مثل إيطاليا، بلجيكا، وسويسرا.
 خلال العشرية الماضية استطعت بمعية ثلة من الشباب المنشدين والمسمعين والفقهاء بمدينة طنجة الموهوبين من تأسيس مجموعة فنية أطلقت عليها اسم “مجموعة الإمام الرفاعي للموسيقى والسماع الصوفي”، وذلك تيمناً بشيخ الطريقة الرفاعية بتونس الشقيقة والذي زرته سنة 2015 بمدينة بئر علي خليفة، وقد أعجبت بطريقته الصوفية الشاذلية المعتدلة. بعدها بدأت بمعية المجموعة في إعداد البرامج الفنية في المديح والسماع والمشاركة بها في مختلف الملقيات المحلية والوطنية التي تعنى بفن المديح والسماع والإنشاد الديني، وكنت في كل مناسبة أشارك هذه التجارب الفنية مع أصدقائي بمواقع التواصل الإجتماعي فلاحظت اهتمام العديد من الفنانين والجمعوين باللون الفنيّ الذي أختص به، فأصبحت المنادات عليا من داخل أرض الوطن وخارجه، وبإذن من الله استطعت المشاركة في إسبانيا سنة 2021 من خلال سهرات إفطارية رمضانية مع مؤسسة إبن بطوطة ببرشلونة، وأيضاً في بلجيكا سنة2016 مع جمعية دار الأندلس ببروكسيل مروراً بسويسرا رفقت صديقي المنشد المغربي الأستاذ محسن نورش سنة 2022 وأيضا هنا بإيطاليا في إطار جولة فنية شملت مختلف المدن. كبياتشنزا وفيرونا وسورزينا

سؤال5: كيف ترى دور الإعلام في دعم وترويج فن المديح والسماع الصوفي؟
 هنا يمكنني الحديث عن تجربتي الشخصية المتواضعة مع الإعلام المغربي، من خلال استضافتي من قبل بعض الإذاعات المحلية والوطنية في مختلف الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية لإحياء أمسيات فنية مباشرة على الهواء، وأيضاً حضور تصوير تلفزي في بعض القنوات المغربية كان آخرها تصوير حلقات في فن المديح الشرقي بقناة محمد السادس للقرآن الكريم، وتصوير حلقة فنية في فن المديح الجبلي بتت على القناة الثانية المغربية بمناسبة عيد الفطر، وبالتالي يبقى الحضور الاعلامي في مجال الفن بصفة عامة وفن المديح والسماع بصفة خاصة ببلادنا متواضعا مقارنةً بباقي الدول العربية، لذلك أوجه دعوة للجسم الاعلامي داخل المملكة وخارجها للاهتمام أكثر بالموروث الثقافي لبلادنا باعتباره رأس مال المغاربة والضامن لهوتيهم، ومحاولة الترويج له إعلامياً بتخصيص برامج إذاعية وتلفزية تعنى به وبرجالاته، ناهيك عن تسخير وسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكالها المكتوبة والمرئية للتعريف بفن المديح النبوي والسماع الصوفي وجعله في متناول الجميع.

سؤال6: ما هي أبرز التحديات التي واجهتك خلال مشوارك الفني؟
مثل كل فنان هناك عقبات وكبوات ومطبات قد تحدث لك بمحض الصدفة وقد تكون تارة بفعل فاعل، لكن التحدي الحقيقي والأكبر في حياتي يبقى هو السبيل لتطوير وتحديث فن المديح الجبلي الذي أتقنه وأختص بأدائه، وتعميمه على أكبر فئة من عشاق المديح النبوي داخل المغرب وخارجه وإعطائه المكانة المرموقة التي تحضى بها باقي الأنماط الفنية الأخرى، وهنا أجدد شكري لكم على الدعوة الكريمة للمشاركة في هذه الجولة الفنية المباركة التي تمثل بالنسبة لي دعماً كبيراً لمشواري الفني.

سؤال7: ما هي طموحاتك المستقبلية؟

 أطمح بإذن الله تعالى أن أؤسّس لنمط فني متفرد ومتميز عن باقي الأنماط المديحية، أولا تعريفا لغنى وتعدد الروافد الفنية ببلادنا، وثانياً لتكوين قاعدة جماهيرية كبيرة محبة للإبداع الفني والثقافي، انطلاقاً من الموروث الشعبي لمنطقة جبالة شمال المغرب، والعمل على توثيقه حفظا وأداء، وجعله إرثاً حقيقياً للأجيال القادمة.

سؤال8: ما هي الرسالة التي تود توجيهها لجمهورك ومتابعيك؟

إلى كل محبي مجموعة الامام الرفاعي للموسيقى والسماع الصوفي، وكل عشاق محمد سعيد الاشهب، أدعوكم للإلتفاف حول موروثكم الأصيل وتشجيع مواهبكم الصاعدة التي تعتبر الضامن الوحيد والحقيقي لمواصلة الحفاظ على ثراث الوطن، لأن مثل هذه الأنماط الفنية تتوارث بالحفظ والتلقين وبالمشافهة من الشيخ الى المريد ومن الأستاذ الى التلميذ.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...