طلحة جبريل
يشغل موضوع السفر بال العالم هذا الصيف، وتحديدًا الانتقال من “هنا” إلى “هناك”. “هنا” حيث يوجد المسافرون، و”هناك” حيث الوجهة التي يأملون الوصول إليها.
لقد تسبّبت تأشيرات الدخول في ضجّة عالمية، والسبب هو أنَّ أصحاب القرار في “هناك” لا يرغبون ببعض الأشخاص الموجودين “هنا”. والمقصود بذلك هم أصحاب جوازات السفر التي لا تسمح لهم بالسفر بسهولة عبر الحدود، سواء كان ذلك من “هنا” إلى “هناك” أو العكس.
تُرى، من الذي ابتكر جواز السفر؟ ولماذا؟ وماذا كان الهدف من هذا الابتكار؟
الغرض من جواز السفر هو السماح للأفراد بالتنقل بين الدول، ولمعرفة كل حكومة عدد مواطنيها الذين خرجوا أو دخلوا، وعدد الأجانب الذين دخلوا وخرجوا، أو دخلوا ولم يخرجوا.
إذن، ما المشكلة في أن تُسلّم لكل شخص عند نقاط العبور ورقة تثبت دخوله أو خروجه؟ خاصةً أن جواز السفر لا يحتوي سوى على صورة صاحبه، ومعلومات مختصرة عن اسمه، وجنسيته، ومهنته، ومكان وتاريخ ميلاده.
يُبرّر موظفو الجوازات هذه الإجراءات بأن زيارة أي شخص لبلد ما يجب ألا تشكّل “خطرًا” على أمن الدولة المضيفة، وكذلك للتأكد من امتلاكه أموالًا كافية لتغطية نفقاته.
ونلاحظ أن أنواع التأشيرات لا حصر لها: تأشيرة إقامة، تأشيرة مرور، تأشيرة خروج، تأشيرة زيارة متعددة، بالإضافة إلى بطاقة إقامة سارية المفعول. ولا يكفي ذلك، بل يجب إحضار أوراق تثبت أن حامل الجواز لديه الأموال الكافية، ووثيقة خلو من الأمراض المعدية (مثل شهادات التطعيم ضد الكوليرا، والجدري، والحمى الصفراء، والسل). في بعض الأحيان، يجب أن تُثبت الأوراق أنه تلقى دعوة للزيارة، وأخرى تؤكد أنه لن يطيق الإقامة إذا ارتأى ذلك. ثم وثيقة تشهد بصلاحية دعوة الزيارة تُصادق عليها أقرب بلدية، وشهادة من البلدية تُفيد بأنه فعلاً يسكن في دائرتها.
والآن، هناك إجراء آخر، إذ على حامل الجواز، حتى لو كان أوروبيًا أو أمريكيًا، أن يثبت بأنه لم يكن في يوم من الأيام سودانيًا، أو صوماليًا، أو ليبيًا، أو يمنيًا، أو إيرانيًا.
بناءً على ما تقدّم، لماذا لا يُلغى جواز السفر بما أنه ليس كافيًا للتنقل؟ ولماذا لا يحمل أي شخص معه “حقيبة” بداخلها كل الأوراق المطلوبة لتسهيل دخوله وخروجه، حتى تكون مصالح الجوازات في خدمة الجميع، طالما أن الجميع في خدمة أوراقها.